الشعب احتار بين النخبة والنخبة !

أسوأ ما يمكن أن يلاقيه الشعب المصرى هذه الأيام هو انفتاح طاقة الحرية  واتساع نطاق الأمل بصورة تجعل كل تأخير فى الإصلاح والتغيير يخصم من رصيد الفرحة بالثورة على نظام السرقة والنهب الذى كان يحكمنا ! ويوم عن يوم تستمر سيطرة القيادات السابقة التى كانت تسبح لنظام الفساد ليل نهار وتستمر حالة العجز التى تنتاب المسئولين فلا يحسموا قضية ولايردوا حق ولا يدافعوا عن مظلوم رغم أن كل ذلك يجب أن يكون له الأولوية لمفهوم العمل الحكومى فى ظل الثورة لكن يبدو أن هؤلاء الفلول خاصة أولئك الذين لم يتوبوا بعد ولم يتقربوا للشعب بأى عمل صالح يخلقون حالة من الفوضى لدى عامة الشعب الذى ينتظر من الثورة تنمية حقيقية وعدالة اجتماعية تجعلهم شركاء فى ثروة وطن نهب ألاف السنيين ومازال يحمل فى جباله وسهوله وأراضيه الخير الكثير! وما يؤلمنى أشد الألم هو حالة المزايدة والمتاجرة والمعارضة الدائمة من أجل الظهور واستعراض ملكات الحديث المتعالى كالشريك المخالف دون القدرة على فعل أى شئ مفيد للناس ! ولعل التعريفات المتعددة لجماعة النخبة السياسية يساعدنا على تحديد حجم الأذى الذى يسببه هؤلاء باسم النخبة لشعب انفتح على الإعلام وارهف أذنه لسماع كل شئ فى أى شئ :


""ان النخبة هي الاشخاص والجماعات الذين تبعاً للسلطة الفعلية التي يملكون أو للتأثير الذي يمارسونه على الاخرين، يساهمون في تغيير مجتمعهم ويؤثر ون في مجرى تاريخه ، سواء بالقرارات التي يتخذونها أو بالافكار والمعتقدات التي يبثونها أو بالانفعالات والاحاسيس التي يثيرونها في نفوس جماعاتهم ويكونون هم رمزاً لها وتعبيراً عنها"


"في التراث العربي، هناك حضور جليّ، لمفهوم النخبة ، دون استخدام المصطلح نفسه.. حيث تمّ إطلاق اسم السُراة ، على هذه الفئة الاجتماعيّة المتميّزة، والتي تلعب دورا تنويريّا في المجتمع. وهي مكوّنة، بالضرورة من أشخاص يمتلكون قوّة التأثير، المعنويّ، للتدخل القوي الفاعل، ويشاركون في صياغة تاريخ جماعة ما. و لعلّ أوّل ذكر صريح، لهذه الفئة ووظائفها، في التراث العربي، هو نصّ جاهليّ للشاعر الأفوه الأودي، وهو النصّ الذي كثر الاستشهاد، به، لاحقا، في عدد من كتب التراث، عند الحديث عن أهمّيّة هذه الفئة من المجتمع. ومن أبياته الشهيرة ::


لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم


ولا صلاح إذا جهّالهم سادوا


تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت


و إن توالت فبالأشرار تنقاد.


إذا تولى سراة الناس أمرهم


نما على ذاك أمر القوم فازدادوا



هذه التعريفات تعنى أن النخبة يمكن أن تكون هي عقل المجتمع سواء أكانت في مواقع السلطة أو في هيئات المعارضة، أو في مؤسّسات المجتمع المدني؛ فإنها عنوان صلاح أو فساد المجتمع؛ فإمّا أن تحافظ على مكانتها و ريادتها وتأثيرها الإيجابي، أو أن ينشغل أفرادها بالبحث عن مكاسب فرديّة، واعتبارات شخصيّة، فتتفكك، وتفقد حضورها، وينقلب تأثيرها سلبا؛ فتصير، بذلك، مجرّد حالة انتهازيّة، وعنوانا من عناوين الأزمة لأيّ مجتمع" اهـ


الى أى الاتجاهات تنتمى النخبة الحالية التى ينتمى بعضها للنظام البائد وهم يحملون كل معانى التيئييس وينشرون كل علامات الإحباط من ثورة لم تكتمل بعد حتى المنتسب منهم للمعارضة  يسيرون فى نفس الاتجاه دون توضيح ببارقة أمل أو مخرج للأزمة التى يوصفونها مثال ذلك مقال للأستاذ ضياء الجبالى جاء فيه


"وسط المعارضة العلنية الزائفة لأحزاب المعارضة المصرية المأجورة ؛ الذين يقبضون أتعابهم ونصيبهم من تحت الطاولة ؛ بالاتفاقيات السرية المعروفة ..


