مسلسل الجماعة وفيلم 11 سبتمبر

لاشك أن هناك فى الولايات المتحدة الأمريكية  اليوم اتجاها قويا يحمل الكيان الصهيونى فى فلسطين المسئولية الكاملة عن تشويه صورة أمريكا أمام شعوب العالم خاصة العالم العربى والاسلامى بسبب مواقفها المستفزة والمتطرفة حيال الشعب الفلسطينى وحصاره واستمرار القتل والاعتقالات فى صفوفه ومن المناسب جدا أن يدرك العرب هذه الفرصة لإشعار أمريكا بالخسارة الحتمية فى ظل الدعم الاستراتيجى الدائم لهذا الكيان الاستيطانى الخبيث فى جسد الأمة ! وأيضا لاشك أن أمريكا وباحثيها ومفكريها قد أدركوا أن ماحدث لهم فى الحادى عشر من سبتمبر 2001 م كان سببه الرئيسى هو الدعم الأمريكى الذى تقدمه لحكام العرب الظالمين وأنظمة حكمهم الفاسدة المستبدة ! وأنه لو كانت هناك حريات ومناخ ديمقراطى يسمح بتداول سلمى للسلطة بين ابناء الشعب الواحد عبر انتخابات نزيهة ما دفعت أمريكا ولا الغرب ثمن هذا الاستبداد فى بلاد العرب والمسلمين !!! ولأن المتهمين فى الهجوم على أمريكا فى 11 سبتمبر كانوا من الاسلاميين ، فقد انشغل العالم كله وخاصة الأمريكان بالاسلام أصوله وعقيدته وأركانه وتاريخه ! وكان المتوقع أن يغضب الأمريكان ويتفقوا على معاداة كل ما هو مسلم واسلامى بغض النظر عن حقائق هذا الدين ! لكن الله أراد أمرا أخر سبحانه وتعالى فقد أقبل العديد من أهل الغرب على الاسلام عبر المراكز الاسلامية التى أحسنت استقبال السائلين ووفرت لهم إجابات على كل أسئلتهم  وكان رد الفعل العجيب الذى لا يتمشى مع الفعل والمقدمات  هو دخول ألاف الأجانب  فى دين الاسلام أفواجا بعد دراسة ومراجعة وعقل وروية فالحمد لله الذى لا يحمد على مكروه سواه !

ولعل هذا ما قدره الله سبحانه وتعالى حين نظر الكارهون للتيار الاسلامى وفى القلب منهم الإخوان المسلمون ، أولئك الذين لا يهضمون وجود الاسلام فى الشارع وانتشار الإخوان وسط الشعب ، فقرروا أن ينتجوا مسلسلا يتحدث عن الجماعة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا !  وهو أمر لايستطيع أن يتحمله فرد مهما كانت قدراته لأنه جزء من تاريخ مصر وليس من المقبول أن يتصدر لكتابته أحد الكارهين لهم والمجاهرين بذلك فى كثير من الندوات التى كنت طرفا فيها ! ولعل ما فعله الرئيس السادات حين أصر على كتابة تاريخ مصر وشكل لها لجنة على اعلى مستوى ووضع على رأسها نائبه فى ذلك الوقت حسنى مبارك ! وقد قابلت اللجنة كثيرين من رموز الوطن لتسجل ما حدث وتجمع الوثائق ثم فجأة انقطع خبر اللجنة ولم نر لها منتجا ! ثم فاجئنا السينارست وحيد حامد بإصراره على كتابة مسلسلا يحكى قصة الجماعة من وجه نظره دون أن يطلب معلومات من أهله أو إخوانه أو تلامذته  ولم يخبر أحد بمصادره ! بل لم يسمح لأحد بالإطلاع على السيناريو رغم مطالبة الاستاذ سيف الاسلام ابن الإمام حسن البنا الوحيد بحق الأسرة فى الإطلاع على ما سيقال عنه بشكل درامى مؤثر فى وجدان المشاهدين فى كل أنحاء مصر والعالم ! وهنا نستطيع أن نتوقع كيف ستكون الصورة خاصة وأن موسم الهجوم والتعدى على الإخوان قد بدأ كمقدمة لانتخابات البرلمان باعتبار أن حالة الحوار السابقة التى جمعت كل الكارهين لم تنجح فى تشويه صورة الإخوان ولم تسمح لأحد بالدفاع عنهم ! وهنا كان لابد للجنة السياسات ان تحولها الى حالة دراما كما نصحهم محترفوا التسويق الاعلامى عسى أن يفقد الإخوان رصيدا كبيرا لهم فى الشارع بعد عرض المسلسل الذى تعمدوا أن يكون من ثلاثين حلقة للضغط على أعصاب المشاهدين وتكرار معانى بعينها لتترسخ فى عقولهم باعتبار أن التكرار و الإلحاح سينجز لهم مبتغاهم لإقصاء الإخوان من المنافسة !! كأن الحزب الوطنى ولجنة سياساته تهتم باتجاهات الرأى العام وتود إجراء انتخابات حرة نزيهة فتسعى إلى تشويه صورة المنافس من أجل أن تفوز فى الانتخابات وهذا أمر غير حقيقى وهو ما يفتح باب التساؤلات لماذا هذا المسلسل ؟ وما تأثيره المحتمل على صورة الإخوان فى مصر والعالم العربى ؟

