جمال حشمت يكتب .... أزمة مصر الأخلاقية هل ننتبه لها؟

يمكن للجميع أن يحلل ويشرح المشاكل التى تجتاح مصر اليوم وربما تصبح الحلول التى يقترحها ويتوصل اليها مبهرة فى النتائج لكن وسائل تنفيذها قد تصطدم بشكل كبير بقناعات وتصرفات وأخلاق تحول بيننا وبين الحلول المطروحة وقد أسعدنى توصل بعض الباحثين والمحللين المحايدين ومنهم ليبراليين الذين أشاروا الى أصل المشكلة والأزمات التى نواجهها وهى غياب الأخلاق ! لاشك أن أزمتنا السياسية لها شق أخلاقى فى غياب الصدق والأمانة والنظر الى المصلحة العليا وسيطرة الجشع والرغبة فى الاستحواز بأى ثمن ! ولاشك أن أزمتنا الاقتصادية بها جانب أخلاقى نتيجة غياب المصداقية ومبدئية الحلال والحرام وما يجوز ومالايجوزوسيطرة الجشع والطمع وسيطرة مبدأ المكاسب والخسائر المادية حتى لو احترق الوطن ، وأزمتنا الثقافية والاجتماعية لا تنفك عن غياب الأخلاق والتراحم والتكافل وحب الخير للغير وللوطن والخوف من الله ومحاسبة النفس والانشغال بالنفس والامجاد الشخصية ولا تجد قضية أو مشكلة نغرق فيها إلا إذا وجدت البعد الأخلاقى مسيطرا عليها وهو مفتاح الحل دائما !


ولعل مستوى الحوار عند الاختلاف هو الظاهرة التى تسئ دائما لكل معنى جاد فتجد سوء الأدب فى التعبير والسباب والألفاظ القفبيحة هى التى تسيطر على لغة الخطاب فى برامج الفضائيات أو المقالات أو التعليقات فى صفحات الفيس بوك أو التويتر ومن كل الطبقات يستوى فى ذلك أستاذ الجامعة العالم فى تخصصه والسياسى الفقير فى أدواته والشاب الذى مارس الفوضى قبل أن يدرك مطالب الحرية وحدودها وأخلاقياتها !


ولعل الظاهر الآن فى الشارع المصرى مجموعات من هؤلاء الذين يرتدون مسوح الثوار ويتدثرون بثياب المتظاهرين ثم تجد فى ألفاظهم وهتافاتهم وكتاباتهم على الجدران  أسوأ الأخلاق مبادرين غير مدافعين عن أنفسهم ربما نجد لهم العذر وهو مايحدث منذ فترة كلما أطفأ الله لهم نارا للفتنة أوقدوها أشعلوا أخرى تحت شعار " جر شكل" فعلوها مع ركاب المترو ومرتادى الطرق السريعة وموظفى الحكومة ومؤسسات الدولة لإجبارهم على العصيان أو الانفعال والغضب  ومارسوها مع رجال الشرطة سبا وقذفا وتعديا بالطوب والمولوتوف ! وأخيرا كرروها مع مقر مكتب الإخوان المسلمين !فلم نسمع فى الأولى التى اقتحموا فيها المقر فى غياب تام لأى رد فعل وتسببوا فى إحراق واتلاف وسرقة أى تعليق أو رد فعل من الصحافة والإعلام ولا استنكارا حتى من الفعل الإجرامى كأن دماء وحقوق هؤلاء مستباحة وهو تدنى أخلاقى وعار على صاحبه فى مقابل هجمة شرسة على الضحية التى جاء المعتدون الى مقرها وكتبوا سبابا و{فعوا أصواتهم بالإهانات ثم رميا بالطوب ثم قذفا بالمولوتوف وحرقا للسيارات جرا للشكل فلما دافع البعض عن أملاكه من المعتدين ثارت كتيبة داعمى الفوضى ومثيرى الفتنة من السياسيين والإعلاميين فقط لأن دافع الأخلاق والعدل والإنصاف غاب عن المشهد وليس لنا من تعليق سوى السؤال ما الموقف إذا حاصر شباب الإخوان مقرات الأحزاب الداعمة لهذه الفوضى وهتفوا ورفعوا رايات الغضب دون سباب وقلة أدب بلا حجارة أو مولوتوف هل تصل اليهم الرسالة ! وهل يتأكدون أن إعلان الغضب ممكن له أن يكون بدون عنف ولا قلة أدب ألم يتعلموا من مليونيات الاسلاميين شيئا طوال هذه المدة ؟ وفى النهاية حسبنا الله ونعم الوكيل


