مصر بين شعب مشغول ونظام غير مسئول!

المصرى اليوم مشغول بأكل عيشه وياريت بياكل ! وخايف على حاله وياريت مستقر ! وقلقان على أولاده وياريت مطمئن !ومكبر دماغه وياريته مرتاح ! ساب السياسة لأهل السياسة وماحدش ريحه ولا سهل له حياته ! آثر الصمت عندما يتعلق الأمر بحقوقه من الدولة ابتعادا عن المشاكل وراحة لدماغه لكنه لم يسلم من قرارات وقوانين الحكومة التى أجهدته وحرمته من الأمن وحاصرته بالمنع والجباية والحرمان من الحد الأدنى للحياة الكريمة !

وفى مقابل هذا التهميش الذى مارسه أغلبية الشعب المصرى على نفسه لحساب نظام غير شرعى فاسد فى ذاته مفسد لغيره ! لم يقدر الله لهذا النظام أن يفكر بعقل أو حكمة شكرا للنعمة فى إدارة الوطن الذى استولى عليه كأنه ورثه أو لا يوجد من يستحق مكانته إلا هو ومن يختارهم حوله ! فأساء للبلد الذى يحكمه منذ عشرات السنين حتى تدهورت أحواله على كل المستويات الى أسوأ ما يمكن أن يسببه كيان لعدوه وغريمه ! وتأكد افتقاده لمكانته الريادية التى ارتبطت بمصر تاريخيا وجغرافيا ! وأدى أداءا مخزيا فى كثير من القضايا أخطرها على الإطلاق على المستوى الخارجى موقفه من القضية الفلسطينية التى أستولى عليها فى رام الله فريق يشابه فريق الحكم فى مصر من حيث افتقاده للشرعيتين الشعبية والقانونية ! وكلاهما مدعم من أمريكا والكيان الصهيونى !

فلايذكر الأمن القومى المصرى ولا يبدو الخوف عليه إلا عند الحديث عن خطورة الإخوان المسلمين فى مصر !وحكم حماس فى غزة ! فالأول جاء صراحة على لسان الرئيس مبارك " أن الإخوان خطر على الأمن القومى المصرى !! وقال وزير مجلسيه الدكتور شهاب "أن الإخوان أخطر على مصر من إسرائيل" والثانى يتم حصاره ومطاردة من يقدم له مساعدة لتخفيف الحصار وانقاذ مليون ونصف نفس بشرية مصر مسئولة عن حمايتهم بحكم القانون والجيرة والانسانية والاسلام والعروبة !!

ثم تطور الأمر الآن لإقامة جدار العار الفولاذى لمنع الأنفاق وحماية الأمن القومى المصرى كما يردد ببغاوات النظام الرسميين والإعلاميين !! ولم نسمع عن خطر يهدد الأمن القومى المصرى من اعتداءات الكيان الصهيونى على الحدود المصرية وقتل أكثر من 16 جندى مصر وأصابت أكثر من 12 جندى ولا من امتلاك الكيان أكثر من 300 قنبلة نووية ولا من خطر انفصال جنوب السودان لحساب فصل طائفى ولا من تخلف فى التعليم يهدد الأمن القومى ومستقبل البلاد ولم يفكر النظام فى خطورة انهيار القيم على أمن مصر الداخلى بل لم يفكر النظام فى استيعاب أبناء الوطن الواحد ليحقق فيهم العدل والمواطنة بل وظف شعار الاستعمار فرق تسد ليسيطر به على الجميع ! وبناءا على هذا التصور الخاطئ لمفهوم الأمن القومى المصرى الذى يحتاج الى إعادة تحرير حيث تقلصت حدود مصر التى يخشى عليها الى حدود كرسى الحكم فكل ما يهدد استمرار نظام مبارك تمديدا أو توريثا فهو يهدد الأمن القومى المصرى المأسوف على معناه والذى ضاع بين أمن النظام وأمن مصر الوطن !!

قد يتجج البعض فى تفسير العلاقة الذيلية لنظام الحكم فى مصر بالكيان الصهيونى والإدارة الأمريكية بان هناك معاهدة سلام واجبة الإحترام حتى لو مثلت خطرا على الأمن القومى المصرى بتفريغ سيناء من كل مشاريع التنمية الحقيقية وتفزيع أهلها على الدوام وتفريغها من الأمن والسيادة فى ظل وجود عسكرى أمريكى ودولى ورغم أن المعاهدة تحقق حماية دولية لنظام خدم الكيان الصهيونى بأكثر مما تخيل وطالب – كما شهد بذلك رجال الحرب الصهاينة أثناء مذبحة غزة !!

