عندما يقول مفيد كلاما غير مفيد !

غالبا ما توجه تهمة تعطيل الدستور وتهديد السلام الاجتماعى وازدراء القانون للمنتمين لجماعة الإخوان المسلمين رغم يقينى وهو معلوم من الواقع بالضرورة أنهم مؤمنون جدا بالدستور خاصة قبل تعديله بالتزوير الذى شمل 34 مادة من مواده فى محاولة لإقصاء الإخوان والقضاة من الحياة السياسية فى مصر وتكريسا لنظام مبارك واستمراره فى الحكم بشكل قانونى دستورى ! ورغم ذلك فإن الإخوان وأغلبية الشعب المصرى يتمسكون بالدستور خاصة ما تبقى فيه مدعما للحريات العامة والشخصية والحقوق الانسانية  والمرجعية الاسلامية  ،

وهم فى ذلك يتحملون كافة أشكال الأذى النفسى والمادى لإصرارهم على شعار المرجعية الدستورية "الإسلام هو الحل" وما زال الإخوان يصرون على إنشاء حزبا سياسيا مدنيا بمرجعية دستورية اسلامية ورغم ذلك توجه التهم لهم جزافا على غير الحقيقة بينما رئيس الوزراء يعلن على الملأ مرتين أن مصر علمانية هكذا بكل وضوح مخالفا الدستور الذى أقسم على احترامه ! وياليته فهم من العلمانية الحريات وتداول السلطة وحماية حقوق الانسان لكنه فقط فهم أنها فصل الدين عن السياسة وإقصاء الأخلاق عن الممارسة السياسية والثقافية والفنية!!

أما الوزير الدكتور مفيد شهاب فأمره أعجب عندما صرح فى لقاء مع أعضاء روتارى الشروق – كما جاء فى جريدة الدستور 25 فبراير2010-  بقوله :" أكدت لدول العالم أمام المجلس الدولى لحقوق الانسان أن مصر تنادى بحرية الأديان ، وأن مصر ليست دولة دينية، وكتابة الاسلام فى البطاقة إنما هو إشارة الى أن أغلبية السكان فى مصر مسلمون ، وليس لأننا نطبق الاسلام ، فمصر دولة مدنية لا تطبق الاسلام فى معاملاتها والمسلم والمسيحى متساويان، إلا فى الأحوال الشخصية الخاصة لكل منهما ، وأكد أن مبادئ الشريعة الاسلامية ليست إلا مظهرا رئيسيا لا إعمال لها إلا فى الأحوال الشخصية مشيرا الى أن مصر بها 1500 بهائى لهم احترامهم " !!!!!!!!!!!

وهذا الكلام لو صح لوجب تحويل الدكتور الى النيابة العامة بنفس التهم التى توجه للإخوان لأن ما قاله تعطيل للدستور وتفسير ما أنزل الله به من سلطان لايقول به طالب فى كلية الحقوق !!! هذا التناقض الواضح فى حديث وزير الشئون القانونية حيث أثبت علة ذكر الديانة فى البطاقة ليعرف المسلم من المسيحى كإشارة لدين الأغلبية وهو ما عجز عن تبرير لماذا يشار الى أن الأغلبية مسلمة طالما الدول علمانية بتصريح رئيس الوزراء ولا تطبق الاسلام كما ذكر الوزير شهاب ؟!   وكيف أن شرائع الاسلام كلها التى أنكرها الدكتور مفيد وقبل منها فقط الأحوال الشخصية لا تطبق فى معاملات الدولة والأفراد رغم علمه بأن أى تشريع يخالف أى حكم من أحكام الاسلام غير دستورى ! ورغم قوله فى نفس اللقاء أنه تم رفض إلغاء عقوبة الاعدام وهو يعلم أنها تستخدم ضمن الحدود فى الاسلام ولا يمكن إلغائها إلا بتعديل دستورى !! ويعلم الدكتور مفيد أن البابا شنودة لم يمتثل الى أحكام القضاء فيما يخص الزواج والطلاق بين الإخوة المسيحيين تنفيذا لنص المادة الثانية التى تلزم الدولة بتطبيق قوانين الأحوال الشخصية لكل من المسلمين والمسيحيين بما لا يتعارض مع ديانتهم ! وأن مدنية الدولة تعنى بشرية الاجتهاد بما يناسب الواقع احتراما لدولة المؤسسات وللحريات ولحقوق الانسان وسيادة للقانون ووضعية القوانين التى لاتخرج عن قواعد ومقاصد المرجعية العليا للدستور وهى الشريعة الاسلامية بعيدا عن مفهوم الدولة المدنية التاريخى الذى نشأ نتيجة فصل الدولة وشئونها عن هيمنة الكنيسة وتدخلاتها !وهى هنا تعنى ما يقصده السادة الوزراء بعلمانية الدولة وهو تفسير يعارض الدستور وعقيدة أغلبية أبناء الوطن والتى تعتبر فى نفس الوقت معيار احترام وحماية وحرية كل المصريين على مختلف أديانهم !

و لا أدرى لمن يتوجه الدكتور مفيد بهذا الحديث غير المفيد والخاطئ من حيث الشكل والمضمون هل للداخل أم للخارج أم أن قناعته الشخصية وقناعة الحكومة التى تسير الأعمال لصالح لجنة السياسات التى تحكم باسم الأسرة الحاكمة هى التى يتحدث بها ؟! وهنا يصبح الأمر أكثر من خطير لأن حركة الحكومة والنظام فى عكس اتجاه السير لأغلبية الشعب المصرى مما يؤدى لمزيد من الاحتقان والغضب والاتجاه ناحية العنف تعبيرا عن الغضب أو مواجهة لحالة الانفعال والقهر الذى يعانى منه المصريين فى ظل استمرار الأداء الفاشل لحكومة العجز التى تحكمنا !

يا دكتور مفيد كلامك غير مفيد بل ضار جدا على الصحة والعقل والدين والدنيا واعلم أن المناصب زائلة وقدر الانسان فى ظل نظام الفساد والاستبداد يتناقص ويتضائل باستمرار ولن يترك النظام احدا ممن خدمه إلا بعد أن يحترق وكنا نتمنى لك لدماثة خلقك ازدهارا لا احتراقا والكيس من حاسب نفسه وسيد الشهداء من قال كلمة حق عند سلطان جائر ولاحول ولا قوة إلا بالله العظيم

دكتور محمد جمال حشمت

g.hishmat@gmail.com

27 فبراير 2010م

إضافة تعليق