تداعيات انتخابات العار(مصر 2010)

لقد مرت الانتخابات البرلمانية 2010م كما كان متوقعا ولم يخيب الحزب الوطنى الحاكم ظن الشعب المصرى فيه ومارس نفس الممارسات التى اعتاد عليها منذ تقديم أوراق الترشيح حتى يوم الانتخاب مرورا بالدعاية والمؤتمرات اعتمادا على الملاحقات الأمنية وتوظيف المسجلين خطر وأصحاب السوابق بتعليمات أمنية فى مطاردة المعارضين والتضييق على حركتهم  وهذا مما صار معلوما بالضرورة فى كل انتخابات مصرية منذ أكثر من ثلاثين عاما !، وبعيدا عن سرد تفاصيل تابعها الجميع للتدخلات الأمنية والتصريحات الغبية المستفزة لرموز الحزب الوطنى دعونا نسرد النتائج المحتملة لما حدث فى هذه الانتخابات - قصدى اللى كان مفروض تبقى انتخابات – كالتالى:

1- أكدت الانتخابات غياب الرؤية السياسية لدى الساسة المتحكمين فى إدارة دفة البلاد تماما بتمام غياب الحكمة التى صدعوا بها أدمغتنا عند إدارة دفة السياسة الخارجية والتعامل مع أعداء الوطن التاريخيين!

2- أكدت أن الرئيس لا حول له ولاقوة فى إدارة دفة البلاد بتكرار وعوده بالنزاهة والشفافية ثم لا يلتزم بها أحد من مرؤوسيه ولم يترتب على تلك الأفعال المشينة والمفضوحة إعلاميا أى حساب أو مسائلة رغم تعدد الجهات الرقابية التى يمكن أن تكون مصدرا لمعلومات الرئاسة بعيدا عن ممارسى ومتخذى القرارات السياسية التىتورط الرئاسة فى مواقف مشينة لما يجب أن تكون عليه أعلى مؤسسات الدولة المحترمة وهو مالا يرضاه عاقل لبلده

3- تسيطر على تلك العصبة المتحكمة فى القرار السياسى حالة من الاستخفاف بمصداقية الدولة والتزاماتها أمام مواطنيها بممارسات أقل ما يمكن أن توصف به بالقرارات الصبيانية وهذه الحالة تفقد الدولة احترامها أمام شعبها ومن ثم تلجأ لاستعمال القوة والبطش لعرض مشروعاتها وتنفيذ قراراتها  وفرض هيبتها واحترامها

4- أفسدت الفرصة الأخيرة للنظام بمشاركة قوة حية فى الشارع المصرى فى انتخابات برلمان 2010 ليحوز على الشرعية ويؤكد أن هناك فرصة للتغيير عبر صندوق الانتخابات وهو مكمل لفكرة غياب العقل والمنطق السياسى لديها وهو بهذا السلوك يدفع الشعب المصرى نحو البعد عن القنوات الشرعية كفرا بالممارسة السياسية واقترابا لدائرة العنف والفوضى وهو ما يثير الشك فى غاية النظام وهدفه من التزوير وتيئييس الشعب من الممارسة السلمية !

5- تأكد بما حدث من تزوير فاجر أن الانتخابات البرلمانية التى تمت المرحلة الأولى منها باطلة قانونا نظرا لصدور ما يقرب من 600 حكم قضائى لم ينفذ منها الكثير بما فيها ايقاف الانتخابات فى كثير من الدوائر فإذا أضفنا الى ذلك بطلان انتخابات المحليات بأحكام قضائية وبطلان انتخابات الشورى بأحكام قضائية نهائية فنحن الآن أمام كارثة دستورية وقانونية ببطلان الانتخابات الرئاسية وعدم الاعتراف بما ينتج عنها من نتائج !!

6- أدى الحرص الزائد من النظام لتغييب المعارضين فى المجلس القادم الذى سيسمى مرشح الرئاسة الى مواجهة كل رموز المعارضة إخوان وغير إخوان مثل حمدين صباحى وجمال زهران وسعد عبود ومصطفى بكرى وغيرهم ممن لهم صوت عالى ورأى موضوعى وشعبية غالبة حتى تبدو عملية الترشيح وكأنها تحوز الرضى الشعبى بإجماع دون أى معارضة استمرارا لنهج الكذب والتزوير والتدليس الذى أفقد النظام قيمته وهيبته!

7- سيطرت على العقول التى تدير مصر هذه الأيام فكرة حصار الشعب المصرى بنواب يحققون مصالحهم المرتبطة بمصالح النظام الحاكم ورجاله لذا فقد زاد عدد المرشحين من صنفين أولهما رجال الأعمال الذين نهبوا ثروات مصر وكونوا قدرتهم المالية من دماء الشعب المصرى وثانيهما رجال الأمن الذين تربوا على السمع والطاعة العمياء ولو فيها تعذيب أو قتل طالما هناك من يحميهم من المحاسبة والعقاب ! وكلاهما يمارس دوره فى رشوة الشعب الفقير أو البلطجة عليه لو لم يمتثل للمطلوب منه!!

8- لابد فى ظل ما حدث من نجاح لاجتهاد الإخوان فى المشاركة وما ترتب عليه من تعرية النظام وتوريطه وفضحه على مستوى العالم ، من عودة جبهة التغيير الى التآلف والاتفاق على خطوات المرحلة القادمة لإجبار النظام على هدم الرصة التى سعى لترتيبها بعد أن أصابها البطلان قبل أن تبدأ زفة الرئاسة  بفاعليات  تهدف الى تحقيق ضمانات حقيقية قبل أى انتخابات قادمة بما فيها من تعديلات دستورية وقانونية هربا من بطلان انتخابات الرئاسة والفراغ الدستورى المحتمل وقتها

9- على الإخوان إعادة النظر فى أولويات المرحلة القادمة وإعداد ما يناسبها من وسائل وآليات وتقييم التجربة الانتخابية تقييما موضوعيا بعد أن حقق الإخوان معظم أهدافهم من خوض الانتخابات فى هذا المناخ الخانق الذى يديره مجموعة من المبتسرين الذين – فعلا- استنفذوا مرات الرسوب  وحان وقت استبعادهم بعد أن أصابوا أغلبية الشعب بالبلادة وأفسدوا أخلاقهم وافقروهم فصاروا نهبا لرجال أعمالهم وضحايا لرجال أمنهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ولن يضيع حق وراءه مطالب أبدا حتى الموت فى شرف أو الحياة بكرامة

دكتور محمد جمال حشمت

g.hishmat@gmail.com

30 نوفمبر 2010م

إضافة تعليق