هيبة الدولة على المحك !

مازالت مشكلة استعادة الأمن فى كل مصر تمثل عائقا لعودة الحياة الطبيعية فالخوف مازال جزءا فى حياتنا اليومية وسلبية جهاز الشرطة تزيد من مساحة الخوف وبمفهوم المخالفة تزيد من ثقة البلطجية بل وتشجع أخرين يرغبون فى ممارسة البلطجة ربما لاستعجال حقوقهم أو لممارسة استثنائية فى ظرف استثنائى يتسم بانسحاب رسمى من الشرطة طال وقته وغاب مبرره ! فقد فوجئنا بتجاوزات كثيرة فى الشارع وفى الغيط، فى المرور وفى الإشغالات بالطرق ،فى المساجد والكنائس، فى الرخص وفى الغرامات المستحقة ولم نجد خطوة واحدة رسمية نحو تغيير الصورة الذهنية عن رجل الشرطة لدى الشعب باستعلائه وعنجهيته فى الأداء وبلطجته فى الحديث وعنفه فى المعاملة وتلفيقه التهم للأبرياء واستحلاله ما لا يستحق ! وقد طاف ضباط ائتلاف الشرطة - وهم أصحاب روح جديدة وعظيمة لاستعادة مكانة ضابط الشرطة - على كافة القوى والأحزاب للتمهيد للنزول للشعب عن طريق الرموز وعمداء العائلات وشيوخ القرى والطوائف ودارت حوارات كان ملخصها " نحن نريد كسر حاجز الخوف والشك بين الشرطة والشعب لا كسر حاجز الهيبة"  لكن عدم الجدية فى محاكمات قاتلى شباب الثورة والعودة الى الإهانات فى المعاملة لا تطمئن !!! وقد عاصرت مشكلة الغياب الأمنى عندما وجدت محلات أسفل العيادة التى أعمل بها قد مدت فرش بضائعها تحت الرصيف فى أماكن وقوف السيارات فى الشارع رغم ندرتها فى هذه المنطقة ! وقد حاول البعض الاتصال بشرطة المرافق فجاء الرد "التعليمات ألا نحتك بالجماهير "!!!! وهنا بدأ البعض يفكر فى تأجير بلطجية لتغيير الأمر الواقع الذى فرض على سكان العمارة وزوارها بدون أى حوار وعندما علمت بالأمر بدا لى أن الحل هو استدعاء روح ميدان التحرير التى كانت سببا لإسقاط نظام القهر والظلم والاستبداد والبلطجة ! واستدعيت ملاك المحلات وكلهم شباب ناجح فى عمله ودار حوار يسوده الحب والاحترام الذى افتقدوه عندما حاوروا أخرين لم يساعدوهم على حل مشكلتهم بل سخروا منهم – وهو أمر مرفوض- لذا لجأوا الى فرض الأمر الواقع بهذا الشكل  - وهو أيضا أمر لا يليق ولا يجوز- وانتهينا الى حل يحقق لهم مطلبهم لإيجاد مدخل ومخرج لمحلاتهم ويعيد الحق لكل الراغبين فى الوقوف فى شارع عمومى لا يحق لأحد أن يستحوذ عليه ! والشاهد هنا هو موقف الشرطة السلبى الذى يثير الغضب ويدعم الاستعانة بالبلطجية لحل المشاكل المترتبة على غيابهم المتعمد ! وهنا يبدو الأمر كأنه درسا من الشرطة للشعب – ونظن أن هذا أمر قد انتهى- لنقل تبعية البلطجية من الشرطة فى عصر المخلوع الى الشعب فى عصر المجهول وما حدش احسن من حد !!!!!!


الموضوع بكل وضوح أن هيبة الدولة فى الماضى القريب كانت قائمة على الترويع والقهر والإهانة والتلفيق وكان خوف الشعب وفزعه من رجال الأمن فى مقابل هيبة الدولة ورجال الشرطة الذين استباحوا كل شئ وبعنف للحفاظ وتكريس هذه الهيبة مهما كان الثمن !! واليوم بعد ثورة 25 يناير مطلوب التأكيد على أن هيبة الدولة شرط لازم لإدارة الحياة اليومية لكل المصريين لكنها تقوم اليوم على احترام حقوق الانسان والقانون نصا وروحا وغير ذلك لم يعد مقبولا ونحن على استعداد لدفع دمائنا لحماية رجال الشرطة عند تنفيذ القانون واحترام المواطن بعيدا عن البلطجة والإهانة والتلفيق !


باختصار لن نقبل عودة الماضى فى تعاملات رجال الشرطة كما لم نسمح لأحدهم بممارسة عمله فى مكان أخر تم نقله اليه فى محاولة لخداع الشعب من جانب الداخلية طالما مارس عنفا وتجبرا وإهانة وظلما فى عمله السابق قبل أن يؤخذ الحق منه ! فقد فوجئنا اثناء مؤتمر شعبى بمدينة صفط العنب – مركز كوم حمادة بمخبر أو أمين شرطة يكتب ويسجل ويتصل ويتفاخر أنه من الأمن العام فأثار ذلك الشباب من حوله فأحاطوا به وأخذوا منه كارنيه الشرطة وبطاقة الرقم القومى وتم الاتصال برئيس مباحث كوم حمادة الذى أنكر معرفته به وانه لم يرسل أحدا ! فهرب أمين الشرطة واتفق الحضور على تسليم الكارنيهات للحاكم العسكرى ومعرفة ما يدور من خلف رئيس المباحث ! الذى اتصل وطلب إنهاء المشكلة بعد أن تصاعد الموضوع وظهرت هنا بوادر هيبة الشرطة !!! واتضح أن الذى أرسله مدير الأمن العام ! كما قيل - وربما الأمن الوطنى - فى مديرية أمن البحيرة متجاوزا رئيس مباحث المركز ! وربما دى سياسة جديدة للأمن الوطنى – بديل جهاز امن الدولة المنحل- وهى لاشك تلقى بظلال كئيبة وتعنى أن حقوق الناس وأمنهم مازال لا يشغل بال وزارة الداخلية إنما متابعة المؤتمرات والندوات والكلمات التى تقال فى الشارع هنا وهناك!! وهو عين ما كان يحدث فى الماضى بشكل فيه تلصص وخبث وإهانة لشعب ثار وانتفض وقدم الدماء من أجل حريته !


وليعلم مخططى الفساد الذين مازالوا فى أماكنهم أن الماضى لن يعود وسندفع من دمائنا ما يحفظ كرامة الشعب المصرى بعد أن قضى على دولة الفساد والظلم والاستبداد ولن نتنازل تحت أى ضغط أو مناخ عن حقوقنا المكتسبة وسنفضح التآمر الذى يتم بليل - وتصلنا أحيانا تفاصيله أولا بأول – وفى نفس الوقت سنقدم أيدينا كشعب متعطش للحرية والآمان لعودة جهاز شرطة جديد فى سياساته وأولوياته وأهتماماته وبعض رجاله إن لزم الأمر! لكن هذا البطء وهذه التعليمات وتلك التحركات الجديدة لعودة الماضى البائس الذى يعد علينا أنفاسنا أمورغير مقبولة على الإطلاق ! وعلى الشرفاء رجالا ونساءا ، شبابا وشيبة  بتعقب كل محاولة لإعادة أجهزة قديمة بقناع جديد وفضحها بالوقائع والأسماء إن لزم الأمر والله من ورائهم محيط


دكتور محمد جمال حشمت

g.hishmat@gmail.com

3مايو 2011م

إضافة تعليق