د. جمال حشمت يكتب : إلى الشعب الذي علم الدنيا ومازال

الشعب المصرى يبدأ اليوم مرحلته الثانية  فى الانتخابات البرلمانية لاستكمال نواب برلمان الثورة وقد مرت الفترة الخاصة بالدعاية على مايرام بغض النظر عن بعض المضايقات والخروقات التى تمت لكنها فى النهاية لم تؤثر فى الحملة الدعائية ولدى إحساس بأن خروج المصريين للتصويت فى هذه الجولة سيكون أكثر من الجولة الأولى وفى هذا رسالة مؤكدة للراغبين فى إفراغ التفاعل الشعبى مع الانتخابات من قيمته وأهميته  رغبة فى إحباط المصريين من أول انتخابات نزيهة يمارسها منذ عشرات السنيين فادعوا أنها انتخابات على دماء الشهداء بينما هى الوسيلة الوحيدة لاسترداد حق الشهداء والمصابين وقالوا انها لا تعبر عن الشعب المصرى منذ عشرات السنيين فادعوا أنها انتخابات على دماء الشهداء بينما هى الوسيلة الوحيدة لاسترداد حق الشهداء والمصابين !


وقالوا انها لا تعبر عن الشعب المصرى بينما هى غير مسبوقة فى الأعداد التى خرجت لها !


وقالوا أنها زورت إرادة المصريين بالخطاب الدينى بينما كان الشعب أصدق مع نفسه وأوعى من بعض نخبه ومثقفيه وهكذا فشلت كل الأسلحة التى وجهت الى أحزاب المرجعية الاسلامية والى الشعب المصرى المتدين بطبعه مسلمين ومسيحيين والآن لآ أملك إلا توجيه بعض الرسائل كنت وجهت مثلها فى أخر مؤتمر لى فى انتخابات 2005 التى زورها قاضى فى دائرة دمنهور وزاوية غزال بتعليمات من مؤسسة الرئاسة لصالح أحد رجالهم الذى مازال يعانى من أثارها حتى يوم الدين ان شاء الله مابقى يدافع عنها ويبررها ! كنت قد وجهت 6 رسائل لمؤسسة الرئاسة ولرجال الشرطة ولمحافظ البحيرة وقتها وللقضاة ولمرشح الحزب الوثنى المزوراتى المنحل والأخيرة كانت لأهلى أبناء الدائرة واليوم أوجه رسائل مختلفة تناسب الظرف والمكان :


الأولى : للشعب المصرى نقدم له فيها التحية الواجبة فقد أذهل العالم كله مرتين يوم 25 يناير وما بعدها ويوم الانتخابات البرلمانية فلم يكتف برفض الظلم والفساد والاستبداد بل شارك بقوة فى رسم مستقبل بلاده فلقد كنا عبيدا فصرنا أحرارا وكنا أجراء فصرنا ملاكا وكنا رعايا فأصبحنا بفضل الله مواطنون كاملو الأهلية وصار الشعب بحق هو مصدر السلطة فى مصر


الثانية : الى المجلس الأعلى العسكرى نشكرهم على وقفتهم بجانب مطالب الشعب المصرى ونثق ولانملك إلا نثق فى تعهداتهم بنتقال سلمى للسلطة لأن البديل غير معلوم العواقب فالتعامل مع شعب حى منتفض ذاق طعم حريته يجب أن يتم على قاعدة احترام إرادته وتحقيق مطالبه  ولن نقبل مثل تلك التصريحات من اللوائين شاهين والملا التى تسئ للمجلس الأعلى وتجعله طرفا فى صراع ليس له به شأن ونطالبه بأن يتعلم من الجيش التونسى الذى كان يحمى علمانية أشد تطرفا من تلك التى كانت فى مصر فى عصر المخلوع ! ونؤكد أننا فى برنامجنا نحترم دعم القوات المسلحة على مستوى عنصرى قوتها البشرية والتسليحية بما يضمن قيام جيش وطنى قوى وقادر على الردع والحماية فى ظل اقتصاد قوى ومتين


الثالثة :  لأقباط مصر المسيحيين الشرفاء نقول لهم أن مالدينا فى إسلامنا هو صمام الآمان لكم فقد ذكر الله مصر بالأمن "ادخلوا مصر ان شاء الله امنين" ووصى الرسول صلى الله عليه وسلم خيرا بأقباط مصر معللا ذلك " بأن لهم نسبا وصهرا " وقال عن أهل مصر قبل الفتح الاسلامى "استوصوا بأهل مصر فإنهم خير أجناد الأرض مبررا ذلك بأن أهلها فى رباط وأنها كنانة الله فى أرضه " فهل من أحد يخاف فى ظل هذه التوجيهات والبشريات والتوصيات التى يتعبد بها المسلمين كلهم ! أليس ذلك أفضل من نظام كان يمارس سياسة فرق تسد ويثير الفتن ليحمى وجوده مقدما نفسه للخارج على أنه حامى المسيحيين من قوى التطرف والإرهاب ! فلا خوف ولافزع من تطبيق شريعة الرحمة والكرامة والخير فكلنا متدينون ومن يمارس التخويف والتفزيع إنما هم الكارهون للأديان كلها بل هم الفلول التى كانت وسيلة المخلوع لإثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين دائما وليعلم الجميع أن الشريعة حارسة للأديان وحامية للحريات وحافظة للحقوقلكل المواطنين على أرض مصر


