مقال د. جمال حشمت الذي لم تنشره (المصري اليوم)

الأستاذ الفاضل مجدي الجلاد، رئيس تحرير (المصري اليوم )

تحية طيبة لكم ولكل ..

العاملين معكم في جريدة أثبتت وجودها بما قدمه أبناؤها من مجهود وإدارتها من إشراف متميز، أرجو أن يتسع صدركم هذه المرة لملاحظاتٍ حول ما كتبه الأستاذ سليمان جودة في عموده "خط أحمر" بالعدد رقم 1041 الصادر يوم الجمعة 20 إبريل 2007م تحت عنوان (حكاية مصطفى الفقي)، وأظن أن الأمر تعلق بي وبقضيتي حول تزوير انتخابات دمنهور، وقد سبق لكم طبقًا للقانون أن منحتم مرشح الحزب الوطني المنافس مساحة أكبر مما منحتموني إياها حديثًا وتعقيبًا وحوارًا؛ لذا أرجو أن تسمح بنشر هذا التعليق كحقٍّ لي في الرد على ما أثاره الأستاذ سليمان بكلام مرسل لا علاقة له بالواقع الذي نحياه أو الوقائع التي شهد عليها القضاة.

أقول إن من حق الأستاذ سليمان أن يدافع عن موقف مرشح الحزب الوطني في انتخابات 2005م في دائرة دمنهور وزاوية غزال لأسباب لا نريد استقصاءها، ولكن ليس من حقه ذكر أمور كأنها حقائق مسلَّمة أو واقع هو معايِشُه ويعرف أسراره، رغم علمي أنه ربما لم يمر على دمنهور، ولم تغُصْ قدميه في وحل قرى الزاوية التي يحيا فيها أبناءٌ وإخوةٌ له في الوطن قد أثارهم حديثه وتجاهله للحقيقة في هذه المقالة!!

ونحن نقدِّر له آراءه في قضايا درسها أو عاينها أو له فيها رأيٌ سابقٌ، أما دمنهور وانتخاباتها فلا أظن أنه قد كتب عنها من قبل، رغم علمي بأنه من قيادات حزب الوفد، ولكن.. هل يا تُرى يعلم ما حدث في نفس الدائرة في 8 يناير 2003م، وكان مرشح الوفد هو المنافس لي بعد مسلسلٍ باهتٍ لتزوير أصوات النواب في مجلس الشعب لإبطال عضويتي؟! لم أقرأ له رأيًا فيما حدث، رغم الفضيحة التي اهتزت لها أركان مصر والعدالة!! لا أريد ردًّا بل أستعرض نقطةً مهمةً، وهي غيبة المعلومات عما حدث في هذه الدائرة بالتحديد منذ عام 1995م وحتى اليوم عن الأستاذ جودة الذي تكلم كلام الواثق في قضية يجهل تفاصيلها، ويمكنني أن أزوِّد سيادته بكل التفاصيل إذا كانت القضية تهمةً لهذه الدرجة ومواقف القضاة المشرفين على الانتخابات وتقارير النقض التي صدرت معيبة في بعض الأحيان في الصياغة والاستدلالات بصورة أدهشت المهتمين بالأمر من القضاة والمراقبين، ولي مقالة أشرح فيها ما حدث بالمستندات لمن يحب الرجوع إليها، وتقارير أخرى نطقت بالحقيقة لم يحترمها المجلس سيد قراره، تلك التي قضت ببطلان انتخابات 1995م!!

المهم.. نأتي لما كتبه الأستاذ جودة، يقول: "من حق الدكتور جمال حشمت مرشح الإخوان في انتخابات مجلس الشعب التي جرت عام 2005م بدائرة دمنهور أن يشكِّك في  فوز المنافس الأقوى الدكتور مصطفى الفقي والسؤال: على أي أساس أقرَّ له بالقوة ولي بالضعف أمامه؟! وما علامات القوة التي يملكها مرشح الحزب الوطني الذي سار في دروبها لأول مرة منذ أكثر من أربعين عامًا في تجربة قاسية كما أقر بنفسه!! والذي لم يستقبل تهاني أبناء دائرته عقب إعلان نجاحه وحتى إبطال عضويته وإعلان براءته من التزوير حتى هذه اللحظة!!

وأطلب من الأستاذ جودة- وهو تغمره السعادة "بحكم البراءة والإفراج النهائي بمجرد صدور تقرير النقض- "أن ينزل بنفسه مع البريء الفائز دون أن يعلم أحد وفي سرية تامة بعيدًا عن ضباط المباحث والمخبرين الذين يصاحبون سيادته في المرات القليلة التي أراد أن يواجه فيها جمهور الناخبين في أي شارع أو حارة ليرصد لنا فرحة الناس بالبراءة ويعدِّد لنا ما ادَّعاه من دلائل قوة مرشح الحزب الوطني، الذي أنكر الأستاذ جودة دعم الحزب له؛ لأن ذلك كان كفيلاً بكراهية الناس، ولعله نسي أن يقول أمام منافس تكرهه الحكومة والحزب الوطني، والعجيب أن يستعمل الأستاذ جودة ألفاظًا لا يجوز استعمالها في مثل هذه الموضوعات التي يجهل تفاصيلها، فيقول "يقينًا.. لم يقف الحزب الوطني إلى جوار الفقي في الدائرة، (طبعًا لأنه قوي!!) ولم يزيِّف النتائج لصالحه بالتالي.

