د. جمال حشمت يكتب : الأسد الذي صار فأرا

أول زيارة لى لسوريا الشقيقة كانت فى ظروف صعبة حيث كنا فى بعثة إغاثية تابعة لاتحاد الأطباء العرب لتوصيل مستلزمات جراحية غالية الثمن مع أساتذة فى تخصصات نادرة للدخول للعراق فى ابريل 2003 ووصلنا الحدود يوم 9 ابريل يوم سقوط بغداد !


الشاهد فى الزيارة هو الإنطباع الذى تأكد لدى منذ الوهلة الأولى التى نزلت فيها الى البلاد حيث شممت ورأيت روح النظام الناصرى فى مصر كأنى عدت الى الوراء أكثر من 40 عاما !! حيث الشعارات فى كل مكان وليس هناك سوى صور الأب والإبنيين  فى كل الشوارع وعلى الاتوبيسات ووسائل النقل العام  تعلن  أن سوريا هى الأسد والأسد هو سوريا ! مع تدنى وتخلف نمط الحياة وكأنه يذكرنى بفترات الستينات فى مصر !


وعندما ثار الشعب على هذا الوضع المتردى فى سوريا ظهر الأسد كأبيه فى مقاومة شعبه بشكل همجى ولم لا فقد فعلها أبيه من قبل وقتل الآلاف فى مدينة واحدة أعلنت تمردها على الفساد والظلم الذى يحكم سوريا ! قال المؤيدون أن الأسد وسوريا هى رمز المقاومة ضد الكيان الصهيونى لقبولها بوجود المقاومة على أراضيها ولم يدرك هؤلاء المنافحين عن الأسد وعصابته أنه لم يطلق رصاصة واحدة فى اتجاه العدو الصهيونى ولم يقتل منهم فردا واحدا طوال عشرات السنيين بينما حتى الآن قتل أكثر من خمسة آلاف سوريا فى شوارع سوريا من أطفال ونساء وشيوخ وشباب غير ما اعتقل منهم غير ماعذب ونكل بالآلاف منهم !! ثم ندافع عنه لآنه نظام مقاوم ! نعم هو مقاوم لكل شريف حر فى وطنه نعم هو مقاوم لأنه ترك أرضه وشعبه تحت رحمة بنى صهيون ولم يقدم لهم حماية أو دعما فى الجولان !


نعم هو مقاوم لأنه لم يحرك قطعة سلاح واحدة إلا فى مواجهة شعبه الأعزل وحاصر مدن سوريا العفيفة الأبية كما فعل أبوه من قبل !! العار يلاحق كل من يدافع عن الأسد وزبانيته وهو يقتل شعبه تحت دعاوى دعم المقاومة ! مقاومة المشروع الصهيونى ! والسؤال المنطقى ماذا فعل وماذا قدم نظام الأسد من أجل ذلك ؟ لماذا دعم المقاومين ولم يدافع عن بلده وشعبه من كل الاعتداءات التى وقعت من الكيان الصهيونى ؟ لماذا منح الأمان لقيادات المقاومة بينما لم يمنحه لأبناء شعبه وهم ينتفضون بشكل سلمى طوال شهور عديدة ! ؟ هل النظام السورى الطائفى كان يغسل نفسه ويعيد انتاج مهمته تحت شعار المقاومة ووجد فى الفلسطينيين المطاردين غطاءا وغسولا لتواطئه وصمته على المشروع الصهيونى !


عندما خرجت الشعوب من المعادلة فى المواجهة على أيدى الأسد ومبارك وبن على والقذافى وكل الطغاة الذين حكمونا عشرات السنيين انتفش وتعاظم المشروع الصهيونى وتمكن من رقابنا أكثر وأكثر لأن هؤلاء الذين قمعوا الشعوب كانوا السند والكنز الاستراتيجى لهذا المشروع الاستيطانى المجرم وكانت هذه هى المهمة الأقذر التى لعبها هؤلاء الحكام ومازال البعض يقوم بها !! واليوم عندما أرادت الشعوب حريتها وأن تستعيد دورها الحقيقى فى إدارة بلادها قتلهم الطغاة المقاومين !!


لعن الله تلبيس ابليس الذى جعل الحق باطلا والباطل حقا من أجل مصالح شخصية أو توجهات كارهة لحق الشعب فى أن يحكم نفسه كى تبقى تحت نير الظلم والفساد والاستبداد ! لعن الله بشار الملوثة يديه بدماء شعبه صغارا وكبارا ويريد أن يتنصل بشكل طفولى من مسئولية الدماء المراقة ورغم أن العاقل هو من اتعظ بغيره إلا أن العناد والغباء وهما من صفات فرعون الأمة كانا سببا هلاكه ولينصرن الله من ينصره فمهما دافع المدافعون ونافق المنافقون فإن دم مسلم واحد اعز عند الله من الكعبة الشريفة وحرمتها وليعلم الذين يستهينون بدماء شعوبهم كانوا فى مصر أو اليمن أو سوريا أن دماء الشهداء لعنة ستلاحقهم الى الأبد حتى يقتص لهم فإن  فى القصاص حياة يا أولى الألباب !


دكتور محمد جمال حشمت

أستاذ جامعى ونائب بالبرلمان المصرى

إضافة تعليق