قذائف الحق (13) ...المحاكمات العسكرية والمدنيين!

كان للأستاذ عادل عيد رحمه الله دراسة قيمة عن القضاءالعسكرى أكد فيها ما تضمنته الدساتير المختلفة من حق المواطن المصرى فى المحاكمة العادلة أمام قاضيه الطبيعى وأن الإخلال بهذه الضمانة الأساسية يعتبر إخلالا بسيادة القانون وأنه أحد أهم حقوق الانسان وانتهاك هذا الحق مازال قائما استنادا الى نص المادة السادسة من القانون 25 لسنة 1969 بشأن الأحكام العسكرية ! والمعدلة بالقانون 5 لسنة1970 " تسرى أحكام هذا القانون على الجرائم المنصوص عليها فى البابين الأول والثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات وما يرتبط به من جرائم والتى تحال الى القضاء العسكرى بقرار من رئيس الجمهورية " "ولرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ ان يحيل الى القضاء العسكرى أيا من الجرائم التى يعاقب عليها قانون العقوبات أو أي قانون أخر " !! وكل هذا يتعارض مع استقلال القضاء الذى يحصن تلك السلطة ضد تدخل اى من السلطتين التنفيذية أو التشريعية عملا بمبدأ الفصل بين السلطات ! 

ويقول الأستاذ عادل عيد رحمه الله أن كل الضمانات التى توجد للقضاء العادى غير متوفرة فى القضاء العسكرى ! فالنصوص الدستورية تؤكد على أن " القضاة مستقلون لا سلطان عليهم فى قضائهم بغير القانون ، ولايجوز لأى سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة" أما القضاء العسكرى فى المادة 57 " يخضع القضاة العسكريون لكافة الأنظمة المنصوص عليها فى قوانين الخدمة العسكرية " وأن مدير إدارة القضاء العسكرى يخضع مباشرة الى وزير الدفاع حسبما تنص المادة الثامنة من القانون ! 

ومن حيث الحصانة فالمادة الدستورية تصرح بأن " القضاة غير قابلين للعزل وينظم القانون مساءلتهم تأديبيا " إذن مبدأ عدم قابلية القاضى للعزل بغير الطريق التأديبى يعد مبدأ دستوريا أما نص المادة 59 من القانون العسكرى تقر بأن " يكون تعيين القضاة العسكريين لمدة سنتين قابلتين للتجديد ولا يجوز نقلهم الى مناصب أخرى إلا للضرورات العسكرية " ثم يقول النائب المحترم – رحمه الله – فى بحثه القيم " تللك هى حقيقة المحاكم العسكرية والوحيدة التى تحال لها قضايا الإخوان المسلمين رغم أنهم لا يملكون خنجرا أو مدفعا رشاشا أو قنبلة ولكن يملكون إحسسا مرهفا بهموم الوطن ..... فماذا حصدت المحاكمات العسكرية الظالمة منذ 1954 وحتى اليوم ؟ هل انتهت دعوة الله ؟ وهل تحطمت إرادة المجاهدين ؟ انتهى رأى الفقيه القانونى المرحوم عادل عيد ويبقى أن تعديلا قد أدخل على القانون العسكرى كى يجعل هناك درجة ثانية للقضاء العسكرى فى درجة محكمة النقض ظنا أن هذا يكسب القضاء العسكرى المشروعية لمحاكمة المدنيين ! وربما هذا ينفع العسكريين أو من يقع فى مخالفة عسكرية يخضع فيها للمحاكمة العسكرية ! 

وبناءا على ذلك فما زلت مصرا مع بيان الإخوان وبرنامج حزب الحرية والعدالة وموقف كل القوى الوطنية ليبرالية أو يسارية أو قومية تلك التى ترفض خضوع المدنيين للمحاكمة العسكرية فالقوانين الجنائية فيها ما يكفى لردع المخالفين من المدنيين ! كما أنه يجب أن يستشعر المجلس الأعلى الحرج فى القيام بدور رئيس الجمهورية فى إحالة القضايا التى يراها للمحاكمات العسكرية وقد أساء المخلوع استعمالها والمنتظر من المجلس الأعلى قرارات أهم بموجب هذه السلطات التى يحوزها يحتاجهاالشعب ولكنها لا تصدر !! منها إصدار قانون العزل السياسى الذى تأخر صدوره ومنها قرار بإقالة القيادات الجامعية التى هى الآن فى ورطة أحكام قضائية بعدم قانونية الانتخابات التى تمت ومنها إلغاء قانون الطوارئ الذى مازال جاسما على رقاب المصريين وما قامت الثورة إلا للتخلص منه ومن أثاره !ومنها صدور ولو حتى تعليق على الكارثة التى أعلنها الدكتور على السلمى وتقع أثارها السلبية على المجلس الأعلى العسكرى ! 

من هنا أعلن تضامنى الكامل مع كل المدنيين الذين يحقق معهم ويقاضيهم القضاء العسكرى أو حكم عليهم فنحن لا نود أن تتوجه بوصلة الغضب الشعبى المصرى تجاه قيادة جيشه فلم ننسى أن الله وفقهم من قبل فى اتخاذ القرار الصائب انحيازا للحق والعدل والحرية التى ينشدها الشعب المصرى وندعو الله لهم بالتوفيق فى اتخاذ عدة قرارات مصيرية ترفع من قدرهم أكثر لدى المصريين تصديقا لوعودهم وإخلاصا لشعبهم وتبرئة من ظنون لحقت بهم والله على ما أقول شهيد

دكتور محمد جمال حشمت

استاذ جامعى ونائب برلمانى سابق

 13 نوفمبر 2011م

إضافة تعليق