د.جمال حشمت يكتب : المرأة والإنتماء الحزبى وذكرى الثورة!

حبيبك يبلعلك الزلط وعدوك يتمنالك الغلط ! ورغم أن هذا المثل لا ينطبق على رؤيتى التى أطرحها هنا حول قانون الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية الذى أقره مجلس الشورى مؤخرا إلا أنه يؤكد أن التربص بالأفعال والغواية فى تفسير الأحداث والتزيد فى المواقف ضد أى إجراء يتم اتخاذه من مجلس الشورى الذى يمثل فيه حزب الحرية والعدالة نسبة 44% بعد أن كان قبل التعيينات الأخيرة يمثل 57% هى محور كل معارضة اليوم فقالوا أن الحوار الذى تم وقدم المقترحات للتعديلات التى تم التوافق عليها لم يلتزم بها حزب الحرية والعدالة ! رغم أنه تأكد أن المعارضة فى المجلس غير المعارضة التى حضرت فلقد تم إلغاء القائمة الاحتياطية بحجة أن الأحزاب الصغيرة لا تستطيع استكمال القائمة الرئيسية فأنى لها أن تأتى بأخرى احتياطية ؟!!! ورغم أن الأمر لايمثل صعوبة  للحرية والعدالة أو النور إلا أنه تم الأخذ برغبة المعارضة فى المجلس عكس ما أرادت المعارضة فى الحوار الوطنى ! 

وجاء التمييز الإيجابى للمرأة فى الدستور ووضعها فى النصف الأول إلا أن حزب النور وأخرين لايمكنهم بل لا يرغبون فى هذا التمييز بحجة أن التدرج أولى وقد اتفقوا مع أساتذة القانون الدستورى فى المجلس على أن نص كهذا مطعون فيه بعدم الدستورية فكان وضعها فى القائمة دون التقيد بأى مكان هو رأى الأغلبية وهنا أتمنى أن يظهر المعدن الحقيقى لأحزاب المعارضة المدنية بكل توجهاتها ومرجعياتها لتثبت قناعتها بوجوب وجود المرأة بشكل يمثل تواجدها فى المجتمع بحيث تظهر قوائمهم بأغلبية نسائية فى بعض الدوائر وبعدد أكثر من واحدة فى باقى القوائم لاستكمال عجز قوائم الأحزاب المدنية ذات المرجعية الاسلامية وحلا لمشكلة عدم الدستورية فهل نرى ذلك فعلا ؟ مع العلم أن المرأة دخلت عالم المشاركة السياسية بقوة فى كل انتخابات خاضها الإخوان المسلمين منذ عشرات السنين ترشيحا وتأييدا ومشاركة فى الجولات والمؤتمرات الانتخابية بينما اكتفت باقى الأحزاب خاصة الليبرالية بمشاركة نسائية رمزية فى أنشطتها السياسية ! ثم جاءت الغضبة الثانية للمعارضين من الإصرار على عدم فصل النائب الذى يغير انتمائه الحزبى والإبقاء على عضويته !! 

والرد على تلك الغضبة ليس بعيدا عن العقل والمنطق خاصة عندما أثار البعض قدر التشابه فى ذلك بين حزب الحرية والعدالة والحزب الوطنى المنحل ! فليس يخفى على أحد أن الحزب الوطنى الذى ساءت سمعته وقد أدرك ذلك وحرم الكثيرين من أعضائه من الترشح لاعتبارات فساد من رشوة أو تمويل أو تصفية حسابات قد سمح بنزول هؤلاء مستقلين حتى قالوا عن أنفسهم أنهم مستقلون على مبادئ الوطنى ! ولما نجحوا عادوا الى بيتهم الحقيقى تحت ضغوط الترهيب والترغيب لقضاء مصالح ناخبيهم ! أما الأحزاب التى تشكلت مؤخرا بعد الثورة وتبذل جهدا جهيدا لاستكمال قوائمها من غير رجالها الذين لا ينتمون لها بقوة بل مصالح متلاقية ! يخافون من هؤلاء النواب الترانزيت حين يفكرون فى انتمائتهم الحقيقية وتتأكد الخلافات بينهم وبين الأحزاب التى ترشحوا على قوائمها وهنا تظهر الرغبة فى التحول الى أحزاب أخرى لكن يقينا ليس منها الحرية والعدالة أو أيا من الأحزاب ذات المرجعية الاسلامية !! 

