هل أخطأ الإخوان؟

هل أخطأ الإخوان يوم قرروا عدم الحشد يوم 25 يناير لإتاحة الفرصة لإنجاح مظاهرة شعبية قد يتسبب وجودهم الكثيف فيها لمواجهة شرسة منذ البداية تحقيقا لرأى تبنوه بعد طول تجارب من أنهم لن يكونوا موردين أنفار لأحزاب وقوى لا تمارس الشورى فى اتخاذ القرار؟ وكان اتهامهم الدائم عند عدم الحشد أن الإخوان باعوا القوى السياسية فإذا حضروا بكثافة قالوا عنهم سيطروا على المشهد وأرادوا إثبات الحضور وتغييب من معهم من الشركاء !!!!!


هل أخطأ الإخوان يوم قرروا الموافقة على خارطة طريق واضحة المعالم فى استفتاء 19 مارس بقولهم نعم التى تشرح بالتفصيل كيفية إدارة انتخابات حرة ثم تكوين جمعية تأسيسية لوضع الدستور ثم انتخابات رئاسية بدلا من الموافقة على مجهول لم تحدد معالمه عند التصويت بلا !! وأعتقد لو كانت لا التى فهمها البعض على أنها وضع الدستور أولا لكنا حتى الآن بلا توافق على جمعية تأسيسية وفى غياب برلمان ورئيس ! لكن المعركة التى نشأت من القوى الرافضة لنتائج الاستفتاء وللمرجعية الاسلامية نجحت فى حل البرلمان بشكل كيدى لم يحدث فى تاريخ برلمانات العالم وكذلك فى حل الجمعية التأسيسية الأولى رغم عدم خضوع البرلمان لأحكام الإدارية فلا تداخل فى الاختصاصات لكن تنسيق يتم عبر رئيس الجمهورية ! واليوم مازالت الحملة مستمرة لإفشال الجمعية الثانية التى تمت بالتوافق وتحصنت بقانون دون أسباب حقيقية ! فلم يسيطر عليها أحد كم يدعون فمجموع أصحاب المرجعية الاسلامية لا يتجاوز 46 بينما التصويت فيها عند المرة الأولى 67% والثانية عند الاختلاف 57% !! ورغم ذلك فقد أعلن أعضاء الجمعية أنهم لن يجروا تصويتا واحدا ليكون الدستور ومواده كلها بالتوافق ! ولا تتم المناقشة كما يدعون فى الظلام فقناة صوت الشعب تذيع التفاصيل واللجان تواصلت مع الشعب فى كل محافظات مصر وخارج مصر وهناك موقع اليكترونى حى للحوار غير لجان الاستماع غير اللجنة الاستشارية التى أعلن عنها منذ أيام للمعاونة وتتكون من متخصصين لم يتم اختيارهم فى الجمعية !! فلماذا يصر البعض على تدميرها كما قالوا بالحرف الواحد !؟


هل أخطأ الإخوان يوم نزلوا للميدان لتحقيق مطالب ثورية وواجهوا المزايدة التى لم تقبل منهم عملا ! فإذا نزلوا ابتداءا قالوا عنهم استعراض للقوة وإذا نزلوا استجابة لمطالب ثورية قالوا عنهم ركوب للموجة ! وإذا فضلوا عدم النزول اتهموهم بأنهم خانوا الثورة وباعوا دم الشهداء !! حتى المرة الوحيدة التى ملؤا فيها الميدان وحدهم رفضا للتعديلات فوق الدستورية التى تمنح العسكر ميزات (قبلها الليبراليين واليساريين والعلمانيين) حتى قال عنهم دكتور خليل عنانى " النخبة فى مصر فى أزمة ما بين العسكرة والأسلمة فلما خيروا اختاروا العسكرة !!!) ، وقد وصفها هؤلاء بجمعة قندهار استهزاءا وسخرية ! لقد اختار هؤلاء الوقوف بجانب العسكر وهم من ملأ الدنيا صراخا بهتاف يسقط يسقط حكم العسكر !!