ووسط صيحات ثوار مصر المدوية ؛ للبحث عن الزعامة الجماهيرية ؛ أو التمويل اللازم لتحقيق الأطماع والمكاسب الثورية الشخصية ؛ ثم الشعبية ..


 مع استمرار احتضار الشعب المصري نتيجة للدمار الشامل المحيط ..


" قلنا لن ينجح في أية انتخابات ؛ سوى من يرشحه المجلس العسكري ؛ من الفرق الاحتياطية لنظام الكفر البائد .. حيث أن المجلس العسكري لن يسلم الحكم للشعب طواعية ؛ غضب منا من يتغنون بالموشحات الأندلسية ؛ لترشيح أنفسهم ؛ بحثاً عن مجد أو منصب أو شهرة أو وهم ..


والكل يعدو على المنحدر ؛ متوهماً الحكمة والعبقرية الحمقاء .. في انتظار حدوث ورؤية المصائب والكوارث المنطقية المتتالية ؛ لتلوم كل فرقة الفرق الأخرى ؛ بعد خراب مالطا ؛ وكل ٌّ يغني على ليلاه ؛ وكل فريق يؤكد خطأ الفرق الأخرى فقط ..


فهل رأيتم في الوجود .. مثل هذا الغباء ؟؟"


أنا شخصيا لم أر!! بل أزعم أن ماوصفه لو كان هو الحقيقة لاعتزلنا جميعا الفتنة ولكفرنا بكل ما تم من انجاز وما تحقق بفضل الله أولا ثم بدماء شهداء مصريين تستباح دماءهم منذ عشرات السنيين فى مؤامرة رخيصة للقضاء على شعب بكل قيمه وثرواته !


هذا المنطق يمكن رصده فى مقالات وتصريحات شتى هدفها الظهور على الحقيقة وتخوين الأخر والتشكيك فى كل شئ فإذا عاند المجلس الأعلى باعتبار قراراته قرارات حرب كما تعود هاجموه وبعد أن بدأ يلعب سياسة عندما رضخ لبعض مطالب الأحزاب ووعد بدراسة البعض نظرا لتداعيات تنفيذها هاجموه وهاجموا من حضروا ولم يعد كثير من المصريين يفهم شيئا مما يسمع ويرى "يعنى اللى حصل ده حلو ولا وحش"


ولم تكن القنوات الفضائية بعيدة عن معترك التشويش والتشكيك فها هو مفيد فوزى المحاور الرئاسى ينتقد وزير المالية عندما صرح بأن الاقتصاد المصرى مازال متينا على قنوات دريم ولم يثبت لنا خطأ التصريح إلا بأن الناس مش لاقية تاكل !! يعنى كنا بناكل أيام حبيبه المخلوع !!


وظهرت وجوه كنا قد نسيناها الشهور الماضية تطل علينا نفاقا كما تعودت للمجلس الأعلى هذه المرة أو تشويها فى الثورة أو تشكيكا فى الثوار كى نندم على قيام الثورة بل هم النادمون ان شاء الله ولن يفلت مخطئ بخطئه أو بجريمته مهما طال الزمن وإن غدا لناظره قريب


دبوس مشبك


لم نر أو نسمع عن مواقف قوية لمساندة الشعب السورى الذى تراق دماؤه يوميا على أيدى قوات أمن الأسد الطائفية تتساوى فى ذلك كل الأحزاب والقوى السياسية بلا استثناء ! لربما البعض مازال يحسب نظام بشار على قوى الممانعة المتصدية للكيان الصهيونى وكلنا يعلم انها عنترية من خلف الأبواب لا تجرؤ على مواجهة طوال عشرات السنيين بعد احتلال الجولان!


وقد فضح الله نظام الفتنة السورى وحليفه اللبنانى بعد أن عجز حتى عن إدانته بعد كل ما أرتكب من مجازر فى حق الشعب السورى البطل الساعى لخلع نظام الأسد من جذوره لتتغير خريطة الشرق الأوسط لتحد من أطماع الحلف الصهيونى الأمريكى يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله


دكتور محمد جمال حشمت

أستاذ جامعى وبرلمانى سابق

4 أكتوبر 2011م

إضافة تعليق