قذائف الحق (5)...إحذر مستشاروا السوء يا عسكرى

كان معلوما من الواقع بالضرورة فى زمن المخلوع الذى طال بأسه علينا أنه كان وفيا لمن يخدمه فقط ! لأننا لم نسمع عنه وفاءا لعائلته أو قريته ! كما لم نر منه وفاءا لمصر التى حكمها ونهبها وحولها الى عزبة بعد أن كان جل حلمه أن يكون سفيرا فى بلد الإكسلانسات وهى بلد حماته أم زوجته وهى البلد التى منحته وأولاده الجنسية البريطانية التى أنكروها طوال سنوات حكمهم الظالم الفاسد المستبد لمصر والمصريين ! الشاهد لما أقول أن رجال الجيش والشرطة المنتهى مدة خدمتهم – وليس كلهم – لهم نسبة فى تولى المسئوليات المدنية من وزارات أو هيئات او محليات بكل مستوياتها من محافظين لسكرتارية محافظات لرؤساء مجالس مدن ووصلت النسبة قبيل نهاية النظام الى أكثر من 45% من المناصب القيادية وكانت هناك نمازج متفاوتة الأداء من ناحية اسلوب الإدارة أو حجم الانجاز والنموزجين الواضحين فى ذلك كان اللواء محمد عبد السلام المحجوب ( مخابرات عامة) محافظا للأسكندرية والذى مارس سياسة هادئة ينجز بها عمل مقابل إنهاء مصلحة عامة وما ترتب على ذلك من مخالفات قانونية لم يستطع أحد مواجهتها إلا بمعرفة النموزج الثانى وهو اللواء عادل لبيب (أمن دولة) الذى مارس أدوار وصلاحيات رجل الأمن بسلوك جهاز أمن الدولة (المنحل) عندما تولى لأول مرة وظيفة مدنية محافظا لقنا فأنجز فيها بسلطة رجل الشرطة كثير من المشاكل المزمنة ! 

وهو ما أعطى له زخما شعبيا ووصل الأمر أن من يرفض قرارا له يتم التهديد باعتقاله أو اعتقاله فعلا ! فلما ذهب الى الأسكندرية محافظا واجه شعبية للمحجوب فأراد أن يؤسس له نظاما مختلفا يثبت فيه خطأ إدارة سلفه المحجوب أو المحبوب كما اشتهر عنه وسط أبناء الأسكندرية ! فأوقف قراراته وتعسف فى الأداء عندما وجد مقاومة وكان أيضا معتمدا على سطوة رجل الشرطة ومساندة جهاز أمن الدولة له وانتهى عهده بالثورة وإحراق مبنى المحافظة الأثرى والذى لم يتكرر فى اى محافظة أخرى غضبا وانتقاما !! تلك هى حصيلة الوفاء لمن ساعد وساند نظام الحكم كى يستمر ويبقى مهما كان الثمن ! وبعد الثورة للأسف مازال هذا النمط  فى التفكير واستدعاء الكفاءات كما هو ولعل هؤلاء هم من يمدون المجلس الأعلى العسكرى بالنصيحة فى كل المجالات التى يتصدر لها بعد توليه مسئوليات الحكم المدنى الذى لم يتدرب عليه عاملا بالنصيحة أن جحا أولى بلحم طوره ! 

أى أن قياداته التى مارست العمل المدنى فى فترة المخلوع هم اصحاب الخبرة التى ينهل منها المجلس الخبرات والنصائح المطلوبة ! ولعل هذا هو ما جعل كل القرارات تميل الى السياسات القديمة والعقلية البائدة التى أفسدت الحياة فى مصر وكانت سببا من أسباب الثورة !  فمن يقدر على مد الطوارئ بعد أن كانت مطلبا رئيسيا للثورة بل ويفعلها ! ومن ساعد على اسباب الانفلات الأمنى حتى اليوم لتبرير قرار المد وهو ماكن يفعله المخلوع عندما كنا جميعا ننتظر بعض الهجمات الارهابية والانفلاتات الأمنية قبيل موعد التجديد مع الكشف عن عدد من التنظيمات الإرهابية لتبرير مد القانون ! 

وحتى من أستعانوا بهم فى الوزارات أو المحافظين اغلبهم من القيادات القديمة التى تربت فى مناخ الاستبداد والفساد أضف الى ذلك أن الصف الثانى فى كل الوزارات والمحافظات والمؤسسات الذين يأكلون وينهبون فى صمت دون الظهور على شاشة العمل العام مازالوا يملكون مفاصل الأداء ومفاتيح التكليفات و امكانات الفعل فى أماكنهم بتفويض من المسئول القادم الخائف من اتخاذ قرارات تصحيحية  وهكذا تغلبت المشروعية القانونية – كما يتصورون – على الشرعية الثورية التى يموج بها الشارع المصرى وهى وسيلته الوحيدة لتغيير جذرى متدرج لشكل ونمط الحياة فى مصر على كل المستويات سياسية وتعليمية وعلمية وثقافية واجتماعية واقتصادية وهو ما لن يحدث طالما استمر الشقاق بين شعب ثار على ظالميه وقيادة انحازت له ثم استعانت بما تبقى من ظالميه لتدير حياته بعد الثورة !!!!! بقى ده اسمه كلام !



دكتور محمد جمال حشمت

برلمانى سابق وقيادى بحزب الحرية والعدالة

g.hishmat@gmail.com

17 سبتمبر2011م

إضافة تعليق