(احنا المصريين)...أليس بيننا سوارا للذهب أو ولدفال!

لاينسى العالم أن جيشا قد قام بانقلاب فى السودان لتغيير الحكم بعد ثورة شعبية وأخرى قامت فى موريتانيا إنقاذا لمسار ديمقراطى فشل فى تحقيقيها ! هناك كان سوار الذهب عام 1985 ثم محمد ولد فال عام 2005 وكلاهما ينتمى للمؤسسة العسكرية لبلاده وكلاهما سلم السلطة للمدنيين بعد فترة انتقالية أتم فيها إجراءات التحول الديمقراطى دون تشريعات مصطنعة أو فرض شروط للبقاء أو التهديد بإغراق الوطن فى فوضى فقد كان المسار فى موريتانيا ومنذ ان استولى "المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية"، المؤلف من 17 عضواً، على السلطة في موريتانيا ، تبدو الأمور مدهشة، أو على الأقل غير معتادة. فالمجلس الحاكم الذي قذف بالرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطايع لاجئاً في الدوحة، يعلن في آخر قرار له، أنه قرر اجراء انتخابات رئاسية قبل الموعد المحدد آنفاً بخمسة أشهر، وبذلك يكون قد قلص "الفترة الانتقالية" من عامين الى 19 شهراً على أن يسبق ذلك انتخابات تشريعية ، وانتخابات مجلس الشيوخ ، واستفتاء على دستور جديد في. وسوف تجري انتخابات بلدية بمواذاة الانتخابات التشريعية، وفي اليوم ذاته، اختصاراً للوقت وللنفقات "المكلفة جداً" هذا هو انجاز ولد فال ولم تكن التجربة الموريتانية مرضية للعواصم العربية والإفريقية. ورغم أن أعضاء نادي القادة العرب


 والأفارقة لم يعطوا رأيهم علانية، إلا أنهم لم يقبلوا نجاح هذه التجربة الموريتانية


التي يمكن أن تصبح نموذجا للتحول الديمقراطي. وقد عبر القائد الليبي معمر القذاقي


وقتهاعن ذلك لما قال أن الديمقراطية ليست ملائمة للبلدان الإفريقية ! وهو نفس ما


 كان يردده مبارك والطغمة الحاكمة معه !


أما سوار الذهب لمن نسى فقد تقلد رئاسة المجلس الانتقالي إلى حين قيام حكومة


منتخبة وارتقى لرتبة المشير فورا. و سلم سوار الذهب مقاليد السلطة للحكومة


الجديدة المنتخبة برئاسة رئيس وزرائها / الصادق المهدي - ورئيس مجلس سيادتها


 / أحمد الميرغني وبعدها اعتزل العمل السياسي ليتفرغ لأعمال الدعوة الإسلامية من


 خلال منظمة الدعوة الإسلامية كأمين عام لمجلس الأمناء.


فهل يتكرر هذا السيناريو بعد ثورة الشعب المصرى العظيمة والمتفردة وتولى المجلس الأعلى العسكرى لشئون الحكم وتعهده بضمان التحول الديمقراطى ؟! نحن ليس أمامنا سوى أن نحترم تعهدات المجلس الأعلى ونصدقه وندفعه دفعا لإنهاء إجراءات تسليم السلطة كما وعد دون تغليب اتجاه على اتجاه بل يدخل التاريخ عندما ينجح فى تسليم مصر منذ عشرات السنيين لمدنيين بعد أن فاض بنا الكيل وتخلفنا وتم نهب ثرواتنا فى ظل أنظمة تولاها العسكر ! الفرصة الممنوحة لأعضاء المجلس الأعلى يجب أن يستفيدوا منها لدخول التاريخ من أوسع أبوابه لأن حكم المصريين بعد الثورة صار صعبا ولن يقبلوا غير أوضاعا طبيعية يحتكم فيها الحكام الى الانتخابات التى تفرز اصحاب المسئولية وما أشقاها فى هذا الزمن إلا إذا كان أعضاء المجلس العسكرى مقتنعون برأى القذافى المقتول ومبارك المحبوس أن الديمقراطية لا تصلح لنا بل هى من حق شعوب السنغال وبوركينا فاسو !! أرجو أن تبقى صورة المؤسسة العسكرية تشرف كل مصرى ، نفخر بها وبإنجازها العظيم فى الانحياز للشعب فى أصعب الأوقات  ولعل الأيام القليلة القادمة ستؤكد على أن المجلس الأعلى العسكرى قد قرر الانحياز للشعب المصرى ومستقبله حين نرى:


· عودة وزارة الداخلية لدورها فى ضبط الأمن وإنهاء قصة البلطجة بعد توفيق


أوضاعها فى ظل وزير قوى لأن ضعفه يسرى فى كل المحافظات !


· ظهور قوى للجيش فى الأماكن الأكثر حساسية


· قرار قوى ببدء مفاوضات مع كل المتضررين من فئات الشعب نتيجة الظلم الواقع عليهم وعلى معايشهم من النظام البائد السابق لوضع جدول لتحسين مناخ العمل ورد حقوقهم المنهوبة شريطة العمل الجاد الفترة القادمة  كما لا ننسى


· الاستجابة لوقف التعامل مع الشعب المصرى بالقانون العسكرى تحقيقا ومحاكمة ففى القانون المدنى الكفاية وإطلاق سراح أو إعادة محاكمة كل من تم محاكمته عسكريا من المدنيين بينما كان الأولى قيادات الفساد وقتلة المصريين الذين يحاكمون أمام محاكم مدنية ويعيشون عيشة الباشوات فى المستشفيات أو السجون فى تحد صارخ لشعور المصريين الذين مازالوا يفتقدون الأمان والعيشة الكريمة فى وطنهم بعد الثورة لسيطرة بواقى النظام على مؤسسات الدولة فى ظل حماية المجلس الأعلى!!


 الشعب يريد أن يشعر أن ولاء القوات المسلحة صار فى اتجاه الشعب المصرى الذى استعاد دوره بعد طول غياب والكرة الآن فى يد المجلس الأعلى لا فى قدمه وأول ما يبدأ به هو محاسبة الدكتور السلمى الذى شطب المرشحين من أبنائه فى الجامعة يوم كان مسئولا عنهم منذ سنوات ويعيد نفس الأسلوب فى وثيقته المرفوضة عقلا وشرعا ومنطقا وسحب وثيقته والعودة الى الوثائق التى تم مناقشتها من قبل ووقع عليها الجميع لتكون بمثابة وثيقة استرشادية للبرلمان القادم دون إملاء أو إلزام يثير كوامن الغضب لدى المصريين وها نحن فى الانتظار !


دكتور محمد جمال حشمت

استاذ جامعى وبرلمانى سابق

10 نوفمبر 2011م

إضافة تعليق