عذرا للنظام المصرى!

أعترف بأننا كشعب مصرى ظلمنا هذا النظام الجاسم فوق صدورنا دون إرادة منا تحت حماية أمنية داخلية وأخرى خارجية!

 فقد ظلمناه عندما تصورنا أنه عاجز عن تعمير سيناء طوال عشرات السنين رغم وضع الخطط والتصورات الفعلية لبناء قرى ومدن فى سيناء ومشاريع تنموية تكلم عنها الوزير حسب الله واللواء صلاح الدين سليم يرحمه الله !

لكنى اكتشفت أن النظام المصرى يخشى أن يعمر سيناء ليقطنها ملايين المصريين دون أن تملك الدولة القدرة على حماية أبنائها فى ظل اتفاقية كامب ديفيد التى تمنع وجود جيش مصر في معظم سيناء وتهمش وتحصر وجوده في منطقة محدودة بمحاذاة القناة وخليج السويس بما فى ذلك وضعه تحت رقابة وتفيتش أمريكي مما أبقي حدود سيناء الشرقية وسيناء كلها بلا حماية مصرية !!! لذا فلن يتم تعمير سيناء دون التمرد على اتفاقية حصار مصر !

ظلمناه أيضا يوم تصورنا أنه فشل فى إدارة البلاد وفرق بين المصريين وحاصرهم وحرمهم من حرياتهم بينما هو يحقق نجاحا كرويا وفوزا مستحقا وينجح فى رد اعتبار مصر كرويا فيخرج المصريون فى وقت واحد وعلى قلب رجل واحد دون اتفاق فى الشوارع فى حماية الشرطة حتى الساعات الأولى من الصباح !

ظلمناه عندما تصورنا أنه تخطى العلماء والشرفاء أو حاصرهم ولم يمنحهم سوى الوعود والحديث عنهم والإشادة بهم بينما يتم إقصاءهم وحرمانهم من الحد الأدنى للمعيشة الكريمة أو البحث العلمى الجاد فإذا به يشترى البعض منهم ويقدمهم فى صفوفه الأولى بعد أن تم استئنساهم فى مناصب عليا لأن هؤلاء هم الأحق بالصدارة انسجاما مع النظام ورغم أنهم فقدوا مصداقيتهم إلا أن هذا خدم فكرة الاستقرار والبقاء التى لا تروق للكثير منا نحن المتعجلين !!

ظلمناه عندما عارضنا التوريث فى الحكم رغم أن كل المهن تسعى الآن لتقنين فكرة التوريث !! بل ويقاتل الجميع – فى ظل البطالة- الى التمسك بها وإقرارها كحق مكتسب !

ظلمناه عندما اتهمناه بممارسة التعذيب على أيدى جهازه الأمنى بينما هو يستكمل برنامجه فى إحكام الحصار على الشعب الذى يتعذب منذ بداية يومه الى نهايته ! وهى سلسلة لاتنتهى من المعاناة خاصة بعد أن صار الشعب المصرى لايتصور حياته بلا عذاب أو حرمان أو إهانة كأنها أساسيات لا يستطيع أن يحيا بدونها للأسف الشديد!

ظلمناه عندما ظننا أنه لايستجيب للمطالب الإجتماعية لفئات الشعب المختلفة تحسينا لمعيشتهم التى ضاقت بفعل قوانين النظام التى افتقدت للعدل فى توزيع الأجور وأهدرت الثروات لكن بعدما رضخ القضاة والصحفيين وكثيرين غيرهم لضغوط الحكومة وجاءوا برجال النظام فى انتخاباتهم من أجل تحسين أوضاعهم والأمر قابل للتكرار ! وجدنا أن إمكانيات النظام لا تسمح بالاستجابة لكل الفئات المطحونة لقلة الموارد مما دفعه الى سن قوانين غير دستورية لجباية الأموال كالضريبية العقارية والمرور وفى الطريق خصخصة التأمين الصحى ومحطات توليد الكهرباء!

هل يا ترى فعلا إحنا ظلمنا النظام الذى جعل المصريين يخرجون من بيوتهم عندما نسترد اعتبارنا فى مباراة كرة ! ويلزمون بيوتهم عندما تهدر كرامتنا لخروجنا من التصنيف العالمى للجامعات وتخلف البحث العلمى ! لم يخرج أحد عندما تم تعديل الدستور للأسوأ ! ولم يخرج أحد أو يجرؤ على الإعتراض عندما قتل الصهاينة أكثر من 20 مصريا وأصابوا أكثر من 16 على الحدود ! ولاعندما شاركت مصر فى الحرب على غزة وحصارها ! الشعب المصرى الذى انتفض للكورة فرحا فى زمن عز فيه الفرح ! بينما غرق فى سبات عندما زور النظام أصواته فى كل الانتخابات التى أجريت منذ ثلاثين عاما وأكثر! هل هو ظالم أم مظلوم ؟ وهل التغيير – لما نقول تغيير- يصبح واجبا فى حق الشعب أولا بما يستغرقه من وقت أم واجبا فى حق من ضيع الأمانة التى أؤتمن عليها أو استولى عليها ! وهل تترك الأمور فى يد من يملك ردعا أم من يملك حقا !

لقد تأكد فشل النظام المصرى فى جمع المصريين على هدف قومى يستحق التعبئة من أجله لأن أهم شروطه وجود حكم رشيد يتسم بالعدالة والحرية والمساواة واحترام حقوق الانسان وإذا ظن البعض أن هذا الرشد موجود فقد ظلم النظام والشعب فعلا ! ويبقى إيجاد الحكم الرشيد سابق لتبنى أى مشروع قومى !فإذا استمر الحال كما هو فلن يبقى للمصريين سوى الرقم القومى بهدف أمنى يعنى بحصر وحصار المصريين دون أى استعمال أخر يحقق الشفافية ويمنع التزوير!

دكتور محمد جمال حشمت

g.hishmat@gmail.com

31 يناير 2010م

إضافة تعليق