استقلال القضاء وأزمة الحكم فى مصر

كان مؤتمر العدالة 1987 هو رد الفعل العملى للقضاة على مذبحة القضاة التى تمت عام 1968 وطوال هذه المدة كان الصمت هو السائد رغم كثرة التعديات على كل أشكال استقلال القضاة حتى تم رصد أكثر من 62 اختراق للسلطة التنفيذية للقضاء بنصوص قانونية وجاء مؤتمر العدالة الأول – والأخير- برئاسة قاضى القضاة الحر المستشار يحى الرفاعى وفى حضور الرئيس مبارك ليطالب باستقلال القضاء والغاء الطوارئ والمطالبة بانتخابات حرة نزيهة مما سبب حرجا للرئيس جعله لايحضر أى مؤتمرات دون السيطرة على المتحدثين بل وتم إلغاء المؤتمر الثانى وكل المؤتمرات بعد ذلك .

وكانت الانتفاضة التالية للقضاة عام 2006 فى مظاهرات القضاة ردا على تحويل المستشارين هشام البسطاويسى ومحمود مكى لجلسات تأديب بعد أن فضح القضاة الأحرار التزوير الذى تم فى انتخابات الرئاسة والبرلمان 2005 م وكان نصيب دائرة دمنهور وزاوية غزال هو الأكبر بعد التزوير الفاجر الذى جرى على يد رئيس اللجنة العامة بالدائرة ليعلن فوز د مصطفى الفقى مرشح مؤسسة الرئاسة فى دمنهور بعد فشله الذريع فى جمع ستة آلاف صوت فى مقابل 33 ألف صوت لمنافسه العبد لله ولم تصمت دولة الفساد والإفساد والظلم والاستبداد فتم محاصرة القضاة وإهانتهم فى الشارع أمام نادى القضاة ثم تم التضييق على أنشطة النادى الذى يسيطر عليه قضاة الاستقلال وتحركت السلطة التنفيذية بكل ما تملكه من ترهيب وترغيب لإقصائهم من النادى وكان لها ما أرادت وفى المقابل استمرت انتهاكات النظام وعدم خضوعه للقانون وسيادة القانون وتطور الأمر حتى تمت تعديلات دستورية متضاربة كان أخطرهم إقصاء الإخوان المسلمون وإخراج القضاة من الإشراف على الانتخابات !!

وظهرت الصورة الشرسة للنظام فى إجراء انتخابات الشورى ومجلس الشعب التى شابها البطلان بأحكام قضائية نهائية لكنه لم يمتثل لها امتدادا لموقفه من القضاء والقضاة وتستمر الأحكام القضائية التى توقف التعامل مع الكيان الصهيونى فى تصدير الغاز ولإخراج ضباط الداخلية من الجامعات المصريةوبطلان عقود بيع أراضى الدولة فى مدينتى وغيرها ورغم ذلك تتحايل الحكومة لتبطل الأحكام وتلتف حولها حتى أحكام وقف احتفالات المدعو أبو حصيرة فى دمنهور والذى تزوره أعداد كبيرة من الصهاينة فى رغبة متأصلة للبقاء وشراء أراضى حول الضريح وقد أبطلت الأحكام القضائية قرار وزير الثقافة بتحويل الضريح الى أثر لتبرير الزيارات الصهيونية وجعلها طوال العام !

وعندما وقفت القوى السياسية اليوم 30 ديسمبر2010 أمام محكمة دمنهور لإعلاء شأن الأحكام القضائية تم اعتقال أعداد كبيرة والاعتداء على بعضهم ومحاصرة الوقفة الرمزية فى إصرار على استفزاز الشعب المصرى الرافض للوجود الصهيونى وتحدى الأحكام القضائية والإصرار على الالتزام باتفاقية كامب ديفيد رغم خرق الكيان الصهيونى لها بدوام ارسال الجواسيس لمصر وتعريض أمنها القومى للخطر !!! حتى صرنا نوقن أن هناك نية وأداء حكومى للتساهل مع الصهاينة وتعاملهم بشكل أفضل من معاملته للشعب المصرى وهذا الإصرار على حماية الصهاينة وهم على الحدود مع مصر وكذلك وهم بداخل مصر حتى لو دفعنا نحن الشعب الثمن دليل على أن النظام يقبض الثمن الأعلى والأغلى ولا حول ولاقوة إلا بالله العظيم

دكتور محمد جمال حشمت

g.hishmat@gmail.com

31 ديسمبر 2010م

إضافة تعليق