فالحديث على أن المتحولين سيذهبون الى الحرية والعدالة كما كانوا يذهبون الى الوطنى المنحل هو نوع من التدليس والكذب لاختلاف الأصل والصورة فلا هم اصحاب توجه اسلامى وإلا لن ترشحهم الأحزاب الغاضبة من هذه المادة !! ولا هم سيذهبون للأقلية كما تشيع تلك الأحزاب من انفضاض الناخبين عن الحرية والعدالة بعد أن انكشف عجزهم وقصور أدائهم ! مما يعنى أن هؤلاء المتحولين سيذهبون للأكثرية وقتها التى تشكل الحكومة من تيارات مختلفة بعيدا عن الاسلاميين !!هذا التناقض الذى وقعوا فيه هو السبب الحقيقى لاعتراض الأحزاب التى لم يشارك اغلبها فى الحوار واليوم الحزن يخيم عليهم لأن الحرية والعدالة لم يلتزم بما لم يتوافقوا هم عليه !! ولله فى خلقه شئون  ! باختصار المطلوب من المعارضين على طول الخط أولا أن يرشحوا المرأة على قوائمهم وعلى المقاعد الفردية بكثافة تعوض تخلف الإسلاميين ، ثانيا أن يحسنوا اختيار مرشحيهم ويتمكنوا منهم ومن ولاءاتهم ويتثبتوا من إخلاصهم وقناعتهم ببرامجهم وإلا فلا يلومون إلا أنفسهم لو العقد مع هؤلاء المرشحين انتهى بدخولهم البرلمان ولم يجدوا لدى تلك الأحزاب ما يستحق حبا لله وللوطن فتحولوا وهذا حق يحميه الدستور!!


الحكومة والمعارضة و25 يناير


لاشك أن روح التحريض وإثارة الشغب وإحياء الموتى والنفخ فى الأزمات وتضخيم الحوادث الذى يسيطر على أغلب الإعلام المرئى والمقروء فى الأيام العشر الأخيرة مع إخفاقات الحكومة فى الضبط والربط لإنهاء حالة الانفلات وتجفيف منابع البلطجة التى هى السلاح الأهم فى إثارة الفوضى فى البلاد والعجز عن تفعيل دور المراقبة والمحاسبة على الأداء الحكومى الخدمى وتجار المواد الغذائية الأساسية كل ذلك مسئول عن إشاعة حالة الخوف من يوم الذكرى الثانية للثورة الشعبية المصرية العظيمة ورغم كل هذه المقدمات والمحاولات التى تجرى فى الشارع المصرى بفعل حكومة لاتجيد اتخاذ القرارات الصائبة فى الوقت المناسب ومعارضة تجيد الكيد السياسى والتربص والتشهير الإعلامى إلا أن ما يغمرنى هو الاطمئنان من عدم حدوث أى أحداث سلبية بل أتوقع حالة من المراجعة سوف تنتاب كل الفصائل الوطنية وهنا أعيد الوطنية التى تحب مصر والمصريين ولن تغامر مع لدد الخصومة الى إثارة فوضى تساعد على تأخير خروج مصر من مرحلتها الانتقالية وانفراج محنتها الاقتصادية ! سيتبعها ان شاء الله عودة للأمن بشكل أكثر تفاعلا وتغييرات هيكلية لتعيد وضع الانسان المصرى فى بؤرة الاهتمام  الحكومى تركيزا على الفئات الأكثر احتياجا من العمال والفلاحين والشباب العاطل والحرفيين والفئات التى ظلمت فى العهد البائد فى كل قطاعات الدولة وأتوقع بل أتمنى مصارحة حكومية للشعب بالواقع واعترافا بالمشاكل ووضع جدول زمنى لإنهائها حتى لو طال الوقت لكن يبقى الالتزام بذلك مخرجا من مسلسل الفوضى الذى يركز عليه البعض ومدخلا للإستقرار وإظهارا لقوة الدولة وهيبتها أمام مظاهر التعدى على الأخرين وقطع الطرق وتعطيل المؤسسات عن العمل وترويع المصريين فى كل مكان ! و ستبقى ذكرى الثورة سنويا عاملا مساعدا لمراجعة ماتم انجازه كل عام فى وجود المصريين كلهم بمختلف أفكارهم وتقويم الأداء والخروج بما يجب أن يتم فى العام القادم على ضوء أهداف الثورة بعيدا عن السباب والتحريض والرغبة فى إسقاط النظام الذى جاء بإرادة شعبية حقيقة ولنتيقن أن بعد الإجماع على اللجوء الى صندوق الانتخاب كآلية شفافة ونزيهه لتداول السلطة لن يسقط نظام كما سقط مبارك ! والإصرار على ذلك غباء سياسى بل خيانة لدماء الشهداء ودعوى لاستمرار الفوضى !! حمى الله مصر وشعبها من كل سوء وأحاط المكر السئ بأهله !


دكتور محمد جمال حشمت

استاذ جامعى ونائب الشعب

22 يناير 2013

إضافة تعليق