رحل عام وبقيت أمال !

يمكن لنا أن ندعى أن عام 2012 كان عام الغباء السياسى الذى شارك فيه الجميع فى صراع بين من يحافظ على مكتسبات شعبية ديمقراطية بوسائل أحيانا غير ديمقراطية وبين فريق شعر بعجزه وخروجه من اللعبة الانتخابية خالى الوفاض لم يحقق نتيجة واحدة فائزا فيها فمارس رؤيته للديمقراطية بوسائل غالبا غير ديمقراطية !! تطاول الكثيرون على الديمقراطية وإجرءاتها رغم أنهم كانوا هم المبشرين بها والراغبون فى تحقيقها لكنها عندما مورست لم تأت بهم فكفروا بها واقتاتوا عليها كصنم العجوة الذى كان يعبد من قبل !! بل ذكرت مجلة تايم وجرائد ألمانية أن الاسلاميين أمنوا بالديمقراطية ومارسوها أكثر من الليبراليين فى مصر !!ومن قبله قال خليل عنانى أن النخبة المصرية فى أزمة فقد خيروا بين الأسلمة والعسكرة فاختاروا العسكرة !!


أخشى ما أخشاه ونحن نستقبل عام جديد ألا نتعلم من عام مضى وأن يدرك الجميع حكاما ومعارضة أن مصر أكبر منهما جميعا ولن تفلح قدرات احدهما منفردا على النهوض بها كما ينبغى فكلاهما قد لايملك كل المواهب التى تحتاجها مصر فى هذه الفترة الحرجة من تاريخها والتى تبدو أنها فرصة لن تتكرر لبناء مصر على أسس صحيحة من الإنشاء والتوافق والبناء والنهضة تتحدد فيها المعايير الصحيحة لكل منهم ! لكن هذا يحتاج الى روح وهمة عالية على البناء وقدرة على التسامى عن المطامع الشخصية وتقديم مصلحة الوطن على كل المصالح ! فهل نرى ذلك من كل أبناء مصر؟


إن المهمة فى حقيقتها ثقيلة على أصحاب الأغلبية الشعبية الحاكمة لأن المبادرة مطلوبة منهم والاحتواء مهمتهم والصبر على المخالفين قناعتهم وهم الأقوى عند التنفيذ والأصوب عند التناصح والأصلح للوقت فإذا تخلوا أو تناسوا فالتاريخ سيسجل عليهم وقد يدفع سلوكهم هذا الى تغيير نمط المعارضين الآن لنمازج أفضل تعى خطورة المرحلة بعيدين عن الأهواء الشخصية حريصين على المشاركة واكتساب الخبرات وهو أمر لابد ان تحرص الأغلبية على تحقيقه بالاستمرار فى مد الأيدى للتعاون مهما لقيت من جفوة لن تلبث طويلا بل سينفض عنها الأنصار طالما تدور عجلة الحياة وبناء المؤسسات بمشاركة الجميع بعيدا عن المعاندين !


والخوف هذا العام على مصر كبير فقد فشلت المرحلة الأولى من المناكفة السياسية بالحفاظ على المؤسسات المنتخبة حتى إقرار الدستور وبدأت مرحلة دعاوى الانهيار الاقتصادى والإفلاس وإثارة العوام خوفا من عدم صرف المرتبات أو زيادة الأسعار أو غياب العدالة الاجتماعية وقد تنجح لملمة الجهود الاقتصادية بافكار خلاقة تجتاز بها مصر عنق الزجاجة نتيجة تكاتف المصريين فإذا مرت هذه المرحلة بسلام وجب على الأسياد أن يتدخلوا بعد فشل صبيانهم وهنا قد تظهر اسرائيل مجددا فى الصورة بشكل اعتداءات داخلية أو على الحدود لإشغال المصريين عن مهمتهم الأصلية التى انتدبوا اليها بعد الثورة ! أو تظهر الولايات المتحدة وجهها القبيح الاستعمارى القديم تارة على شكل أبحاث تشكك فى مستقبل البلاد فى ظل حكم الاسلاميين أو على شكل ضغوط تمارسها على هيكل الدولة المصرية لوقف التطور الديمقراطى الذى يتعارض بشكل أساسى مع المصالح الأمريكية الصهيونية فى المنطقة !!


المهمة التى أصبح المصريون مكلفين بها تستوجب الفهم والوعى الكامل بخطورة المرحلة وندرة الفرصة المتاحة ثم الوحدة والتكامل المثمر الذى تتصاغر بجانبه الرغبات الضيقة والمكاسب السريعة التى تشبع نهم الأفراد وتتسبب فى ضياع الأمم والأوطان


إن شاء الله ستتجاوز مصر هذه المحن وفقا لموعود الله بالأمن والأمان ، وللسنن التى تجعل لكل مجتهد نصيب ولن نتجاوز الآية التى نطق بها رئيس مصر فى خطابه أمام مجلس الشورى التى تؤكد "وفى السماء رزقكم وما تعدون" طالما هناك عملا وانتاجا والتى سخر منها التافهون الذين لا يثقون فى ربهم والمشككين فى كل شئ تدعمه آية أو حديث !! لأنهم بلا ثوابت ولا مرجعية لكنهم غثاء كغثاء السيل !


أمال العام الجديد تتسع لتشمل بعد اكتمال مؤسسات الدولة ( نواب وشورى ومحليات) عودة حقيقية للأمن ليؤكد أنه اكتسى ثوبا جديدا يحمى به مكتسبات الثورة بعد أن كان فيما مضى سببا جوهريا لقيامها فهل يدرك رجال الأمن قيمة هذا الدور الجديد الذى يجب كل ما مضى ولنؤسس ليوم حقيقى للإحتفال بالشرطة المصرية فى ذات اليوم الذى ظل عيدا لهم طوال أكثر من 55 عاما فإذا به عيدا للشعب كله ! وإذا كان موقف أبناء القوات المسلحة انحيازا للشعب فى ثورته وعيدا أيضا لهم فلم لا يحتفل الشعب المصرى كله بهذا اليوم احتفالا رسميا من خلال عروض عسكرية وشرطية يجمع كل أبناء الشعب المصرى فى ذات الميدان الذى شهد انصهارهم وإصرارهم على التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية ياليت شعرى أن نحتفى جميعا بعيد الثورة الثاني بعيدا عن الكراهية والاستقطاب وعهدا على السير فى طريق بناء مصر يساند بعضنا بعضا تنعلم من الماضى ونحسن من أنفسنا ونتطلع الى المستقبل ونقترب من بعضنا البعض فى مصالحة حقيقية كى نستطيع أن ننجز باقى أهداف ثورتنا العظيمة فى بداية عامها الثالث  اللهم إنى أحلم بذلك فحقق لى شيئا منها إنك على كل شئ قدير


دكتور محمد جمال حشمت

أستاذ جامعى ونائب بالبرلمان

31 ديسمبر 2012م

إضافة تعليق