اتقوا الله فى مصر!

ضاق بالمصريين حرمانهم من كرامتهم بل من آدميتهم ردحا طويلا من الزمان فى داخل مصر وفى خارجها !وأنا شاهد بنفسى على ذلك ! ثم لماذا نحتاج لشاهد والمصريين إلا من رحم ربى قد دفعوا من انسانيتهم وكرامتهم أثمانا باهظة على يد نظام فاسد ظالم مستبد تم اعتقال على بابا فيه وبقى الأربعين حرامى وهم منتشرون فى كل مكان ! أسوأ ما يمكن ان يصيبنى من إحباط هو استمرار التعامل مع المصرى بمنهج الحزب الوطنى الفاشل وأمن دولته الذى كان البطل الحقيقى لإشعال ثورة الغضب فى صدور المصريين ! وأيضا لست فى حاجة لأعدد كم التعاملات السيئة و المهينة التى مازالت تقع على أبناء الشعب المصرى فى المؤسسات والمصالح والمدارس ويكفينى هنا أن أحكى قصة  الطالبة أميرة سعد الجزار بمعهد الخدمة الاجتماعية بدمنهور وقد كتبت عنه وما يجرى فيه منذ شهور ولم يصلنى حتى هذه اللحظة مستندات تنفى ما ذكرته من وقائع ! لكن ما حدث مع أميرة يسقط دعاوى الأبوة التى تتلبس بعض المسئولين بغير صدق ويكفينى هنا أن المعهد والمحافظة تعاملت مع أميرة على أنها قد ماتت فى حادث تصادم أمام المعهد الذى يقع على الطريق الزراعى السريع ! والحكاية باختصار كما جاءت فى موقع ميدان البحيرة " ذهبت ميدان البحيرة الى منزل أميرة بقرية نكلا العنب بإيتاى البارود ، والتى أعلن المسئولين عن وفاتها ، لنكتشف أنها مازالت على قيد الحياة تصارع المرض نتيجة ما أسفره الحادث من إصابات ، دون علاج أو إهتمام ممن كانوا السبب فى إصابتها .


وبلقاء والد أميرة الحاج سعد سعد الجزار صرح أنه علم منذ فترة قليلة بقيام المسئولين بالإعلان عن وفاة ابنته ، وانه تقاضى مبلغ من المال  كإعانه فورية من محافظ البحيرة والمتمثله فى مديرية التضامن الاجتماعي ، وان كل هذا عار من الصحة ، مضيفا أنه بالرغم من حضور السيد الدكتور عميد معهد الخدمة الإجتماعية بدمنهور الى المستشفى التى تعالج فيها ابنتى ، ويعلم أنها على قيد الحياة ، ولكنه أغفل ذلك على الرأي العام لهدف فى نفسه ، مؤكدا أنه لم يتقاضى منه ولا من المحافظة اى مبالغ للصرف على علاج ابنته أو تعويضها عما حدث لها !!! وعقب إجراء العملية تم وضع أميرة 7 ايام فى العناية المركزة ، ثم قامت المستشفى بإخراجها دون إستكمال علاجها ، لعدم مقدرة والدها دفع باقى مصاريف العلاج بالمستشفى ، وهى الآن ترقد مريضة تصارع المرض فى منزلها دون عناية او علاج


ويؤكد سعد والد أميرة بأن العالم الخارجى يعلم ان ابنته متوفاة ، ولكنها مازالت على قيد الحياة وحالتها صعبة للغاية ، فهي فى غيبوبة مستمرة وفى حالة هياج وصراخ ، ونقوم بربطها فى السريراحيانا ، ولا تستطيع الحراك ، وتستيقظ ثم تذهب فى غيبوبة تامة ، كل ذلك ولا حول لنا ولا قوة الا بالله "


