د. محمد جمال حشمت يكتب: 6 أكتوبر بداية النصر الحقيقى!

لا شك أن مدبرى ومؤيدى الانقلاب العسكرى الدموى فى مصر بالإضافة الى المستفيدين منه فى قلق شديد من يوم 6 أكتوبر، حتى لو حاول مروجو الانقلاب من الإعلاميين الإقصائيين إيهام المصريين والعالم أن الوضع مطمئن، وأن الجيش والشرطة "إيد واحدة" فى مواجهة هذه الدعوات التى يصرون على أنها صادرة فقط من الإخوان المسلمين، رغم أن كل قياداتهم على مستوى القطر فى سجون النظام، ويبحث عمن تبقى منهم وهم قلة! دون أن يعترفوا بأن الشعب المصرى بكل طوائفه وأغلبيته هم أصحاب الدعوة للتظاهر فى كل ميادين مصر بما فيهم ميدان التحرير!.


والخوف الحقيقى الذى يتملك هؤلاء لو أنهم يملكون قلوبا حية وبقية من ضمائر متيقظة، يتمثل فى:


1- الجريمة التى يمكن أن ترتكبها القوات المسلحة بحماقة فى قتل المصريين فى الميدان الذى شهد قيام ثورة يناير، وظهور الجيش على أنه من حمى الشعب وثورته، والأخطر أن تكون فى مناسبة الفخر الوحيدة التى يحتفل بها المصريون لجيشهم فى ذكرى حرب أكتوبر المجيدة!


2- إراقة الدماء فى ظل حماية قانونية فرضها قائد الانقلاب بشكل صريح، كما أثبتت تلك الفيديوهات المسربة للقاءاته مع قيادات الجيش، بحيث أن محاكمة أى ضابط أو جندى تسبب فى إصابة أو قتل أى مواطن صارت مستحيلة، مما يشجع المجرمين منهم على التعامل العنيف مع المتظاهرين السلميين!


3- الإصرار على التعاون بشكل قوى مع البلطجية - الأهالى الشرفاء فى إعلام العار المصرى - لمواجهة الزخم الشعبى الذى يزداد يوما بعد يوم، وفى ضوء فشل كل القوات المتفرغة لقهر المصريين ومواجهة الإرهاب المحتمل يبدو أن الاعتماد على هذا التنظيم المشبوه الذى تديره عناصر المباحث الجنائية ومباحث أمن الدولة! وفى ذلك خطورة مع مظلة التأمين الممنوحة لهم من قيادات الانقلاب العسكرى!!.


4- مرور الوقت دون تحقيق الانقلاب لأهدافه، مع تهديدات العالم الخارجى الذى دعمه (أمريكا والاتحاد الأوروبى ودول الخليج) بفض التأييد مع استمرار كل مظاهر المقاومة السلمية والتى ستزداد بعد وصول الثوار إلى ميدان التحرير، مما قد يصيب قادة الانقلاب بهوس العناد حتى لو تم تدمير مصر، والخوف من المصير المجهول، بعدما تلوثت أيديهم بدماء المصريين لأول مرة فى تاريخ مصر!


5- استمرار حالة الفشل الاقتصادى والمجتمعى والسياسى التى تسود البلاد، وما ينتج عن ذلك من تدهور فى كل مناحى الحياة، حتى اضطرت حكومة الانقلاب لعمل لجنة لدعم مصر من شخصيات مشبوهة ستدفع من جيوبها حتى يسوق أن الشعب المصرى تفاعل مع الانقلاب العسكرى، ولن ينظر أحد إلى حقيقة مطالب الشعب المصرى الراغب فى عودة الشرعية وإنهاء الانقلاب، ومحاسبة كل من شارك فى قتل المصريين فى الشوارع أو فى السجون!!


6- نجاح قادة الانقلاب المدعومين من أمريكا والكيان الصهيونى والمتعاون معهم فى تغيير عقيدة الجيش المصرى، من حماية الأمن القومى على حدود مصر إلى محاربة الإرهاب داخل مصر لخدمة العدو الصهيونى وتأمين حدوده! وهو أمر يفسد الجيش المصرى الذى نحرص جميعا على قوته ووحدته وصحة عقيدته القتالية! فهل سيبقى الجيش المصرى فى شوارع مصر بعيدا عن مهمته الأساسية؟ وهل تلطخ أيادى الضباط والجنود مرة أخرى بدماء إخوانهم المصريين المتظاهرين السلميين الرافضين للانقلاب العسكرى!


