الشهادة والخروج الآمن !

لقد تناولت بعض المواقع الإليكترونية بعض ماجاء فى شهادة المشير عندما كان القائد العام للقوات المسلحة على قائده الأعلى مبارك المخلوع ومجمل ما وصل يؤكد على أن الشهادة لم تثبت فى حق مبارك إصداره أوامر بقتل المتظاهرين !!!! وهى تبرئة من التهمة الأصلية فى القضية وتضع التهمة فى رقاب أمناء الشرطة والمخبرين المتوحشين اللى بيتصرفوا من دماغهم !!!!!

ونحن هنا بعد سماع هذا الخبر أمام لقطتين حدثت أحدهما  أثناء الثورة وقبل التنحى  والأخرى بعد الخلع ! أما الأولى فقد كانت لقطة تليفزيونية فى غرفة عمليات القوات المسلحة ضمت الرئيس المخلوع والمشير طنطاوى وعددا من قادة أفرع القوات المسلحة بناء على طلب الرئيس وقتها ولم تكن الرسالة المراد توصيلها أكثر من الحقيقة التى تظهر قادة القوات المسلحة فى حالة حرب مع الشعب الثائر وإلا لماذا الظهور فى غرفة العمليات التى تدار منها الحروب ؟ واللقطة الثانية حديث للمشير سمعته بأذنى – اللى حايكلها الدود – تؤكد أن امرا قد صدر فى مواجهة الشعب فى التحرير إلا أن إجماعا فى المجلس الأعلى رفض وبكل قوة ضرب الثوار بالنار ! فكان التصفيق هو رد التحية من أفراد الشرطة وقيادتها أثناء حفل تخرج اول دفعة بعد الثورة من أكاديمية الشرطة !


فمن نصدق الشهادة الأولى أم الثانية ؟ أرى والله اعلم استعواض ربنا فى دم شهداء يناير ولاندرى ماذا نقول لأهالى هؤلاء الشهداء الذين ظنوا أن الثورة التى ضحى أبناؤهم من أجلها بدمائهم فشلت فى القبض على القاتل الحقيقى حتى الآن !! لكن أين حساب شهداء 30 سنة من الفقر والجهل والمرض ؟! من يتحمل فى رقبته الملايين الذين ماتوا فى حوادث الطرق فى البر والبحر نتيجة الاستهتار والفشل الدائم فى إدارة مرفق حيوى حتى سجلت مصر المركز الأول بلا فخر فى حوادث الطرق وعدد ضحاياها !والذين ماتوا من الفشل الكلوى والكبدى نتيجة للتلوث فى الماء والزراعة  والتربة والذين ماتوا غيلة وقهرا نتيجة السرقة والنصب وانتشار المخدرات !! من مسئول عن قتل هؤلاء طوال عشرات السنين الماضية ؟ من انشغل بحماية نفسه ورجاله ولم يلتفت إلى ما يجب عليه من حماية ورعاية تجاه شعبه ؟! من باع ممتلكات الشعب وشرد الملايين ؟ من باع غاز الشعب لأعداء البلاد دون الرجوع لأصحاب الشأن المغيبيين ؟ من تاجر فى السلاح ؟ من استولى على موارد سيادية فى الدولة لصالح مؤسسة الرئاسة؟ من أضاع  مصالح مصر فى السودان وأفريقيا؟ من دعم الكيان الصهيونى ضد أبناء وطنه حتى صار لديهم كنزا استراتيجيا حزنوا أشد الحزن على فقدانه الآن؟ من سخر مصر بكل امكاناتها لخدمة حزبه وأسرته تنطق بها الأوراق والمستندات بعد أن عايشناه جميعا رأى العين !!؟ التهمة الوحيدة التى يجب أن يحاكم عليها حسنى مبارك وأهله وأركان حزبه ومسئولى دولته لا تقل بأى حال من الأحوال عن الخيانة العظمى وكل المحاكمات التى تتم لمحاسبة هؤلاء عن تفاصيل كانت جزءا من منظومة تتسم بالغدر والخسة والخيانة لقسم أقسموه دون أن يدركوا معانيه ! تضييعا للوقت وللأسف مازال كل من دانو للمخلوع بالولاء وتم تعيينهم بمعرفة رجاله وأركان حكمه فى أماكنهم بمؤسسات مصر يديرون حملة شرسة فى الخفاء لاستمرارهم  وفى محاولة لاستعادة بعضا من نفوذ النظام السابق وهذا ما يربك حسابات ثوار الشعب المصرى ويثير اختلافات بين قواه الحية على ساحة التغيير المنشود ! فالبطء يثير المخاوف لفقدان جزء كبير من الثقة بين الشعب والمجلس الأعلى  خاصة بعد شهادة المشير ! والمثير أن علامات الطمأنة من المجلس الأعلى أغلبها شفوى منطوق أما علامات القلق والتخوف واستمرار الحال على ما هو عليه كلها عملية ومنظورة على أرض الواقع!!

أقترح ورزقى على الله بدلا من سرد المخاوف العملية التى ظهرت خلال الأسابيع الماضية من تأجيل للإنتخابات البرلمانية وتفعيل لقانون الطوارئ بالمخالفة للإعلان الدستورى مع استمرار المحاكمات العسكرية، أضف الى ذلك السماح لقيادات الحزب الوطنى المحظور بالترشيح والاستمرار فى مواقعهم ووقف التعديل على قانون العزل السياسى  والسماح لفلول الحزب الفاسد بإنشاء أكثر من 9 أحزاب سياسية ! كذلك البطء فى إجراءات استقلال القضاء وهى الضمانة الأخيرة المتبقية من مؤسسات الدولة المنهارة ، الأهم فى كل هذه الإجراءات ما يحدث حاليا من بناء لوبى إعلامى ضخم يزداد توغله يوم بعد يوم ليسيطر على سماء الإعلام فى مصر لإعادة الحياة لرموز النظام البائد والتشكيك فى الثورة والهجوم على ثوار الشعب المصرى !!!

