د. جمال حشمت يكتب : الانتخابات ليست حربا بل منافسة شريفة!

شهدت انتخابات 2011م الأولى فى نزاهتها ممارسات غريبة حيث تم حشد كثير من الناخبين للتصويت الى أحزاب بعينها واستعمل فى ذلك بعض الممارسات غير الأخلاقية وعندما يتم العتاب يكون الرد إن الحرب خدعة بمعنى أنه يجوز فيها ما لايجوز !! وأن الضرورات فيها تبيح المحظورات وهو كلام خاطئ لا يصح أن يكون فى انتخابات تمثل نموزج من المنافسة التى يجب أن تكون شريفة عندما يتاح للمصريين الحرية عند اختيار مرشحيهم دون تزوير فج عانينا منه عشرات السنيين !


لقد كانت ممارسة السياسة بالنسبة للإخوان إثبات أن الدين عندما يتدخل فى السياسة يرفع من شأن ممارستها فتصبح الأخلاق أصلا فى التعاملات والصدق ديدن فى الوعود والأحاديث والتواضع صفة للمسئولين وحتى لا تقترن كلمة السياسة بالانتهازية والكذب والنفاق والنصب ولأن الحكم أصل من أصول الاسلام والحرية فريضة من فرائضه كان خيار الإخوان ضد شعار لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة وهو خيار صعب لأنهم بذلك يضعون قيودا فى أيديهم وعلى رقابهم أمام المصريين ! ويفند لماذا أراد من رفع هذا الشعار أن يتخلص من الدين وأخلاقه عند ممارسته للعمل السياسى ! ببساطة كى يمارس الفساد والتلون والكذب وسوء الخلق بعيدا عن رقابة الشعب وقيود الأخلاق !


وقد أثبت الإخوان سابقا وحزب الحرية والعدالة اليوم أنه يمارس السياسة بخلق دون خداع أو كذب فوثق فيه أبناء الشعب وقد نجح بفضل الله ثم بفضل حسن تربيته فى إثبات المعادلة الصعبة عندما مارس العمل العام والسياسى بأخلاق المسلم وأن أبنائه قد خدموا فى كل مكان باعتبار ذلك تعبدا الى الله تبارك وتعالى فلم يفرحوا بما حصلوه ولم يأسوا على مافاتهم ومازالوا يقدمون نموزجا فى الأداء يشهد لهم به المنصفون !


لم نفرق فى تعاملتنا بين المصريين مسلمين كانوا أو مسحييين  ، أغنياء كانوا أم فقراء بل كان الحرص على إقامة العدل هو ديدنا فى ذلك لأننا ندرك أن العدل فريضة شرعية " ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلواهو أقرب للتقوى "


وفى ظل هذه المعانى لا يمكن أن نتصور أن الانتخابات التى هى بداية المشاركة السياسية الفعالة بتفويض شعبى هى حرب يباح فيها الحرام أو تنتهك فيها الثوابت. خلاصة ما أريد أن أصل اليه أن الانتهازية والكذب واستحلال الحرام ليسوا من أخلاق الاسلام ولا علاقة لهم بالعمل السياسى الشريف ولا بالانتخابات حتى لو صورها البعض ممن ضاق أفقهم وقل فقههم على أنها حربا !!وكل ذلك لن يؤثر فى انتخابات هى الأولى من نوعها من حيث إقبال المصريين عليها ومن حيث نزاهتها !


الثوار ونجاح الاختبار


بعد أحداث ماسبيرو وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء وما ترتب عليه من إسالة دماء للمصريين وأحزان طافت على بيوت كثير من المصريين وفى ظل اتهامات لطرف ثالث تدخل لإفساد العلاقة بين الجيش والشعب يبرز تساؤل بديهى لماذا يترك المجلس العسكرى الأعلى الأمور تطور دون أن يكشف على هذا الطرف الثالث ! ولماذا يترك الشباب ووسطهم البلطجية والمأجورين دون تدخل طوال هذه الفترة ؟ هل للإساءة للشباب الذى يرى أن حريته التى نالها بعد ثورة 25 يناير تتأكل يوما بعد يوم  دون أى تقدم فى ملفات مطاردة الفساد وتطهير مصر من المفسدين وبطء المحاكمات وعدم حساب أيا من المتهمين بقتل المصريين ؟ أم أن هناك ضغوطا وتهديدات من الخارج ومن الداخل تمنع هذه الإجراءات ؟ الشعب يريد أن يعرف من هم الذين يؤجرون الشباب من محافظات مصر للذهاب الى ميدان التحرير لممارسة العنف وتشويه صورة الشباب الذى يعبر عن رأيه بشكل سلمى ! نريد أن نعرف من قتل الشيخ عماد عفت صاحب الفتوى الشهيرة بتحريم التصويت للفلول  من مسافة لا تزيد عن 5 أمتار !! نريد أن نعرف من المستفيد من إحراق تاريخ مصر فى المجمع العلمى ومن سرقة المتحف المصرى !؟ نريد أن نعرف من المستفيد من إسقاط هيبة الدولة باستمرار الغياب الأمنى ومحاولة اقتحام مجلس الوزراء وإحراق مجلس الشعب ؟ واستفسارى هنا فى ظل غياب التوافق بين قوى الثورة المصرية لماذا لا يرفع الشباب الثائر المحترم اعتصامهم لتسهيل الفرز والقبض على الطرف الثالث الذى حيرنا وكشف مؤامرة الفلول التى تدار من طرة بأموال المصريين التى نهبت منهم على مدار عشرات السنيين ! أرجو الاستماع الى صوت العقل لاستراحة المقاتل مع ترك مهلة لإنهاء التحقيقات وتحديد الجناة وإعلان ذلك على الملأ  بعيدا عن التسويف والوعود التى لا تتحقق  مما يثير القلق فى نفوس المصريين الراغبين فى الاستقرار وبدأ مهمة البناء والتنمية فى مصر كى يحصد المصريون ثمار ثورتهم عند الاحتفال بذكراها الأولى والله من وراء القصد


دكتور محمد جمال حشمت

أستاذ جامعى وقيادى بحزب الحرية والعدالة

إضافة تعليق