الدكتور جمال حشمت يكتب : حق الحياة ... فى حضَانة !

مقالة اليوم أتركها لمشكلة تؤرق كثير من المصريين ونتعامل معها يوميا وقد نعجز عن إيجاد الحلول لكل من يعانى منها، تقول الرسالة:


انطلاقا من حبنا لهذا الوطن ورغبة في رفع البلاء عن المحتاجين وايمانا منا باننا مستخلفون في الارض لعمارتها وتصديقا لقول الله تعالى (ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا) المائدة .32 فقد فكرنا في هذه المبادرة التي تهدف الى انقاذ حياة أكثر من 190الف طفل سنويا في مصر


ان مشكلة الاطفال ناقصي النمو هي من أكبر التحديات التي تواجه المنظومة الصحية للدولة في مصر وقد لاحظنا ان كثير من المسؤولين في القطاع الصحي يتشدقون بأن نسبة الاطفال التي لا تجد حضانات في مصر لا تتعدى 40 % من اجمالي الاطفال اللذين يحتاجون للحضانات وهي نسبة قليلة من وجهة نظرهم متناسين ان طفل واحد يموت بسبب عدم توفر حضانة له هو منتهى الفشل

وحق الإنسان في الصحة مسلم به فى الدستور المصرى الجديد المواد (62-63-70) و في العديد من الصكوك الدولية. فالفقرة 1 من المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد أن: "لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة له ولأسرته، ويشمل المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية". وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أشمل مادة تتعلق بالحق في الصحة في القانون الدولي لحقوق الإنسان


وبما اننا موقعين على هذا الاعلان فأن الدولة المصرية والمجتمع المصري ومؤسسات المجتمع المدني   ملزم قانونا بتطبيق هذا الاعلان وتنفيذه بكافة الطرق المتاحة ون قبل ذلك فهو التزاما دينيا انسانيا اخلاقيا لان انقاذ حياة انسان بل انقاذ حياة اسرة هو من اهم الاهداف التي تدعو اليها كافة الديانات السماوية


رحلة عذاب كبيرة يعيشها كثير من الاباء و الامهات  في البحث عن حضانة فالطفل مع مولده تعم مشاعر الفرحة وتسود السعادة ولكن مع احتياجه الي حضانة تنقلب الاوضاع وتتبدل الظروف ليدخل الاب والام في " دوامة "البحث عن حضانة بسعر مناسب، وقد تنتهي رحلتهم بوفاة المولود او اصابته بأمراض تلازمه مدي الحياة فكثيرا ما نسمع عن وفاة عدد من المواليد المبتسرين داخل احدي الحضانات اثر انقطاع التيار الكهربائي او نتيجة اهمال لعدم دراية اطقم التمريض بأساسيات التعامل مع تلك الاجهزة مع ملاحظة ان نسبة كبيرة من اللذين يرزقون بأطفال ناقصي النمو هم من اللذين حرموا لفترات طويلة من نعمة الانجاب .. وبلغة الأرقام  فى إحصائية غير دقيقة يوجد في مصر 190 ألف طفل يحتاجون سنويا الي حضانات ولا يوجد سوي 2261 حضانة على مستوي الجمهورية. وهذه الاعداد غير كافية.


والأرقام هي عدد الأطفال المتوفون لكل ألف مولود حي فى عامى 1989 و2005

مصر : كان الرقم 93 طفل متوفي من بين كل 1000 طفل حي .. و أصبح 31.33 بانخفاض قدرة 66%

السعودية : كان 74 وأصبح 12.81 بانخفاض قدره 83%

لبنان : كان 50 وأصبح 23.72 بانخفاض قدره 53%

تونس : كان 44 وأصبح 23.84 بانخفاض قدره 46%

إسرائيل : كان 9 وأصبح 6.89 بانخفاض قدره 23%

أمريكا : كان 10 وأصبح 6.43 بانخفاض قدره 36%

بريطانيا : كان 9 وأصبح 5.08 بانخفاض قدره 44%


ولعل من أهم الأسباب التى تؤدى الى نقص نمو الأطفال واحتياجهم الى الحضانات


1.  انخفاض مستوى المعيشة: انخفاض دخل الأسرة، مستوى التعليم المنخفض، الإقامة، المستوى الاجتماعي، الوظيفة.

2.  عمر الأمهات أقل من 16 سنة أو أكثر من 35 سنة.