أعود الى اقتراحى ورزقى على الله بأن ننشغل جميعا الآن فى التفكير فى محاولة لوضع تصور لكيفية الخروج  الآمن لحماة الثورة المصرية !! نتعهد به كشعب وهم أولى من المخلوع الذى كان البعض يفكر له فى خروج أمن ورفض الشرفاء لأن حجم الجرائم التى ارتكبها والمآسى التى عشناها فى عهده أكبر من العفو فقد كانت دماء وخيرات وإرادات وثروات وكرامات المصريين والتى تم التفريط فيها ببساطة لصالح أعداء الوطن حائلا بينه وبين الخروج الآمن ! أما أولئك الحماة فمهما كانت تجاوزاتهم لكنهم فى المقابل وقفوا بجانب شعب ثائر وحقنوا دماء وحققوا هدفا من أهداف الثورة فيحق لهم علينا جميعا التكريم ونظرا لصعوبة إدارة مصر فى هذه الفترة والتى تحتاج لرؤية ثورية قد لا تتوافر فى مؤسسة عريقة يحكمها الضبط والربط والطاعة والنظام ، لذا فإن الإسراع فى تسليم إدارة البلاد الى مؤسسات منتخبة والاستعانة بالخبراء المخلصين الذين لا تربطهم علاقة سابقة بالنظام البائد هى من الأولويات  التى ينبغى على المجلس الأعلى أن يتبناها بقوة وأعتقد أن هذا هو الحل الأمثل فى هذه المرحلة والتى تجعل حماة الثورة أكثر أطمئنانا وأشد رغبة فى تسليم السلطة ! وعليهم أن يطمئنوا خاصة وأن مهمة أى مسئول فى مصر اليوم هى مهمة شاقة تحتاج – كى ينجح فيها – الى قدرة فى اتخاذ القرار وشفافية فى الأداء ونقاء وطهارة ونظافة يد غير مسبوقة وقوة احتمال لكثرة المنتقدين وأخيرا الى قدرة على مواجهة الرأى العام للرد على الشبهات وقبول النصيحة وتصحيح المسار، فالإدارة اليوم على الهواء مباشرة !!! نعم هى مهمة الآن محفوفة بالمخاطر أمام شعب استيقظ بعد طول سبات ، واعى بعد طول غفلة ، حر بعد طول استبداد فاللهم أعن مسئولينا القادمين على تحمل المسئولية وأعد جيشنا العظيم الى ثكناته ليقوم بدوره الرائد فى المنطقة والعالم اللهم آمين


صندوق الشكاوى


الهيئة العامة للاستعلامات يعين رئيسها بقرار من رئيس الجمهورية ، مهمتها إعلامية فى الداخل والخارج فهى ترسم صورة مصر للدنيا كلها !

لكن تم خطفها منذ نشأتها بالقرار 1820 لسنة 1967، مصروفاتها فى الموازنة العامة تتعدى ال 62 مليون جنيه ، معظم قيادتها فى الداخل والخارج يتم اختيارهم بالمحسوبية والمجاملات بلا أدنى كفاءة فى مقابل ألاف وملايين من دماء الشعب المصرى رئيسها السابق كان ابن اخت مدير المخابرات السابق ! ورئيسها الحالى صديق لأعضاء بالمجلس الأعلى ووزير الإعلام الحالى ومستندات كثيرة تثبت أن ميزانية الهيئة كانت تخدم الحزب الوطنى المنحل وتنفق على نشاطه ومؤتمراته إعلاميا بخطابات رسمية من صفوت الشريف ود على الدين هلال أمين الإعلام وقتها وأموال يتم اعتمادها للترويج لملف التوريث، ودعم من بطرس غالى المتهم الهارب لنشاط الدعاية الخاصة بالرئيس وابنه وحزبه بالملايين فى الداخل والخارج !! وعندما قامت الثورة لم يتغير شئ فى الهيئة بل دعمت نظام الرئيس المخلوع وشاركت قياداتها فى معركة الجمل ! وصور المخلوع أمام المحكمة تشهد بدور الهيئة المناوئ للثورة !!ورغم تقديم عشرات البلاغات والمستندات للنيابة الإدارية والنائب العام وعشرات الشكاوى للمجلس الأعلى ومجلس الوزراء إلا أن احدا لم يتحرك ! اعتصم العشرات من المقهورين داخل الهيئة منذ شهر ولم يستجب أحد لهم كأنه ليس هناك ثورة !! كل المستندات التى لا يمكن لأحد أن يتخيل تسريبها صارت فى أيدى الغاضبين !! هى الناس دى مش واخدة بالها إن وثائق أمن الدولة بالغة السرية صارت فى ايدى الشعب المصرى !! هم ماعرفوش أن وثائق سفارة الكيان الصهيوتى كانت مرمية فى شوارع مصر ؟ طب السؤال الأخير لماذا لا يتحرك أحد لوقف نزيف انفلات الأسرار التى لايصح الكشف عنها بإعادة النظر فى أوضاع الهيئة والعاملين بها ومحاسبة الفاسدين وتطهير الهيئة من العاهات وتزويدها بالكفاءات التى تموج بها أرض مصر كى تعود لمهمتها الأولى فى رسم الصورة الذهنية الصحيحة عن مصر الثورة ؟ نحتاج لإجابة و مصر فى الانتظار!


دكتور محمد جمال حشمت

أستاذ جامعى ونائب سابق فى البرلمان

26 سبتمبر 2011م

إضافة تعليق