د. جمال حشمت يكتب : مصر في محنة !

لقد كانت هذه الثورة المباركة سببا فى إحساس المصريين بأنهم صاروا أصحاب وطن بعد أن كانوا أجراء ولاشك أن الشعور الطاغى بالحرية يمكن أن يتحول الى حالة فوضى مالم يستشعر المصريون أن الانشغال بالهم الخاص اليوم هو الطريق الأسرع لإشاعة الفوضى فى مصر ! لقد استغلت فلول النظام المتبقى حالة الحرمان الطويلة والظلم البين الذى وقع على المصريين فى أرزاقهم فحرضت الموظفين والعمال فى كل مكان للإضراب والاعتصام لنيل حقوق نهبت منذ عشرات السنين على أن تسترد فى أيام !!! لقد انشغل البعض الأخر الذى لم يلق قبولا من الشعب المصرى فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة بإثارة فتن أخرى حول تزوير تمت فى الانتخابات !! أو دعاوى لبطلان البرلمان أو أختلاف حول مواد دستورية أو تشكيك فى انتخابات رئاسية أو إثارة خلاف حول الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وكلها تؤثر بلا شك فى مستقبل الاستقرار عندما يتجاوز الحوار فيها حدود العقل والمنطق لتصل لمرحلة التشكيك والتخوين ! 

لذا فالواجب الآن على المصريين أن يتوقفوا عن مظاهرات الاحتجاج الفئوية ومطالبها المالية التى خفضت الاحتياطى المالى الى 15 مليار وهو ما يهدد احتياجات المواطنين من السلع الأساسية الفترة القادمة  كذلك فقد دفع هذا الوضع المتردى اقتصاديا الحكومة الحالية لطلب قرض من البنك الدولى وبموافقة صندوق النكد الدولى بأكثر من 3 مليار دولار مما يجعل مستقبل مصر رهن الإرادة الأمريكية كى نستمر فى مسلسل الهوان الذى عاشه نظام مبارك الخائن حتى اليوم عندما تم تهريب متهمون أجانب فى قضية منظورة أمام القضاء المصرى على جانب كبير من الخطورة على أمن مصر القومى !! أضف الى ذلك أن الحكومة الحالية تستعد للرحيل ولن تتخذ أى قرار فى صالح المقهورين أصحاب الحقوق من الشعب المصرى وبالتالى فكل الاعتصامات والتظاهرات لا فائدة من ورائها لحين وجود حكومة قوية ومستقرة بل كل ما تؤدى اليه هو زيادة حالة الفوضى التى ينتظرها أعداء الثورة ممن يخافون على نفوذهم ومصالحهم إذا استمر مد الثورة وتم استكمال مؤسسات الدولة ! مصر يضرها الآن إما متربص كاره أو وطنى جاهل وكلاهما يتم الآن توظيفه لإسقاط مصر ومنعها من الوصول الى نقطة الاستقرار التى ستجعل من مصر دولة قائدة رائدة قوية تجلب السعادة والعزة لشعبها والأمن والاستقرار لكل المنطقة ! فهل نجد أذان صاغية تستشعر المسئولية وتدرك أن مصر اليوم فى محنة تحتاج كل أبنائها صفا واحدا مهما كانت الاختلافات بينهم والتى يمكن حلها فى إطار دولة مستقرة وقوية ! نسأل الله أن يحمى مصر من كيد الداخل وتربص الخارج !


-------------------------------

أستاذ جامعي ونائب بالبرلمان

إضافة تعليق