الرابعة : للمتربصين بالخارج نقول لهم أنه من فضل الله على مصر والمصريين أن ثورتهم على الظلم والفساد والاستبداد فى مصر كانت مصرية خالصة 100% فلا فضل لأحد عليها من الخارج وللأسف اليوم يستدعيهم البعض للتدخل وتقديم الدعم تحت بند دعم الديمقراطية أو إنقاذ مصر والأقليات من التطرف لكننا نقول لمن فى الخارج لاتخافون من المصريين عندما يعلون من شأن شريعتهم فهذا حقهم فجوهر الاسلام حماية الحريات وحفظ الحقوق واحترام حقوق الانسان والمساواة أمام القانون بلا تمييز ، نقول لهم لا تسمعوا عنا بل اسمعوا منا نقول لهم نحن نريد استقرارا ونماءا وتنمية لمصر والمصريين ، نتعامل بمبدأ تحقيق المصالح المشتركة لنحقق سيادة مصر وفق القوانين والأعراف الدولية وهو ما يعرف ببناء نسق من العلاقات الدولية تتسم بالعدالو والتوازن بعيدا عن فرض الأفكار والتوجهات والسياسات أو التدخل فى الشئون الداخلية تحت اسم العولمة أو حرية السوق أو حماية حقوق الانسان مع حق مصر والمصريين فى إعادة النظر فى كافة الاتفاقات والمعاهدات  التى لاتحقق مصلحة البلاد بل وتسبب أحيانا خسائر للإقتصاد الوطنى


خامسا : للكارهين أو المتشككين فى الداخل والذين مارسوا هجوما غير أخلاقيا فى أحزاب المرجعية الدستورية الاسلامية طعنا فى الذمم وتخوينا وتشويها وإثارة للفزع منهم أقول لهم تعالوا الى كلمة سواء ونمد أيدينا اليهم ليس من باب الضعف والاستكانة والخوف وطلب السلامة أبدا بل من باب الحب والرغبة فى العمل المشترك والاتفاق على أن مصر هدفنا جميعا فيجمعنا العمل لها من أجل حريتها وكرامتها والحفاظ على مكانتها وتنمية مواردها وسعادة شعبها لذا


إذا كان الخوف لديهم حقيقى من صعود أصحاب المرجعية الاسلامية أقول لهم راجعوا أنفسكم فنحن شعب متدين بطبعه ولابد من احترام ذلك فى تركيبة الشعب المصرى ولا تخلطوا بين الأفكار والأشخاص فمن يعرف الاسلام لا يخشاه ولايظن به سوءا


وإذا كانت المشكلة غيرة وحسدا فندعوا الله لكم أن يشرح صدوركم فكلاهما يدفع الى سوء الظن والظلم ونحن فى حاجة الى الإنصاف ولنفصل بين الأشخاص والأفكار فذواتنا ليست لها أى قداسة فلا تغضب من الفكرة والمنهج ولك كل الحق أن تختلف مع الأشخاص دون طعن فى الذمم والنوايا ولن يعنرض عليك أحدا إذا قدمت البينة الصادقة على ما تدعيه


وإذا كانت مشكلتهم ناتجة عن فهم مغلوط أو ناقص عن الاسلام أوعنا فلنتلاقى ونتحاور لنخروج برؤية موحدة تنقذنا من معارك لا حاجة لنا بها فى هذا الوقت الحرج من تاريخ مصر وحياة المصريين تحقق مصالح الكارهين لمصروالاسلام


وإذا كانت قضيتهم مبنية على كراهية وعداء مبدئى فندعو الله لهم أن يشرح صدورهم ويكفينا شرورهم وهو سبحانه قادر على ذلك ونقول لهم فى النهاية حسبنا الله ونعم الوكيل


سادسا : الرسالة الأخيرة لحكومة الجنزورى وقد جاءت بغير توافق عام لكنها صارت واقعا فلم تأت حتى الآن بوجوه جديدة وهى قيد الاختبار حيث ان المطلوب منها كثير تشبه إجراءاته القرارات الثورية العاجلة من حيث إحالة ملفات محاكمات رموز النظام البائد الى المجلس العلى لتفعيلها ومحاكمتهم بتهمة واحدة هى الخيانة العظمى، وكذلك المتسببين فى قتل شباب مصر وإصاباتهم منذ 25 يناير وحتى 19 نوفمبر كما أن هناك قرارا بالإفراج عن المحاكمين عسكريا وتحويلهم الى القضاء المدنى وعدم تحويل أى مدنى للمحاكمة العسكرية ووقف العمل بقانون الطوارئ، أيضا مطلب تطهير وزارة الداخلية من القيادات التى شاركت وأعانت النظام البائد فى قتل المصريين وحصارهم وحرمانهم من حريتهم وإعادة الأمن للشارع المصرى فى وقت واحد دون تفضيل محافظة على أخر فالكل يعانى ، مراجعة جميع قرارات تخصيص أراض الدولة بالفساد والمخالفة للقانون واسترداد الأصول والأموال المنهوبة وإحالة المخالفين للقضاء ، وضع وتنفيذ قرارات الحد الأدنى والأقصى للأجور موضع التنفيذ وإعادة أموال التأمينات والمعاشات المنهوبة وتثبيت العمالة دعم الفلاحين المضارين فى زراعتهم بسبب الأداء الحكومى وتعويضهم عن الخسائر التى لحقت بهم


تلك هى رسائلى الى مصر وشعب مصر ولانملك إلا أن نقول حمى الله مصر والمصريين ومتعهم بحريتهم وثروات وطنهم بعد طول غياب اللهم آمين


دكتور محمد جمال حشمت

أستاذ جامعى ونائب برلمانى سابق

إضافة تعليق