هل أخطأ الإخوان عندما رفضوا النزول للميدان وقت الكر والفر بين الشباب ووزارة الداخلية مرة والشرطة العسكرية مرة أخرى ؟ لقد وصلت معلومات متواترة من معظم محافظات مصر بأن هناك كمينا يعد لهم عند نزولهم بكثافة عالية لإراقة مزيد من الدماء وقلب الطاولة والعودة للمربع رقم صفر مع إعلان الأحكام العرفية !! ورغم علم الإخوان أن ذلك سيستخدمه الخصوم مما يقلل من شعبيتهم وهم مقدمون على انتخابات إلا أن ذلك لم يكن فى حسابات الإخوان يوم قرروا تفويت الفرصة وعدم النزول حتى لو فشلوا فى الانتخابات القادمة !! ومع سقوط المصابين وارتقاءالشهداء إلا أن أحدا ممن فى الميدان لم يفكر فى حقن الدماء أو تفويت الفرصة  على العسكر لإعادة النظر فى مسار الثورة وإنهائها ! وكالوا الاتهامات للإخوان كأن خياراتهم هى عنوان الحقيقة !!!


هل أخطأ الإخوان أن شاركوا بقية الأحزاب أدائها المتحمس داخل البرلمان ولم يتفقوا على أجندة تشريعية ورقابية كى تتخلص مصر من الفساد والعجز والظلم بشكل فعال ومنظم !؟ ويضعون رؤية مشتركة لكيفية بناء مصر دون أن يشغل الأخرون المجلس بشحن عاطفى أحيانا و بتعصب مقيت لأحزابهم تارة أخرى ! لقد كانت الفرصة سانحة لإقتراب جدى وبثقة نحو التخلص من المفسدين ومنظومة الفساد بإعادة صياغة تشريعية واستعمال وسائل رقابية  تناسب الزمان والمكان! بينما انشغل الأخرون بتصفية حساباتهم مع الإخوان والحرية والعدالة وتشويه أدائهم حتى لو تسبب ذلك فى إهانة المجلس كله بل التخلص منه كما رحبوا بعد ذلك بحكم الدستورية المختلف عليه !


هل أخطأ الإخوان عندما قرروا عدم النزول للميدان يوم الجمعة الماضية 12 اكتوبر 2012م وترك الفرصة للأحزاب العشرين لعمل مليونية ملخصها الهجوم على الرئيس والإخوان وحزب الحرية والعدالة ؟ ثم بعد الأحكام التى برأت كل المتهمين قرروا النزول كما نزلوا من قبل اعتراضا على حكم تبرئة قيادات الشرطة المحالين للمحاكمة مع الرئيس المخلع وابنه ! ورغم أنهم كانوا بشكل رمزى إلا أن المتربصين بهم من القوى الأخرى أذاعوا أنهم قادمون لإخلاء الميدان من شباب الثورة !!!!!!!!!!!!فاعتدوا عليهم وحرقوا سياراتهم واعترفوا بذلك فى الجزيرة مباشر!! ورغم ذلك فاعتقد أن قرار النزول لم يكن محسوبا بدقة ! لأنك تتظاهر وسط شباب مشحونين منهم المؤيد ومنهم المعارض بحق أو بغير حق وهو اجتهاد لا أتصور أنه جاء وفق خطة شورية لكنه على كل الأحوال يصيب ويخطأ وردود الأفعال حتى الآن مازلت هى التى تقيم القرار !!! وسواء اخطأ الإخوان أم لا فلا يمكن أن يتم التعامل معهم بالعنف والضرب والحرق والتشويه والترصد والتربص !

واستعمال ماكينة الإعلام المذعورة لنشر الأكاذيب حولهم !


خواطر أهمتنى :

· مازال بعض المحافظين يختارون الأسوأ من المسئولين الذين أدينوا فى سابق أعمالهم لمناصب قيادية متعللين بتقاريرجهات رقابية غير أمينة فى سرد كل الحقائق وما وصل لأيدينا ضد هؤلاء حتى الآن يدينهم جميعا !!


· الذين رددوا " يسقط يسقط حكم العسكر" هم من تعاون معهم وحزن على فراقهم ، " الشعب يريد إقالة النائب العام " هم الذين مدحوا فيه واعترضوا على انتقاله لعمل تنفيذى بعيدا عن القضايا التى لم يكشف عنها النقاب ولم يقدم اصحابها لمحاكمات عادلة أولئك هم المهوسون بالحكم والسيطرة وبالفشل أمام صندوق الانتخابات فصدعو رؤوسنا بالحرية والديمقراطية فلما تخلت عنهم كفروا بها وأهانوا شعب مصر وقالوا الديمقراطية ليست الانتخابات ! ساء ما يحكمون


دكتور محمد جمال حشمت

g.hishmat@gmail.com

15 اكتوبر 2012م

إضافة تعليق