نجاحات الثورة وأخلاقها

هذه هى الحقيقة التى يجب أن ننتبه اليها وهى أن استجابة القوات المسلحة لأى مطالب معلوم أنها تتسم بالبطء لذا كان مطلبنا الأول هو اختيار مجلس رئاسى تمثل فيه القوات المسلحة برقم لا يتعدى الثلث لضمان الرؤية الشاملة وانحيازا لمستقبل مصر الدولة التى يجب أن يحكمها المدنيين لا العسكريين ! فلا يمكن أن نخرج من دولة بوليسية الى دولة عسكرية لكن رغم ذلك فقد تحققت انجازات لا يمكن انكارها بل يمكن أن نبنى عليها روحا جديدة تسرى فى مصر والمصريين أخرها إقالة وزارة الفريق أحمد شفيق الذى رغم دماثة خلقه فقد كان عاجزا على اتخاذ قرارات فاعلة ضد المتسبب الحقيقى للثورة أولئك الذين استعملوا العنف والبلطجة أو الذين سرقوا ونهبوا وأفسدوا فلم يحقق أى تقدم خاصة بعد اتاحة الفرصة لهم لتهريب الأموال أو حرق وطمس المستندات فكانت القرارات متأخرة ومعيبة ومثيرة للشك أكثر مما حققت طمأنينة لذا كانت الإقالة فرحة جديدة للشعب المصرى زادها فرحا تكليف الدكتور عصام شرف برئاسة الوزارة وهو من الشرفاء القليلون الذين تولى الوزارات فى مصر ولم يعمروا مع المخلوع مبارك على غير العادة وزاد المصريين فرحة قراره بالتواجد فى ميدان التحرير فى بداية عمله وهو ما يؤكد أن الشعب بدأ يستعيد حقه كمصدر للسلطات فى مصر بعد طول غياب ! نأمل من الوزارة الجديدة أن تفتح وتنهى بعض الملفات الهامة مثل :


01 الإفراج عن المعتقلين السياسيين وشباب ثورة 25 يناير والعفو العام عن القضايا التى أنهى أصحابها أكثر من نصف المدة بحسن سير وسلوك وضبط إيقاع السجون التى تصفى حساباتها مع المسجونين فيها مثلما يحدث من إجرام بسجن الأبعادية بدمنهور


02 الإعلان عن القبض على كل القيادات الشرطية التى أصدرت أوامر إطلاق النار على الشعب المصرى بدأ من 25 يناير ومحاسبة كل من شارك فى هذه المذبحة


03 تفكيك جهاز مباحث أمن الدولة ومحاسبة قياداته على ما اقترفوه من أضرار وإفساد وتهديد لأمن مصر طوال ثلاثين عاما فأشاعوا الخوف والسلبية ونهبوا حقوق المواطنين بعد تهديدهم وقهرهم


04 إعادة هيكلة وصياغة جهاز الشرطة وحبذا لو تولى أمرهم فى هذه المرحلة الحرجة حقوقى سياسى يعيد تأهيل رجال الشرطة مرة أخرى كى ينتشروا فى ربوع مصر بوجه جديد يجعل من شعار الشرطة فى خدمة الشعب شعارا حقيقيا


05 استكمال عودة الجامعات والمدارس والبنوك والبورصة والمصانع والشركات الى سابق عهدها بعد الأخذ بيد من حديد على البلطجة والمنحرفون الذين صنعهم وأطلقهم النظام المخلوع


06 النظر فى الاحتياجات الحقيقية لكل فئات الشعب بعد حل المجالس الشعبية والنقابات العمالية التى لم تحسن تمثيل الشعب نتيجة لتزوير انتخاباتهم وذلك بعمل انتخابات جديدة مع النظر فى بعض القوانين التى يمكن أن تصدر لتسهيل مهمة التمثيل الحقيقى بقرارات لها قوة القانون


07 إتاحة الفرصة لتكوين الأحزاب السياسية الجديدة كى تعمل وسط الشعب استعدادا للإنتخابات البرلمانية التى ستؤسس لصياغة دستور جديد وانتخابات رئاسية بالإقتراع الحر لأول مرة فى مصر


هذا جزء من المهمة العاجلى التى أرى أنه يجب أن تبدأ بها وزارة د عصام شرف


ما أريد أن أضيفه هنا هى روح العدالة والانصاف والتسامح التى يجب أن تسود الفترة القادمة وقفا لتصفية الحسابات أو التشفى أو الانتقام الذى يسيطر على البعض فى ظل انتصار الثورة وهو ما أحذر منه لأن هذا استنساخ من الحزب المحظور الذى أفسد البلاد والعباد فلن نسمح لأحد أن يثير روح الانتقام هذه أو يعيد سياسات الحزب البائد الى الحياة السياسية فى مصر فليقتص القضاء للمظلومين من الظالمين وأغلبهم قيادات هذا الحزب الذين نهبوا وفجروا وتكبروا ولتسود روح التسامح مع الأخرين الذين تم قهرهم على الانتساب لهذا الحزب الفاشل النازى الذى أفقر المصريين ثم اشتراهم خوفا وطمعا ! تلك رسالتى حتى تنجح الثورة وتنال بركة الله التى أحاطت بها منذ البداية فمن يظن أن هذا النظام المسلح الذى ملك كل شئ وجرف أخلاق المصريين وقيمهم وأشاع فيهم الخوف فإذا به يسقط بمظاهرة سلمية لم ترفع سلاحا بل كانت ترفع شعارات سلمية سلمية فكان النصر آية من آيات الله التى يجب أن نقدم لها هذه الروح التى تنشد العدالة والحرية والتسامح تجميعا للجهود وإفشالا لمحاولات إحياء العصبية لدعم ثورة مضادة لن تكون ان شاء الله ينصر من يشاء وهو العزيز الحكيم


دكتور محمد جمال حشمت

5 مارس 2011م

g.hishmat@gmail.com

إضافة تعليق