الأمية ومكاسب مصر!

لاشك أن نسبة الأمية فى مصر وعدد الأميين يمثل فضيحة للنظام المصرى ونحن فى القرن الواحد والعشرين ! ورغم أن دولا كثيرة بلغت فيها نسبة الأمية أقل من مصر (42%) مثل اليمن (39%) والمغرب (39%) وأعتقد أنها وصلت الى الصفر فى فلسطين ! والعجيب هو نظرة النظام المصرى الى خطر الأمية  وتأثيره على خطط التنمية بإهمال شديد واستهانة تجعلنا نؤكد أن النظام المصرى يشجع الأمية ويسعى لانتشارها ! بعيدا عن محاولات حكومية ضعيفة لمحو أمية الكبار و التى تعانى من الإهمال وقلة المخصصات التى تنخفض عام بعد عام !

ومن المؤسف أن الأعداد البسيطة التى يتم محو أميتها من الكبار طوال عام تقل كثيرا عن أعداد المتسربين من التعليم من الصغار ! وكما هو معروف من فساد الإدارة فى مصر فإن مشروعا لمحو الأمية  للكبار كان يوفر تمويلا لكل من يقتحم هذا المجال بعدد المنتفعين ولكن تم إقصاء الجادين وتم تزوير الأوراق ووضع أسماء وهمية لتحصيل أموال بغير وجه حق وفى غياب رقابة جادة فشل المشروع وتم إلغاؤه !! وهذه الآفة وحدها تكفى لإقالة أى حكومة فى أى دولة تحترم أبنائها وتنشغل بمصالحهم وتخطط لمستقبلهم !

لكن السؤال لماذا ينظر النظام المصرى لقضية الأمية بهذا الإهمال؟ رغم أن حل المشكلة لا يتطلب سوى حشد الطاقات وتحديد فترة زمنية وإعلان حملة قومية يشارك فيها الشباب فى كل مكان مقابل حوافز تكفى لإنقاذ الأميين والشباب فى نفس الوقت ! لكن يبدو أن قيادة شعب أمى أسلس ! وتشويش إرادته بإعلام فاسد بعيدا عن فرص معرفة الحقائق التى تنشرها بعض الصحف  تحقق أهداف النظام لتشويه وتزوير التاريخ !

كما يبدو المأزق الأهم وهو تفريغ قوات القمع التى يدير بها النظام الحياة فى مصر من أهم روافدها من الأميين المعزولين عن أحداث الوطن والذين يشكلون البنية الأساسية لقوات الأمن المركزى ، قوات القهر والعار التى ما استعملت إلا فى خنق الحياة فى مصر وتكبيل المصريين وإهانتهم ! فهل من المصلحة أن يقرأ ويكتب كل المصريين ! وكيف يحقق الحزب الحاكم خطته فى تكبيل الو طن والاستيلاء على ثرواته والبقاء والاستمرار فى الحكم بأى ثمن ؟ يبدو أن خسائر الحزب الوطنى من محو الأمية  أكبر من المكاسب ! أما مصر فلها الله وأبنائها المخلصين وحسبنا الله ونعم الوكيل

دكتور محمد جمال حشمت

13 مارس 2010م

إضافة تعليق