الدليل الأكبر على برءاة الرجل منذ البداية أن مساندة الحزب لأي مرشح في الانتخابات كانت كافيةً لإسقاطه وانصراف الناخبين عنه"!! كان يجب أن يستكمل ويذكر أن منافسه وقع في حب الحزب الوطني فسقط!! هذه مغالطاتٌ ما كان ينبغي لمثل الأستاذ جودة أن يقع فيها تعزيزًا لمصداقية كتاباته!! وأسأله: كيف لم يقف الحزب الوطني معه ومعي أوراق الدعاية التي كان يوزِّعها مرشح الحزب الوطني وبها إنجازاته أسبوعيًّا وكلها من أموال الدولة وباتصالات مع الوزراء حتى كتبها في لافتات كبيرة تخترق عين من يعرف القراءة، يقول فيها "سأستخدم اتصالاتي ونفوذي في خدمة المحتاجين".

وإذا أراد الأستاذ جودة نماذج من الخدمات التي وفَّرها الحزب الوطني من أموال الدولة والقطاع الخاص المملوك لقيادات الحزب الوطني أبعث له ليدرك حجم النصب الذي تم عليه عندما وصله خبر- صحيح- أن لافتات مرشح الوطني لم يكتب عليها الحزب الوطني!! وذلك لا يبرئه لأنه في الحزب الوطني منذ إنشائه، بل لقد اتهمته بأنه مرشح الرئاسة في دمنهور من كثرة الدعم الذي كان يتلقاه!! ولكن لأن مصادر الأستاذ سليمان جودة كانت من اتجاه واحد صاحب مصلحة في التدليس فقد أوقعه في الفخِّ الذي ما كان يجب أن يقع فيه الأستاذ جودة مما ألصقه بالفائز البريء!!

لقد أنكر التقرير معلومًا من التزوير بالضرورة، شهده الآلاف من الناخبين والعشرات من القضاة رؤساء اللجان الذين تجاهلهم تقرير النقض الذي فرح به الأستاذ جودة واعتبره صكَّ براءة ووصفَه "بما لا يدع مجالاً للشك أن الرجل نجح بلا تزوير، وأن نتائج الدائرة لا تشوبها شائبةٌ"؛ مما أكد لي أن الأستاذ جودة لم يقرأ التقرير أصلاً، رغم أن هذه التقارير تُرفَض من المجلس لو ارتبطت بعضو في الحزب الوطني رغم صدورها من أعلى محكمة، ولم نسمع حينها اعتراضًا من الفريقين!!

وسؤالي للأستاذ سليمان جودة: هل وجود نص دستوري يسمح باقتحام بيوت المصريين وانتهاك حرماتهم يجعله حلالاً لا حرمةَ فيه، مباحًا لا معقّب عليه لمجرد أن صار نصًّا دستوريًّا معيبًا تم تمريره بمؤامرة كان التزوير أحد أركانها أمام الشعب كله؟! أليس هذا النص أقوى من تقرير النقض الذي أنزله الأستاذ جودة من السماء كي يلوي عنق الحقيقة وأعناقنا به؟!

 المستشارة نهى الزيني

وبجرأة لم ألحظها إلا في أحاديث رجال الفكر الجديد الذين طلوا علينا من كل منافذ الإعلام يقلبون الحق باطلاً والباطل حقًّا يطالبنا الأستاذ جودة "لا فُضَّ فوه" "بأن نأخذ خطوتين للوراء، خطوة لكي يعتذروا عما ردَّدوه في حق مصطفى الفقي وخطوة أخرى لكي يهنئوه هم أنفسهم بالفوز"!! يقصد جمال حشمت والمستشار الخضيري والمستشارة نهى الزيني!! نفس منطق المغالطة لكتَّاب الحزب الوطني وقياداته بالضبط، ومصيبتي فيما قرأته- وطبعًا نال استحسان الفائز البريء في  حملته الإعلامية لقلب الحقائق التي سجلت في التاريخ- أكبر من مصيبتي في إهدار تقرير النقض للتحقيق في أدلة التزوير وسماع شهادات القضاة أو حتى ذكر الأرقام الحقيقية التي حصل عليها كِلا المرشحَين من واقع محاضر الفرز التي طالتها يد العبث!!

الأستاذ الفاضل رئيس التحرير..

قضية بمثل هذه الخطورة لا يحقُّ لأحد الحديث عنها بمثل هذه البساطة؛ لأن الخطورة في هذا الحكم تتجاوز مقعد تم اغتصابه من صاحبه ثلاث دورات متتالية؛ بل يصل إلى إحداث وقيعة بين أبناء محكمة النقض والسطة القضائية؛ لأن المزوِّر قاضٍ- لا تحقق النيابة في بلاغي ضده حتى الآن- وشهود الحق قضاة، ومصدر التقرير قاضٍ تم ردُّه ومطالبته بعدم الفصل في الطعن!! الخطورة ألا تستجيب محكمة النقض لكل مَطالب الطاعن وتعرض عنها حمايةً للمزوِّرين، وتُصدر التقرير بليل دون أن يعلم صاحب الشأن!! ويستلمه المطعون في صحة عضويته ويسرِّبه للصحافة التي احتفل بعضها به وأعلن عكس ما جاء في التقرير، مثل جريدة (الأهرام) التي كتبت عنوانًا للخبر: "بصحة إجراءات انتخابات بندر دمنهور" مع أن التقرير أبطل الانتخابات لخطأ في الإجراءات!! إنما نعمل إيه في الفكر الجديد ومن يقف خلفه!!

أخيرًا.. أطلب منكم نشْرَ هذا الردِّ على الخطِّ الأحمر الذي تجاوز الحق والعدل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

إضافة تعليق