هل هناك إهانة يمكن أن توجه للمصرى أكثر من ذلك ينكرون عليه الحياة ويمنعون عنه الدعم ويهملون جراحه وحقه فى العلاج  نتيجة بطء فى حل مشكلة مزمنة؟ أرجو أن يكون هناك إجراءا تم قبل ظهور هذه المقالة والإقرار أولا بوجود أميرة على قيد الحياة ثم حقها فى تعويض أهلها عما أنفقوه حتى الآن ثم استكمال علاجها على نفقة الدولة ثم الأهم اتخاذ إجراء فعال لمنع الحوادث فليس وجود مطابات أمام المعهد حلا فلقد تحول الطريق السريع الى شارع داخلى تماما كما حدث فى طنطا التى لم يعد يمر بها طريقا سريعا فلابد من رؤية بعيدة المدى لعمل طريق بديل أو مجموعة من الكبارى لضمان انسياب الحركة على الطرق السريعة ! مالم ينشغل المسئول اى مسئول بمن هو مسئولا عنهم فما قامت ثورة فى مصر ! ومالم يستشعر المسئول كائنا من كان أنه خادم لهذا الشعب جاء لخدمته وايصال حقه اليه دون عنت أو معاناة وفى مقابل ذلك يقبض راتبه وله السمع والطاعة دون تعالى أو إحساس بالباشوية التى زرعها رجال مبارك الفاسدين على مر السنيين حتى نسى المصريون أنهم ملاك لهذا الوطن وليسوا رعايا أو أجراء ! بغير ذلك فما قامت الثورة وما استرد المصرى كرامته ! ولعل قاعدة التغيير المتدرج هى الحل سواء فى استبدال المسئولين الذين ينظرون للمصريين كأنهم بلا حقوق أو فى رجال الشرطة الذين زاد بطء حركتهم بشكل ملحوظ فى الشهر الأخير ! لقد رأيت منظرا عجيبا لم أره فى سنوات الهوان الماضية عندما أفطرت مع بعض الأصدقاء فى محل يطل على أكبر ميادين دمنهور وبعد الإفطار ذهبت معهم الى قهوة لشرب كوب الشاى – مشروب المصريين الشعبى – فوجدت أمناء الشرطة والجنود بالداخل يلعبون طاولة وتحرس الميدان دراجاتهم البخارية !! فتأكد لدى أن هناك إضرابا صامتا عن العمل تقوده وزارة الداخلية لأن لا أحد يتابع أو يتواجد فى أوقات الذروة وهل هناك أشد من يوم الوقفة ؟ ثم غاب الجميع بعد ذلك !!


ولعل كثرة الحديث من النخب المثقفة التى تتنقل بين القنوات الفضائية على دموية يوم الانتخاب وحدوث هرج ومرج لهو دليل على شخصنة القضايا المصيرية مهما كانت العواقب ورغم أن ما يحدث من الشرطة فى الفعل وما يحدث من النخبة فى القول يثير الخوف! ورغم ذلك فإن جموع الشعب المصرى متفائلة على أرض الواقع بالانتخابات وبالحضور الفاعل كى تحسم امرها مع الأربعين حرامى المنتشرين فى كل مكان حتى الآن! وتحاول هذه النخبة التخويف من الفوضى والعنف يوم الانتخاب كى يجدوا الفرصة لإشاعة الهرج والمرج وهو ما يحقق مصالح من أراد - ومازال - تأجيل الانتخابات لبقاء المجلس الأعلى العسكرى – الذى يهاجمونه ليل نهار !!!- وتفويت الفرصة على من يتوقع نجاحه بأغلبية كما حدث فى تونس الخضراء ! الحقيقة أن اقتراحات السلمى أجد أنها فرصة نادرة لإعادة اللحمة بين كل فصائل العمل الوطنى على اختلاف توجهاتهم  بعد أن توحدت بل تأكدت لدى بعض المتشككين فى الإسلاميين أن أى محاولة للبقاء الآمن بنصوص دستورية بدلا من الخروج الآمن مرفوضة من الجميع ويهدد بحق الدولة المدنية التى يتحدث عنها الجميع ! فهل ننتهز الفرصة أم تبقى تصفية الحسابات هى الأعلى صوتا فى مناخ التوتر الذى تتميز به المرحلة الانتقالية من حياة مصر؟! أرجو مخلصا التوقف عن سيل الاتهامات الذى توجهه بعض الفصائل بغير حق فى كثير من الأحيان يلوثون به تاريخ الشرفاء لدى الشباب الذى يثق فيهم على سبيل المثال تلك الفرية التى يرددها كثيرون من تبنى الإخوان حوادث قتل السياح بل وقتل السادات نفسه ! رغم أن القارئ العادى – بعيدا عن الخبراء والمتخصصين- يدرك أن الجماعة الاسلامية وجماعة الجهاد كانا وراء العنف والقتل ورفضوا نهج الإخوان السلمى وقتها ثم دارت الأيام وتمت المراجعات وأدركوا أن قتل السادات كان لا يجوز طبقا لفتواهم ! أرجوكم لا تضيعوا الفرصة وثبتوا دور صندوق الانتخاب فى تداول السلطة واستعادة الشعب المصرى لعصمته ودوره كمصدر للسلطات ومن جاء اليوم ربما يفشل فى أدائه ويأتى غيره غدا عبر الصندوق الشفاف الذى يخشاه البعض الآن ويرغب فى وئده قبل أن يبدا كما شككوا من قبل فى نتائج أول استفتاء حقيقى يجرى على أرض مصر منذ عشرات السنين ! أقول لهم اختصارا اتقوا الله فى مصر


دكتور محمد جمال حشمت

8 نوفمبر 2011م

g.hishmat@gmail.com

إضافة تعليق