ورغم كل هذه التخوفات فإن البشريات كثيرة فى ظل هذا الانقلاب، منها:


أولا- الروح التى سيطرت على الشيوخ والشباب والرجال والنساء والفتيات وحتى الأطفال فى رابعة العدوية والنهضة، من حب الشهادة والقدرة على التضحية بكل غال وثمين من أجل ما يؤمنون به، فى ظل حالة الوعى المتألقة لدى كل هؤلاء، حتى تجلت فى مظاهرات المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية!  


ثانيا- "وليقذفن فى قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت"! وأشهد أنى رأيت بعينى السباق إلى الشهادة وعدم الخوف من الموت، وكراهية الحياة الذليلة فى كل مكان من أرض ميدان رابعة، وقد كنا جميعا نمشى فى الميدان ونحن نردد الشهادة، حيث لا نعلم من سيكون شهيدا برصاص الخسة والنذالة التى فاجأتنا بها بعض قوات الجيش مع الداخلية!.


ثالثا- نحن أصحاب حق، وقدَّمنا شهداء ومصابين، ومعتقلين بغير وجه حق، ولابد من دعم الحق جل فى علاه لحقنا فى حياة كريمة، ويقيننا بأن الله ناصر الشعب المصرى فى ملحمة تاريخية خالصة لوجهه الكريم، لا شراكة لأحد فيها، وقد تعلم منها الجميع دروسا غالية الثمن!  


رابعا- نحن أصحاب شرعية صنعناها بدمائنا وجهدنا طوال أكثر من عامين، والانقلابيون لا يملكون أية شرعية، بل فقدوا ما كانوا يملكونه منها بعد خيانة عهدهم وقسمهم، وحق لهذه الشرعية والإصرار عليها أن تعود مهما كان الثمن!.


خامسا- تزداد أعداد المصريين الرافضين للانقلاب يوما بعد يوما، وتترسخ قناعتهم بأن الانقلابيين خانوا وطنهم وباعوا إرادة الشعب المصرى لأعدائه، ووضعوا الثمن فى جيوبهم! ولن يهنئوا به أبدا ان شاء الله! وأنهم أعادوا عصر القهر والسرقة وسيطرة البلطجية على الحياة فى مصر بأكملها، وأن الانقلابيين أفسدوا مصر فى شهرين بأكثر مما كان طوال عشرات السنين، على مستوى السلم الاجتماعى والحياة التعليمية والاقتصادية، بعدما سيطروا على الحياة السياسية لحساب فصيل لا وجود له فى أغلبية الشعب المصرى، معادٍ لعقيدة الشعب وأخلاقه وعاداته وتقاليده، والأدلة أكثر من أن تحصر هنا!


سادسا- الانقلابيون أضعف مما نتصور، فهم لا يملكون إلا الدبابة والمدرعة والرصاص!! فهم لا يملكون عقلا ولا توفيقا ولا حكمة ولا حقا ولا شرعية ولا منطقا ولا حلا لأى مشكلة، مما أوقعوا أنفسهم فيها، فالانقلاب يعانى من العزلة داخل مصر مع تفلت أعداد كبيرة ممن خدعهم إعلام الانقلاب فى بداية الانقلاب إلى صفوف الرافضين للانقلاب، ويعانى العزلة الدولية بين المصريين فى الخارج وبين دول العالم، حتى صار شعار رابعة الصمود يسبب له هياجا أمنيا وقضائيا! مما يؤكد ضعفه وهوانه على مؤيديه الذين تبقى منهم رجال الحزب الوطنى وعبيدهم، وميليشيات البلطجية التابعة لوزارة الداخلية، التى خانت رئيسها بكل فجور! ولا يمكن وضع أقباط مصر كلهم اليوم فى كفة واحدة رغم أن البابا تواضروس قد ورطهم فى الانحياز إلى الأقلية الكارهة للإسلام، وهو ما كان يتجنبه بذكاء البابا شنودة!!.


إذا راهن الانقلابيون على تعب ويأس الشعب المصرى من مقاومة الانقلاب فقد خاب فألهم وفشل تخطيطهم، وإذا ظن هؤلاء أن إرهاب الشعب المصرى بالقتل والسجن وتلفيق القضايا ونشر الخوف سيحقق لهم البقاء والاستمرار، فقد ثبت أنهم قد أوقدوا للثورة الحقيقية شموع النصر، وما ذلك على الله ببعيد، والله غالب على أمره، لكن المنافقين لا يفقهون.

إضافة تعليق