أما من ناحية الأهداف فيمكن اختصارها فى الآتى بغير حصر:

1- اثبات بداية الإخوان الدينية ثم انحرافهم الى الاهتمام بالسياسة !!

2- عمالة الإخوان لأعداء الوطن وتلقيهم رشاوى وتمويل خارجى لممارسة نشاطهم فى مصر!

3- طمس جهاد الإخوان فى فلسطين وتحويله الى ممارسة للعنف والإغتيالات داخل مصر!

4- الدفاع عن الصهاينة وكثير من المصريين الذين مارسوا العنف والاغتيالات فى مصر وتوجيه اتهام تاريخ بدء العنف فى  مصر للإخوان !!

5- تشويه نمازج الإخوان ورموزهم واتهامهم بالنفاق والنصب والمتاجرة بالدين من أجل الوصول للسلطة بأى ثمن وهو ما يبطل سعيهم ويزور حقيقتهم عندما يقدمون أنفسهم للإنتخابات بعد المسلسل بشهر واحد !

أما عن التأثير المحتمل فلا أقل مما حدث فى 11 سبتمبر التى فتحت شهية الغربيين للبحث عن الحقيقة فى الاسلام ! فلسوف تزداد أسئلة كثير من المشاهدين لمعرفة الحقيقة  ! لأن وجود الإخوان وسط الناس يكذب كثيرا من الأفكار التى سيسعى المسلسل لتأكيدها والتركيز عليها !

ولسوف تدار مناقشات كثيرة عن دوافع الإخوان وأهداف الإخوان وسياسات الإخوان وتاريخ الإخوان ورموز الإخوان فهل استعد الإخوان للإجابة على هذه الأسئلة ؟ وأعدوا أنفسهم للانتشار وسط الناس لشرح فكرتهم ورد شبهات الدراما المنحازة التى تعرض تاريخ جماعة من أكبر الجماعات فى العالم  برؤية منحازة مصبوغة بالشك والكره والحقد وسوابق الفن المبتذل ! أعتقد ان شاء الله أن هذا المسلسل سيكون فتحا للإخوان لمزيد من الانتشار واالشعبية وتصحيح المفاهيم حول دور الجماعة فى الحفاظ على وسطية الاسلام وحماية شباب مصر من غول التطرف ومزلق العنف الذى تؤدى اليه نمط الحياة فى مصر اليوم نتيجة الفساد والظلم والاستبداد الذى يترعرع فى ظل دراما وحيد حامد ولجنة السياسات!

 ولن تفلح حالة الدراما التى لا تهدف للحق أو تسعى للحقيقة كما لم تفلح حالة الحوار التى تلبست بالغباء والتلفيق وقلة الأدب  فهنيئا للإخوان  بالعمل الجاد فى الوقت الصعب والله على ما أقول شهيد

دكتور محمد جمال حشمت

g.hishmat@gmail.com

9 يوليو 2010

إضافة تعليق