- لكن هناك نمازج أخرى مشرفة وترفع قدر المسلمين فى تعاملها مع الكيان الصهيونى رغم وجود علاقات دبلوماسية بينهما منذ فترة أطول من تلك التى بين النظام المصرى والكيان المغتصب وهى تركيا ورجب طيب اوردجان الذى يحمل إباء المسلم وشرف الانتساب الى حضارة اسلامية انسانية تاريخية لا تخطئها عين أو عقل ، فقد وضع اوردجان مصالح وطنه فوق كل شئ ! والسر فى ذلك هو حجم الشرعية التى يحوذها النظام التركى مفوضا من الشعب التركى فى حماية القوات المسلحة  وتلك القوة التى يفتقدها النظام المصرى الذى جاء بالتزوير دون إرادة الشعب المصرى محتميا بقوى الأمن المختلفة فأسس لنفسه شرعية فاسدة شعبيا وقانونيا!! وقد كان ذلك سببا فى أن هذا الرجل الذى لم  يرتعب أو يخاف على تلك المصالح والعلاقات مع الكيان الصهيونى فقد وجه انتقاداته الحادة إلى المواقف الإسرائيلية وسياساتها العدوانية تجاه شعبنا الفلسطيني والشعوب العربية فى دافوس على الملأ !!

ومن قبل رفض تقديم أى خدمات لوجستية لتسهيل مهمة القوات الأمريكية لغزو العراق مرورا بالأراضى التركية وما فيها من قواعد أمريكية بعد أن عاد للبرلمان وضن عليه بالموافقة !  ولم يكتف أوردجان بإدانة الهجوم الصهيونى وأتهامه بارتكاب جرائم حرب فقد سيرت تركيا  قوافل إغاثة شارك فيها برلمانيون أتراك الى شعبنا المحاصر في قطاع غزة،وبالمقابل كان النظام المصرى يمنع ويعرقل دخول تلك القوافل الى قطاع غزة،بل لم يتورع عن قمعها واعتقال المشاركين فيها !!!!

إذن ليست المعاهدة قيد على حماية الأمن القومى عندما يعقدها وينفذها الأحرار وليس عبيد المناصب والدولار! فما الفارق بين أوردجان وجول ونظيف ومبارك ! هؤلاء أحرار شرعيون وأولئك طالبوا العفو والبقاء والحماية من الخارج لأنهم لا يتمتعون بالشرعية التى تساند وتدعم أصحابها !! اليوم أوردوجان ينتظر الرد من الكيان الصهيونى بالإعتذار لإهانة سفيره فى تل أبيب وقد حدث  بينما غيره ينتظر الرضا والسماح للتمديد أو التوريث بعد ما تم تنفيذ المطلوب منه وزيادة ولن يحدث ذلك بإذن الله !

فى ضوء هذا الاستسلام من أغلبية الشعب المصرى لنظام لا يستحق الإحترام ولا الخضوع لانتفاء سبب العلاقة التعاقدية التى تسمح للنظام بحق إدارة الشعب فى مقابل تحقيق كافة مطالبه التى تحقق له معيشة حرة كريمة عادلة ! وجب على الشعب المصرى إعادة التفكير فى التعامل مع نظام يتسبب الان فى إهانتنا جميعا فى الداخل والخارج كى يطالب بحقه بقوة ولا يتنازل عن الحد الأدنى لحياة تليق ببشر فضلا عن شعب هم من خيرة أجناد الأرض ولهم بالرسول صلى الله عليه وسلم نسبا وصهرا ! وجب عليه الدفاع عن قيمه وأخلاقه وحضارته التى تنهار على يد حكام هذا الزمان وصبيانهم فى ظل انتشار الفساد والظلم والطغيان وحماية وجودهم وسط الشعب المصرى كى يصاب بإحباط وقنوط فيفقد الأمل فى الإصلاح والتغيير الى الأحسن وهو أمر قابل للتحقيق بشئ من النية الخالصة لله للأمر بالمعروف وعمل الخير والنهى عن المنكر ومقاومة كل صور الفساد وبشئ من التنظيم وقدر من التفاؤل بالقدرة على تحقيق هذا الإصلاح والإيمان بقدرة الله على معاونة ودعم أهل الخير والصلاح عملا بقوله سبحانه وتعالى " إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب" ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم

دكتور محمد جمال حشمت

15 يناير 2010

g.hishmat@gmail.com

إضافة تعليق