صراع بين شرعيتين !

لاشك ان الرئيس المنتخب الذى تم عرضه على الشعب المصرى مرتين الأولى فى الانتخابات الرئاسية على جولتين والثانية فى الاستفتاء على الدستور الذى نص على أن الرئيس  يستمر فى عمله لمدة 4 سنوات تجدد لمرة واحدة بنسب عالية ، ولاشك أن الرئيس قدم نجاحات كما قدم إخفاقات اعترف بها فى خطابه الأخير ، والشرعية التى منحت له بإرادة شعبية لم يكن فيها انتخابات مبكرة بعد عام أو اثنين ! فى مقابل نزول شعبى ملأ ميدان التحرير وبعض الميادين فى محافظات الجمهورية صاحب ذلك عنفا واعتداءا على مقرات الإخوان وحزب الحرية والعدالة بناءا على اتفاق بعض المشاركين فى الاحتجاجات مع تنظيم البلطجية ممن ينتمون للنظام الذى قامت الثورة عليه من رجال أعمال ونواب سابقين ورجال امن سابقين وحاليين ! وهذا ما أصاب المشهد المعارض بالحرج  لإستهداف الإخوان من الفريقين حيث قتل 17 وأصيب أكثر من ألف وخمسمائة من الإخوان والإسلاميين بصفة عامة ! فى ذات الوقت نزل المؤيدين للشرعية فى ميدان رابعة العدوية وميدان نهضة مصروميادين محافظات الصعيد والعريش وصاحب ذلك حالة من السلمية فى الأداء وإن لم يحظ الخطاب بهذا القدر الكبير من السلمية حتى لو كانت موجهة ضد المعتدين الذين مارسوا العنف فقط أو هددوا به ! لذا لم نشهد أى اعتداء على أى مقر من مقرات أحزاب جبهة الانقاذ ، ولاشك أن الشرعية الدستورية التى تمت بإرادة كاملة بعيدا عما حدث طوال العام الأول من الرئاسة  -  من قصف اعلامى يحمل مضامين الإهانة والتشويه والتحريض والأكاذيب وغير ذلك من شارع مضطرب بهجوم على المؤسسات ووقفات احتجاجية وتظاهرات فئوية ورمى طوب ومولوتوف -  هى أقوى من شرعية الحشد الذى تم التدبير له بين فئات مختلفة المشارب اتفقت على إنهاء وجود رئيس له مرجعية اسلامية وخرج فيها من المواطنين كل من اتسعت اماله فى حل مشاكله والحصول على حقوقه بعد أكثر من 30 عاما من السرقة والنهب والقمع فى ظل النظمة السابقة ، ورغم أنى ناشدت الرئاسة والوزارة كثيرا على الهواء أحيانا وفى مقالاتى أحيانا أخرى وسرا أحيانا أخرى لتنفيذ طلبات ملحة يجب القيام بها لتحقيق بعض الآمال لدى الشعب فلم تحدث رغم يقينى بنقاء ونظافة يد معظم المسئولين  إلا أن هناك انجازات كان ضحاياها ضمن الفئات التى تصدرت وعبئت ومولت وشاركت فى الاحتجاجات الأخيرة ثأرا لأنفسهم مما حدث لهم ، من هذه الانجازات :


أن مرسى حرر الإرادة والقرار المصرى من سيطرة الخارج ولا أحد يتوقع ما سيصدر من الرئاسة والموقف من اعتداء الصهاينة على غزة درسا أثار غضب هؤلاء ! فكان لزاما على المتضرر من ذلك أن يحرك عملائه تحت أى غطاء للوقوف ضد هذا النظام   ، ومنها أن مرسى رمز الرئيس الملتزم بالمرجعية الاسلامية يمثل أزمة لدى البعض ويشكل تشجيعا لتكرار النموزج خاصة عندما تتاح له فرصة النجاح الحقيقية لذا وقف كل أولئك ضد الرئيس وبدأ مسلسل الإفشال منذ أول يوم تولى فيه ولم يتركوا له باقى وقت رئاسته كرها وغضبا ، ومنها أن مرسى أعلن عن هدفه من الاكتفاء الذاتى لمصر من الغذاء والسلاح والدواء  وهو ما أثار عليه قوى لا تحب الخير لمصر ولا ترضى لها بالخروج من دائرة العبودية والاحتياج الدائم واللجوء الى الاستقلالية  وقد خرج من يستفيد من هذه العبودية وهذا الارتباط بالخارج لمنع ذلك التوجه من أن يتحقق فمول وحشد ، ومنها أن مرسى أبدى توجها وبدأ فى مكافحة فساد تجذر فى الحياة المصرية يحيا عليه أعداد كبيرة من  المستفيدين  الذين تضرروا من إجراءات مكافحة الفساد رغم محدوديتها وهؤلاء خرجوا بأسرهم وقد رأيناهم بأعيننا وخاصة بعض رجال الأعمال الذين تجمهروا بسيارات فاخرة وحياة رغدة ترفض أى قيود على أعمالهم ومصالحهم تحمى حقوق الدولة . ملخص ما أريد أن أقوله أن شرعية الرئيس أقوى من مظاهرة حاشدة  تؤسس لشرعية جديدة تعتمد على القدرة على الحشد مما يصعب من مهمة أى رئيس قادم تنهى وجوده قبل انتهاء مدته إلا إذا عدنا مرة أخرى للدولة البوليسية التى تمارس فسادا لا حدود له فى حماية أمنية قاهرة تخلص منها الشعب بثورة 25 يناير !  وتصورى بعد تدخل القوات المسلحة  وحالة الغضب التى انتابت مؤيدى الشرعية ونزول أعداد كبيرة منهم وإعلان البلطجية الذين تم استئجارهم بمواجهتهم فالواجب الآن اللجوء للعقل والتمسك بالحكمة فى إدارة هذه الأزمة لحماية مصر من دائرة العنف وحقن دماء المصريين التى هى أغلى من كل شئ فاللهم احفظ مصر والمصريين ممن يدبر لها ولهم بليل وسيأتى وقت تتكشف فيه الحقائق لتتأكد حقيقة أن النوايا الحسنة والإخلاص وحدهما دون أداء قوى وحاسم لايحقق الأهداف المرجوة وهو درس يستفاد منه ان شاء الله فى المستقبل القريب


دكتور محمد جمال حشمت

أستاذ جامعى ونائب بالبرلمان

إضافة تعليق