اتساع دائرة الثورة المضادة وطوق النجاة

اليوم من ينظر الى المنطقة العربية وفى القلب منها مصر يدرك أن ما يحدث فى كل بلد على حدة مرتبط ارتباط وثيق بما يجرى فى باقى البلدان بأدوات وأليات مغايرة لكنها تسعى لهدف واحد هو باختصار تقويض الثورات العربية بإفشال ما نجح وعرقلة ما لم ينجز مهمته حتى الآن فمثلا

فى سوريا مازال الفتى الطائش بشار الذى يحمل عقلا استبداديا بالوراثة يقتل فى ابناء شعبه بعد أن فشل فى استدراجهم الى مربع العنف ليبرر تسخير جيشه الطائفى بكل أسلحته لمواجهة وقتل واعتقال أبناء سوريا الأبطال! ومازال يجمل نفسه أحيانا فيفشل أمام الخارج الأجنبى الذى لم يتبق منه إلا روسيا لمصالح خاصة ومن ثم تضيق حول رقبته حبال الإدانة لتنهى حياة أكثر الأنظمة طائفية وإجراما فى حق شعبه على مدى أربعين عاما هاجرت فيها العقول السورية الى العالم طريدة ومطاردة فقط لأنهم يريدون الحرية والكرامة والعدل فى أوطانهم نفس ترتيب الأحداث فى كل دولة ثائرة على الفساد والظلم حركة شعبية سلمية يتم حصارها ثم قمعها فتراق الدماء الطاهرة بلا ذنب أو جريرة فتزداد الأعداد ويعلو الصوت ويظن الحاكم أن الأمور تحت السيطرة بمزيد من القمع والتخويف والكذب والحركة الوهمية فى اتجاه الإصلاح الذى لم يفكر فيه قبل شهور قليلة وكلما زاد إجرامه كلما زاد حماسة المتظاهرين وإصرارهم على إنهاء وجود النظام الملوثة أيديه بدماء الأبرياء ! والدعم ما زال يتوجه من خارج سوريا حتى صرح أحد المسئولين الصهاينة بأن النظام السورى أفضل لديهم من أى نظام أخر لا يعلموا عنه شيئا! فهو النظام الذى سلم الجولان دون معارك ولم يطلق رصاصة واحدة - من الذى ينهمر على الشعب السورى طوال ستة أشهر- تجاه العدو الصهيونى منذ احتلال الجولان ! وكان دعمه لحزب الله فى لبنان فى إطار صفقة ليستمتع بالدعم الإيرانى لحماية سياساته الداخلية والخارجية التى تحفظ له ولطائفته الاستمرار فى الحكم !


فى اليمن مازالت عقلية العناد والاستخفاف بالشعب اليمنى تسيطر على مجريات الأحداث ورغم وجود الشعب فى الشوارع منذ أكثر من سبعة شهور إلا أن على عبد الله صالح يجد فى نفسه الرئيس الملهم يدعمه فى ذلك دول الجوار الخائفين من انتشار روح الثورة الشعبية لدى شعوبهم فيجتهدون فى وقف تطورها لحالة النجاح التى تؤسس لمرحلة جديدة كى تستعيد الشعوب العربية حقوقها كمصدر للسلطات وينتزعوا حرياتهم وإرادتهم التى سرقت منهم طوال عشرات السنين دون أى محاولة جادة من مغتصبى السلطة للإحساس بحاجات الشعوب ورد حقوقهم المنهوبة ! واليوم تبدأ سلسلة قتل المتظاهرين فى مدن اليمن برصاص قوات الأمن الموالية لرئيس أحترق وجهه وخاب فأله وفسد تقديره وطار عقله فى تطور خطير يؤكد أن داعمى الثورة المضادة فى اليمن لا يبغون الاستسلام قبل إسالة مزيد من الدماء كى يكون حسابهم عسيرا فى الأيام القادمة فأبدا لن تهزم الشعوب !


فى ليبيا مازال مجنونها الذى لم يقدم خيرا فى حياته لشعبه أو لأمته رغم استحواذه على متابعة إعلامية طوال سنين حكمه اشتهاها لكن المحصلة كانت سلبا من ثروات ليبيا وقيم الليبيين وعمر ليبيا ورغم رفض الشعب الليبى وتحوله إضطرارا للمقاومة المسلحة بعد أن استحل المجنون دماء شعبه وهاجمه بالدبابات والطائرات إلا أن العقيد المجنون صار جرذا يختبئ فى أرض ليبيا بحثا عن مكان ليدير هو ومن تبقى من قواته الثورة المضادة دون أن يدرك أن الخراب الذى حل بليبيا وعنفه فى مواجهة شعبه هى السبب الرئيسى فى دخول الأجنبى لمعركة إبعاده وهو عامل جديد لا بد من حساب خطورته لتبقى ثورة الشعب الليبى خالصة له يجنى ثمارها دون أى شروط أو تدخلات تحول بينه وبين سيادته و استخلاص حقوقه .