3.  نشاط الأم وحركتها كلما زاد النشاط والحركة كلما زادت نسبة حدوث نقص النمو هذا يحدث ضمن المستوى الإجتماعى الأقل حيث الرعاية الطبية أقل وكذلك المتابعة أقل.

4.  إصابة الأم بالأمراض الحادة والمزمنة.


5.  الحمل بأكثر من توأم يحدث نقص النمو الرحمي في حوالي نصف الأطفال


6.  أسباب خاصة بالأم مثل تشوهات بالرحم، إصابة بالرحم، تشوهات بالمشيمة وفى مكان اتصالها بالرحم، انفجار جيب الماء قبل موعده أو حدوث التهاب في السائل الأمنيوسي..


7.  ولادة طفل ناقص النمو قد يشير إلى أن الطفل القادم سيولد أيضا ناقص النمو.


8.  الأم الإفريقية عندها استعداد لولادة أطفال ناقصي النمو أكثر من الأمهات البيضاء.


9.  أحياناً يتم إجراء الولادة اعتمادا على حسابات خاطئة في تقدير مدة الحمل مما يتسبب في الولادة المبكرة.


ان حل هذه المشكلة في التوسع في انشاء واستكمال مراكز العلاج على مستوى الجمهورية وقد قامت الجمعية الشرعية بتجربة رائدة في هذا المجال بأنشاء أكثر من 700 حضانة مجهزة تجهيزا جيدا ويعمل بالمجان بنسبة نجاح تعدت ال 90% وبكفاءة عالية لذلك نقترح الاتي: -


1. التوسع في انشاء الحضانات بنفس مواصفات الجمعية الشرعية او أفضل حب الامكانات المتاحة


2. التعاون مع منظمات المجتمع المدني في اعادة تأهيل المستشفيات العامة واستكمال احتياجاتها


3. التعاون مع وزارة الصحة لإعادة تأهيل المحاضن والاشراف عليها ومراقبة القائمين عليها بواسطة الجمعيات الاهلية


4. التعاون مع الهيئة العربية للتصنيع لاستكمال برنامج انتاج حضانة مصرية على كفاءة عالية وبسعر مناسب


5. الاستفادة من امكانات الهيئة لإنتاج اجهزة الاعاشة التي تحتاجها الحضانة داخل الهيئة مما سيوفر الكثير من الاموال


6.  اعداد الكوادر البشرية المدربة واعادة فتح مدارس التمريض بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة


7. اقتراح اعادة تأهيل خريجي الكليات والمعاهد العليا للعمل في هذا المجال


 والمقترح المقدم من المهندس المسئول يقول أن تكلفة الحضانة بالأجهزة المعاونة تتراوح بين 75 ألف و100الف جنيه – نستطيع تصنيعها بتكلفة لا تزيد عن 30% من هذه التكلفة -اي ان 10الف حضانة تتكلف من 750 مليون الى واحد مليار جنيه تصرف لمرة واحدة تعيش لمدة 5 سنوات ويمكن علاج حوالي مليون طفل اي ان كل طفل سوف يتكلف ألف جنيه فقط (علما بان علاج الطفل في الحضانات الخاصة يتراوح بين ألف الى الفين جنيه في اليوم الواحد)


فاذا افترضنا ان الطفل الواحد يصرف في المتوسط 5 الف جنيه(علما بأن بعض الاطفال يظلون في الحضانة لأكثر من شهر ) فانه سوف يتم توفير اكثر من 4 مليار جنيه لدخل الاسر الفقيرة كما سوف يوفر على الدولة مليارات الجنيهات التي يمكن ان تساعد في نهضة هذا البلد اي ان المجتمع سوف يسترد خمسة اضعاف مبلغ الانشاء في خمس سنوات الى جانب اتاحة اكثر من ستة الاف فرصة عمل و تقليل عدد المعاقين سنويا بنسبة تتعدى 50% و اعداد كوادر وخبرات يمكن تصديرها الى الخارج و انشاء صناعة جديدة للأجهزة الطبية في مصر تكون سفيرا لنا في دول افريقيا و الشرق الاوسط لدعم التعاون مع هذه الدول و اعادة رسم العلاقات معها مما سوف يعود على الاقتصاد المصري بالخير


دكتور محمد جمال حشمت

أستاذ جامعى ونائب بالبرلمان

7يناير 2013

إضافة تعليق