مصر الجديدة بين الأصالة والمعاصرة

لم يكن نجاح دكتور عمرو حمزاوى مفاجأة لى فى دائرته وهنا أتقدم له بالتهنئة معتبرا أن نجاحه يحمله مسئولية كبيرة لنجاح المزج بين الأصالة التى دافع عنها أحيانا والمعاصرة التى يتعصب لها غالبا خاصة وان اسم دائرته مصر الجديدة تلك التى تعادل ما نحلم بها جميعا لمصر بعد ثورة الشعب المصرى العظيم ! وهنا أخاطبه ممثلا لتيار الليبرالية التى يتعامل معها كثيرون على أنها صنو العلمانية ومعاداة الدين الذى هو مكون رئيسى من مكونات الشخصية المصرية ولن يتنازل أحد من المصريين عن مرجعيته الدينية مسلما كان أم مسيحى ! والبعض الأخر يريد أن يحصرها فى مساحات من الحريات التى لا يختلف عليها أحد والخطير هنا أن تصبح حرية بلا سقف مما يتعارض مع المكون الدينى والتقاليد المصرية الحضارية التى صنع تاريخها أيضا المسلمين والمسيحيين ! 

وأعلم أن هناك حشدا قد تم لمناصرة الدكتور حمزاوى يحمل هذه المخاوف وتلك التوجهات لأسباب مختلفة ليس من الحكمة تناول تفاصيلها هنا وإلا فقدت مقالتى قيمتها الحقيقية ! فالمأمول ممن نجح من التيار الليبرالى أو حتى اليسارى المتطرف ضد الأديان والذى تحويه الكتلة المصرية أن يدرك انه بعد نجاحه لا يمثل من اختاره فقط  بل هو ممثل لكل الشعب المصرى وإلا سيتفرق الشعب بتفرق نوابه على أصول لايمكن تجاوزها فى زحمة الصراع السياسى والانتخابى ! والخاسر فى النهاية هو من نجح فى أن يقدم للشعب كل احتياجاته وليس بعضها وفى نفس الوقت يعادى قيمه وعقيدته وأخلاقه فلن يغفر ذلك لأحد كائنا من كان ولى فى ذلك تجارب شخصية ، خاصة وأن مصر بعد عشرات السنيين من النهب والسرقة والظلم والفساد والإفساد تحمل تركة ثقيلة من الهموم والخسائر والديون التى قد لا تسمح لأى حكومة الآن بالعمل على تنمية اقتصاد النماء ما لم تمر أولا بمحاولات تحقيق اقتصاد البقاء! وهنا الأمانة تقود صاحبها الى الانتصار للحق دائما بعيدا عن التعصب لرأيه أو لفكرة قد لايفهمها كثير ممن حوله ! والواجب على من خسر هذه الجولة من الانتخابات الحرة الا يحزن بل يدرس لماذا حدث ما حدث ! 

إذا كان يعتقد أنه الممثل المناسب لثقافة ومصالح الشعب المصرى فى مكانه ! لاشك أن المطلوب مراجعة لسلوك وأداء أثار سخطا فى مكان ما من الدائرة ! أو لخلل فى دعاية كانت مركزية لم تراع خصوصية كل مكان ! أو لفشل فى توصيل الفكرة والتعبير عنها بما يناسب المكان والزمان ، على كل الأحوال مهمة النواب فى هذا المجلس أشد صعوبة من أى مجلس أخر فالمقياس هنا نجاح المجلس كله فى خدمة المصريين والخروج الآمن بمصر من المأزق الذى وضعنا فيه النظام البائد دون الدخول فى صراعات مذهبية أو جدلية ينتصر فيها كل فريق لنفسه وفكرته وتضيع الفرصة لمصالحة الشعب المصرى وتشجيعه على المضى فى طريق الديمقراطية التى يتذوقها لأول مرة ! ذلك هو الهدف الأول إرضاءا لله وتثبيتا ليقين شعب أحتار عشرات السنيين وتم إهماله واليوم اختار من اعتقد أنهم سيخافون الله فيه فيقدمون له الكفاية من الحياة الكريمة والكرامة الانسانية ليستمتع بحريته ويستشعر العدالة التى افتقدها عشرات السنيين !

المهمة صعبة وسيفسدها التشنج أو الانشغال بالمهم عن الأهم أو وضع الناس بين سندان الواقع الأليم الذى يحيونه ومطرقة الأحكام الشرعية تنفيذا بتشدد أو الانفلات منها وتجاهلها ! والحل فى حوار يجمع كل النواب كما جمعهم ميدان التحرير يوم المطالبة بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية فنواب مصر يمثلون كل الشعب المصرى ليكونوا بحق كما ذكرت من قبل خداما للشعب كل على منهجه وطريقته  ! نسأل الله أن يكمل على الشعب المصرى فرحته فى المرحلتين القادمتين على أن يستفيد الجميع من تجربة المرحلة الأولى لأن أعداء الثورة فى الداخل والخارج استفادوا واستعدوا والله من ورائهم محيط


دكتور محمد جمال حشمت

2 ديسمبر 2011

إضافة تعليق