نحو حركة اسلامية راشدة سلسلة مقالات فى طريق ترشيد العمل التنظيمى

هموم الداخل والخارج في رمضان (1)

فى كل عام يأتينا شهر رمضان المعظم ، مدرسة التربية والإعداد للمسلمين، ورغم قلة عدد ما قضاه المسلمون مع الرسول - صلى الله عليه وسلم- من شهور رمضان، إلا أن رسالة الشهر قد وصلت على حقيقتها إلى المسلمين، بل لقد حصدوا نتاج ما تربَّوا عليه، وما اكتسبوه من خير؛ جزاء إخلاصهم، وفهمهم، ووعيهم برسالتهم، لذا، لا نتعجب، إذا كانت أعظم انتصارات المسلمين قد حدثت في شهر رمضان، على مدار التاريخ.

فما بال الشهر الكريم، ما زال يزورنا سنويًّا، وما زالت خسائرنا تزداد عامًا بعد عام!!، ما بال الأعداد التي تتعبد إلى الله بالنوافل تتكاثر، بينما أعداء الأمة يزدادون تمكنًا من رقابنا، في أماكن شتى!!، تلك وأسئلة أخرى كثيرة، تمر عليَّ، وعلى كل مسلم مهموم بشئون أمته، هل نحن في إقبال أم في إدبار، في علاقتنا مع الله - تبارك وتعالى-، رغم كل مظاهر العمل الصالح الذي نقدمه؟!.

الحقيقة، أني بحثت في نعم الله علينا، تلك التي لا يمكن حصرها (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، فوجدت أن أعظمها ثلاث:-

النعمة الأولى: نعمة الإسلام التي هدانا الله إليها، بلا حول منا ولا قوة، فلا دراسة لأديان مقارنة، ولا نظر بحَيْرَة في الكون، بل لقد منَّ الله علينا، فوُلدنا لأبٍ مسلم وأم مسلمة، ومن شأن النعم التي تأتي بلا جهد وتعب، أن يفتقد صاحبها الإحساس بقيمة النعمة؛ التي يرفُل فيها، وهنا يتغلب أحيانًا، إلف العادة، فلا نستشعر عظم النعمة؛ التي يحسدنا عليها الآخرون.

والنعمة الثانية: هي نعمة الطاعة؛ حيث خلق الله - تبارك وتعالى- أهل طاعته، وأهل معصيته، من أهل الإسلام، ولا شك أن أهل الطاعة أقرب إلى هموم الأمة، ممن انشغل بنفسه.

والنعمة الثالثة: هي نعمة الدعوة إلى الله، تلك هي المهمة، أن تصلح نفسك، وتدعو غيرك، وهو ما اختص به الله أمة محمد - صلى الله عليه وسلم- (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).

وحق على كل مسلم، أن يشكر الله على هذه النعم، وهو ما يتجاوز شكر اللسان إلى العمل (اعملوا آل داود شكرًا، وقليل من عباديَ الشكور) وهنا مربط الفرس، فإذا ازداد عدد الشاكرين بالعمل اقتربنا من الله أكثر، وحصدنا أجر ذلك في الدنيا والآخرة (فتح من الله ونصر قريب) (لئن شكرتم لأزيدنكم)، تلك هي معادلة النصر (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب)، فهل وعينا هذه المعاني؛ حتى ندرك بحق استحقاقات النصر والتمكين، وتتضح لنا خرائط النصر والهزيمة!.

إن المشكل الذي يواجهه أبناء الإسلام، وفي القلب منهم أبناء الحركات الإسلامية، هو مواجهة النفس ومراجعتها، وتصويب اتجاهات الدفة من آن لآخر (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، فكان تغيير النفس مقدمًا على تغيير الواقع، باختصار، هموم الداخل تحتاج إلى وقفات، وهي أخطر من هموم الخارج، وكيد الأعداء الذى يستدعى الهمة والعزيمة.

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

إضافة تعليق