أكتب وقد زهدت الكتابة وأحيانا أستمع وقد مللت السماع من كثرة الكذب والخداع الذى يقود الإعلام المصرى هذه الأيام ولقد شاء الله أن تتكشف حقائق غابت فى خضم أحداث الثورة ! وسقطت أقنعة اختفى ورائها مدعين بالحق والنضال الثورى متصورين أن إنفاق المال يشترى تاريخ أو مواقف أو أخلاق لا وجود لها ! لقد كانت الانتخابات الأخيرة كاشفة لسلوك معيب عند البعض لم يكن ليظهر لولا الصراع والاستقطابات التى حدثت فاضطر هؤلاء لتحديد مواقفهم وإعلان انحيازاتهم فكانت لغير ما أعلنوا الإيمان به !! لم أكن أتصور من جاهد العسكر وسب وجودهم وأهانهم على الفاضى والمليان هو الذى يدافع الآن عن بقائهم واستمرارهم فى خضم عمل سياسى أداروه من قبل بشكل مؤسف ومهين ! لم أكن أتخيل الذى سب النظام الماضى تماشيا مع نغمة الثوار يعود ويتمنى عودته ويضرب به الأمثال !!
ولم أتعجب ممن حرضوا على مصر واحتلالها من قلب أمريكا ينظمون مظاهرة لكشف مؤامرة أمريكا لتفتيت مصر ورفض وجود وزيرة الخارجية التى جاءت مرات عديدة التقت فيها بالمجلس العسكرى وبعض النشطاء دون أى اعتراض أو إظهار للمحة غضب !!! لقد أثرت البعد عن الكتابة لأن الآلة الإعلامية الضخمة تدور اليوم فى غير اتجاه الحقيقة بل هى قائمة على الغش وتزوير التصريحات بل افتعالها من العدم وتفسير الأحداث فى عكس اتجاهها الطبيعى صار مثلا اجتماع الإخوان لدعم مشاريع الرئيس لمصر عمل لميليشيات سوف تحتل أماكن ومهام أجهزة الدولة !!!
وصار سفر الرئيس الى السعودية بهدف تدعيم العلاقة بين الإخوان والسعودية !!! وأصبحت حركة تنقلات الشرطة السنوية مجالا لسيطرة حزب الحرية والعدالة لنقل اللواءت والضباط طبقا لهواهم !!! وذلك بعد أن فشلت افتكاسة إدخال دفعة تكميلية لأكاديمية الشرطة من أبناء الإخوان !!!! وكما سمعت مؤخرا من معارض كبير أنه من المعلوم – ولم أسمع مطلقا عن ذلك – أن دفعة تكميلية من 61 من أبناء الإخوان تم تعيينها فى النيابة العامة بموافقة المستشار حسام الغريانى بعيدا عن الشكل الرسمى !!! وهنا تجد أن كل من يراد له أن يتلوث أو يساء لسمعته يمكن ضمه بأى شكل فى أخبار كاذبة من الواجب أن يحاكم عليها من نشرها !! لهذا ابتعدت عن الكتابة فترة حيث صار الخبر الصحفى الذى يدوى هو الهدف حتى لو كان كاذبا ماهو كل واحد ينكر ما قال!! ولعلها فرصة لدس السموم فى لقمة عسل واحدة !!!
لم يدرك هؤلاء أنهم يؤسسون لفوضى فى وقت يجب أن تنتقل فيه مصر من دولة الفوضى لدولة المؤسسات ويؤسسون لإعلام كاذب سينفض عنه الناس يوما ما رغم أنه من المفروض أن يبدأ الإعلام القيام بدوره النهضوى فى التعريف والتوعية والتثقيف حيث أن أغلب مشاكلنا تحتاج الى إعادة صياغة من الاستهتار الى الآهتمام ومن التهريج الى الجد ومن الكسل الى العمل ومن العشوائية الى المؤسسية ومن الخوف الى كلمة الحق ومن النفاق الى الشجاعة فى قول الحق أمام كل من يخطئ أيا من كان بقوة فى حدود من الأدب والرغبة فى الإصلاح !! لقد عاش بعضهم وهم نواب بروح الثوار فأفسدوا كلاهما ثم فوجئنا بأن بعضهم لواءات أكثر من اللواءات !!!! دعوتى واقتراحى الأخير الذى تم تشويهه أو ربما فهم خطأ لو أحسنا الظن هو حث الرئيس على دعوة الأحزاب والقوى السياسية فى وجود ممثلين للمجلس الأعلى العسكرى لرسم خارطة طريق لمصر حتى لو استلزم الأمر إصدار الرئيس المنتخب تعديلا للإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره معينون لاستعادة الروح المصرية للبناء قبل الصلاحيات التى تخص الرئيس !!! وفى أقصى سرعة متزامنا مع ظهور إعلامى للرئيس يحكى لنا ماذا تم فى الأسبوعين الماضيين بكل شفافية ولا مانع من أن يعلن تسامحه مع من سب وقذف لإنشغاله بالأهم وهى مصالح مصر وحقوق المصريين وهو يفوض أمره الى الله فهو حسبه ونعم الوكيل وعلى المتضرر اللجوء الى القضاء ! فاللهم وفق قادتنا دعاء من القلب كما نسأل الله أن يوفقنا جميعا كل فى مهمته خاصة مع قدوم شهر كريم قدره عظيم وكل عام وأنتم بخير
دكتور محمد جمال حشمت
أستاذ جامعى ونائب (بالبرلمان)