(1) ماتمر به سوريا اليوم من إراقة دماء السوريين على أيدى نظام طائفى ومشاهدة العالم لهذه المذابح دون رغبة التدخل لوقف نزيف الدم السورى بما فيه العالم العربى الذى يفضل عدم التدخل الأجنبى حتى لايحرم الشعب من قطف ثمار ثورته فى وجود أجنبى يحمل معه أكاليل النصر على الديكتاتور ونظامه !! وفى ظل دعم ايرانى ودعم رسمى عراقى وترقب دولى متخوف من استبدال نظام السفاح بشار بنظام يشارك فيه الإخوان المسلمين تكرارا لتجارب دول الربيع العربى فى مصر وليبيا وتونس ، يبقى الأمل فى المساندة الشعبية من دول الجوار وقدرة المجاهدين فى سوريا على إدارة معركتهم الأخيرة بتوفيق من الله وبأسلحة عدوهم التى يستخلصونها منه ! وهى معركة لاشك أنها شرسة ومكلفة نسأل الله لهم ألا تطول ويبقى الموقف المصرى الداعم لسوريا وثورة شعبها موقفا حاسما فى القرار العربى مع الدعم التركى وأثر ذلك فى الموقف الإسلامى !


(2) قانون الصكوك لاشك أنه بعد أن وافق عليه البرلمان من حيث المبدأ سوف يناله من التمحيص والمراقبة الكثير من الاقتراحات  التى تشرح مواده وأهميته وتجارب الآخرين لأنه فى غيبة الصكوك تم بيع الأصول وشركات القطاع العام بأثمان بخس كذلك عندما غابت الصكوك سرقت أموال المصريين فى البنوك مرتين مرة عندما اشترت البنوك الأصول التجارية  بأثمان بخس ثم أضاعتها عندما لم تعرف كيف خرجت وتم غسيلها بشراء وبيع وهمى ! بدون الصكوك تم تهريب أموال المصريين للخارج خوفا من السرقة والنهب والاستثمار الفاشل ! فى غيبة الصكوك لم تظهر أموال المصريين المدخرة لفشل التجارب التى ضحكت عليهم ونهبت أموالهم ! وزادت القروض وتعقدت شروطها  ولعل فى إقرار القانون ما يسمح بتدفق رؤوس الأموال من الداخل والخارج ان شاء الله ، وقد بدأت عجلة إقرار القانون الذى سمح لدبى فقط بضخ أكثر من 13 مليار درهم و25 مليار دولار فى مشاريع تنموية  فى سنوات قليلة دون الاقتراب من الممتلكات العامة لمصر بل لإضافة أصول جديدة فى كل مجالات الاستثمار ويخفض من عجز الموازنة ويضخ أموالا فى المجالات الاستثمارية التى لايقبل عليها رجال المال !


(3) الموقف السياسى المصرى لاشك أن أمامه فرصة جيدة بعد تأخير الانتخابات للملمة الخلافات السياسية فى الشارع السياسى و كذلك البلطجية من شوارع مصر مما يجعل فرص التوافق التى تكلمنا عنها كثيرا تتحقق خاصة مع الدعوة المتجددة من الرئاسة لحوار جديد لا أجد أنه من الحكمة تضييع فرصته مرة أخرى  بل أن فرص النجاح قد توفرت لو خلصت النوايا من أجل إنقاذ مصر فى حوار بلا شروط ومن غير سقف !


(4) يبدو أن ملفات الفساد فى مصر أكبر مما كنا نتخيل حتى استلزم الأمر إقالة نائب عام بشكل أثار الغضب بغير وجه حق واستلزم إشعال حرائق فى مبنى الرقابة الإدارية وربما طالت النيران الجهاز المركزى للمحاسبات ومباحث ونيابة الأموال العامة فيما بعد !وأخطر قضايا الفساد فى وزارات مثل الأوقاف والاستثمار والبترول وغيرهم مما يجعل من فتح هذه الملفات مصدر حقيقى لتمويل الدعم المطلوب لو صدقت النوايا وارتفعت الهمم ولعل أحكام البراءات التى تصدر اليوم بحق من أفسد وسرق ونهب وأذل المصريين لهى أكبر دليل على خطورة استمرار الوضع


دكتور محمد جمال حشمت

 11 مارس 2013

إضافة تعليق