وفى مصر مازال كثيرين ممن استفادوا من فساد نظام مبارك المخلوع وتمرمغوا فى ملايين الأموال الحرام يدبرون بليل لاستمرار بقائهم وحماية ثرواتهم ومصالحهم ولا أعنى بذلك رجال الصف الأول أو الثانى ممن سيطروا على مصر سياسيا واقتصاديا واعلاميا لكن من ورائهم وهم معلومون فى أماكنهم فما زالت محاولاتهم فى دعم عدم الاستقرار والتشكيك عبر إعلام لم يتطهر بعد فى الثورة وانجازاتها الرئيسية ورسم صورة متشائمة للمستقبل عبر صناعة اضطراب ونشر تفزيع وتخوين لكافة القوى المصرية الأصيلة مستمرا وهو ما يحتاج لحالة من الوعى على كل من يحب مصر أن يشارك فى إيجادها  وحالة من الاستنفار لحماية الثورة وأهدافها عبر توافق عام وتنسيق وابتعاد عن الخلاف وحرص على الحركة بقوة ضد كل ضعف ينتاب القائمين على إدارة البلاد لضغوط داخلية أو خارجية وهو ما يعنى البعد عن التحرك الفردى الذى تغلفه حماسة وانفعال الشباب فالحركة اليوم محسوبة بدقة خاصة فى ظل توحد قوى الثورة المضادة وهو نفس الداء الذى أصاب المعارضة المصرية زمن الرئيس المخلوع فلقد كانت القوى المعارضة نادرا ما تتوحد يمزقها خلاف المصالح أحيانا أو اختلاف الرؤى أحيانا أخرى وهم فى مواجهة نظام فاسد ظالم مستبد لكنه يدار برأس واحدة واستراتيجة واحدة فهل نعيد نفس المشكلة؟ هل نكرر نفس الأخطاء؟ هل نضيع الفرصة التى ربما لن نراها فى حياتنا مرة اخرى؟ هلا استفدنا من الاختلافات فى إدارة الأزمة توزيعا للأدوار والتفافا على الثورة المضادة لخنقها وإنهاء دورها فى أسرع وقت ؟ أم نعطى لهم طوق النجاة فى محاولة اخيرة لإفشال الثورة التى صارت ملهمة للشعوب المقهورة فى كل أنحاء العالم  ! بكل وضوح اقول أن الثورة المضادة فى مصر لا يمكن أن تحقق اهدافها وسط شعب واعى متكاتف تدرك قواه السياسية الحية أن قوتها فى وحدتها وأن مصالحها مرتبطة بتمام نجاح الثورة وأن أى انتكاسة تلحق بمصر بعد 25 يناير هى بسبب عدم الاستجابة لدعوات الوحدة والتوافق والتنسيق وانسياقا وراء بعض من ركب الموجة وارتبط بالخارج وزاد من فجوة الخلاف وطعن فى مخالفيه ولم يجد ما يقوله إلا سبابا وانشغالا بمن يكره !! فاللهم ارحمنا من هؤلاء وافضحهم على عيون الأشهاد واكفنا شرهم أما فلول الثورة المضادة فقونا عليهم وأفشل خططهم ووحد شعب مصر ضدهم إنك سبحانك ولى ذلك والقادر عليه والله على ما أقول شهيد


صندوق الشكاوى


مازالت مبررات الاعتصامات ومسببات التظاهرات قائمة ويتم تغذيتها بإهمال المسئولين أحيانا أو الإصرار على الأخطاء أحيانا أخرى ومازالت مشروعات المحليات المتعددة والتى تدر المليارات فى أيدى المسئولين عنها قبل الثورة وتدار بنفس العقلية المتواطئة المستفزة التى لا تفكر إلا فى مصالحها ومصالح المقربين منهم ونحذر أن الغضب يزداد لأن أمال الناس بعد الثورة غير ماكان قبلها وإصراراهم على نيل حقوقهم لن يمر بوعد كاذب أو ترضية مؤقتة فعلى المسئولين أن يدركوا أن ماكان لن يعود بإذن الله وعليهم إعادة تأهيل أنفسهم للعمل بشكل جديد يرعى مصلحة مصر ثم مصالح العاملين واحتياجاتهم فلا نجاح بقهر و لاحياة بذل بعد اليوم ومن لم يستطع تطويع نفسه أو تهذيبها طبقا لروح الثورة عليه أن ينقذ نفسه ويبتعد قبل يوم المحاسبة القادم ان شاء الله لا محالة والحدق يفهم


دكتور محمد جمال حشمت

g.hishmat@gmail.com

20 سبتمبر 2011

إضافة تعليق