د. جمال حشمت يكتب : الإعلام بين الرقابة الشعبية والأمن القومى !

الأمانة التى حملها الانسان ولم تتحملها السموات والأرض وظلم بها نفسه تقتضى أن يراجع كل منا نفسه من حيث قناعاته وأدائه وأن يتعود على تقبل النصيحة باى وجه ويمنحها لغيره على أحسن وجه فى إطار ما زودنا به الله من منهج يعين على تحمل المسئولية والأمانة بشكل قوى وكانت المهمة الأساسية التى ركز عليها هذا المنهج هو الأخلاق "انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" "أقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الذين يالفون ويؤلفون" " ذهب حسن الخلق بالأمر كله""وإنك لعلى خلق عظيم" وغياب هذا الوتد فى الشخصية المسلمة لهو خلل عظيم لا يعوضه مال ولاجاه ولاشهادات ولا شهرة كما يظن بعض المخبولين ! ومن أجل النجاح فى حمل الأمانة لابد من العمل الجماعى كفريق يتشاور ويتعاون ويتناصح والنتيجة المحتملة النجاح فى أداء المهمة ! أما غير ذلك فالفشل ينتظر الجميع خاصة فى مناخ يؤتمن فيه الخائن ويخون فيها الأمين ! وقد عقدت لجنة الشئون الخارجية والأمن القومى بمجلس الشورى جلسة حضرها ممثلا عن اتحاد الإذاعة والتلفزيون ومدير مدينة الانتاج الإعلامى ونائب رئيس هيئة الاستثمار بالمنطقة الحرة وممثل جمعية حماية المشاهدين لمناقشة خطورة الوضع الإعلامى الجديد الذى اختلط فيه المال بالحرية المطلقة بالهوى السياسى فى غياب محاسبة حقيقية من أى جهة مسئولة وقد أثارنى المشهد الأخير أمام مقر الإخوان المسلمين فى المقطم خاصة فى التناول الإعلامى الذى ميز بين المصريين وانحاز بشكل فج الى المعتدى وأدان الضحية فلقد قطعت رؤوس وتم سحل مصريين ونقلت وسائل الإعلام السباب المباشر وحصار المساجد والتعدى على حرمتها ومن قبل استشهد عشرة أمام الاتحادية دفاعا عن شرعية تخلى عنها من وجبت عليه حراستها وحمايتها ولم يذكرهم أحد ممن أقاموا الدنيا عندما سبت مواطنة تحرشت بأبرياء أو سحل من شارك فى الاعتداءات على مقر الرئاسة وتعدى على قوات الشرطة سبا وضربا وغير ذلك مما فضح المرتزقة من الإعلاميين والسياسيين بشكل لايقبل الشك لذا ففى غياب من يراقب ويحاسب ظهر الدور الشعبى فى الرقابة على وسائل الإعلام وقد تشكلت منذ عام تقريبا جمعية أهلية لحماية المشاهدين أصدرت تقارير عديدة لتقييم دور الفضائيات من حيث الأداء المهنى وانعكاسه على حماية الأمن القومى المصرى جاء فى أحد دراستها " افرزت الأقمار الصناعية مشهدا سياسيا واعلاميا بالغ التعقيد انتهكت فيه حدود الدول وساعد على ذلك قصور التشريعات الإعلامية المعاصرة عن حماية سموات الدول من البث الوافد وتتلخص مخاطر الفضائيات الخاصة فى :


1-   تعرض المواطنين للبث العربى والأجنبى وتراجع مشاهدة تليفزيون الدولة يمثل الخطر الأول على الأمن القومى للبلاد حيث يتعرض لإعلام خاص ينتهك مواثيق الشرف والقواعد المهنية ويسهم فى نشر الشائعات والأمثلة أكثر من أن تحصى الى جانب الخدمات الاعلامية الأجنبية الخاصة بفضائيات ناطقة بالعربية لعدد من الدول مثل القناة التركية والكورية والأمريكية والفرنسية والبريطانية وغير ذلك وهى تخدم بلا شك مصالح هذه الدول


2-   الخطر الثانى يتمثل فى الأداء الاعلامى للفضائيات المصرية الخاصة الذى نراه خطرا حقيقيا على الأمن القومى المصرى ويتضح هذا بجلاء فى تقارير الجمعية التى صدرت خلال الشهور السابقة والتى تؤكد بالدليل أن معظم هذه القنوات تعكس وتحمى مصالح الملاك من رجال الأعمال حيث تبالغ فى عداوة الشرعية ويستخدم أساليب الدعاية الصهيونية فى نشر الشائعات التى تهدد السلم الاجتماعى وتربك المشهد السياسى والرأى العام المصرى


3-   الثالث يتمثل فى الإعلانات التى تضر بصحة الشعب المصرى وتذاع ليل نهار دون اعتبار لأضرارها وسعيا وراء كسب مالى عاجل


4-   إصرار بعض الفضائيات الخاصة على كسر هيبة الدولة من خلال الإضرار بصورة رئيس الدولة ونشر الأخبار السلبية بحيث تظهر الدولة وكأنها ساحة حرب مما يضر بالاستثمار وينفر رجال الأعمال ويضرب السياحة فى مقتل، كذلك تستعدى بعض القنوات مثل اون تى فى وسى بى سى والنهار الجيش على النظام القائم بل حرض بعضهم أهالى محافظات قناة السويس على غلق القناة فى فتترة الإضطرابات!!


وقد أوصت الجمعية عدة توصيات لضبط الأداء منها :


1 الإسراع فى إصدار قانون المجلس الوطنى للإعلام


2 ضرورة دعم الجهود الشعبية فى متابعة الأداء والتقييم لرفع الحرج عن الدولة فى مقاضاة هذه القنوات التى تضر بالأمن القومى المصرى


3 ضرورة الزام القنوات بتصحيح موقفها المرتبط بشروط الترخيص بحيث يصبح شرط الترخيص مرهون – كما فى كل فضائيات العالم- بمدونة سلوك أو دليل سياسات التحرير تقدمها القناة نفسها ولا يفرض عليها مع أوراق اتلرخيص لتتم المحاسبة بناءا عليها ولدعم الرقابة الذاتية قبل الرقابة الشعبية


4 استصدار تشريع عاجل خاص بحرية تداول المعلومات يراعى فيه متطلبات الأمن القومى

أعتقد أن هذه المحاولة الشعبية جديرة بالدعم فى محاولة لعودة الوعى لإعلام فقد شرف الكلمة فى محاولته لتوظيف حرية الكلمة ونسوا أو تناسوا أن شرف الكلمة قبل حريتها ولعل فيما يحدث خيرا حتى يشارك فى بناء مصر ابنائها الشرفاء المحبين لها دون غيرهم من المرتزقة الكاذبين ونذكر أنفسنا ونذكرهم بأن باب التوبة والعمل الصالح مفتوح على مصراعيه لمن أراد فمن يريد؟


-------------------------------------------

استاذ جامعى ونائب بالبرلمان

إضافة تعليق