د.جمال حشمت يكتب : رؤيتي لشعب مصر حول برلمان الانقلاب الدموي

أوجه هذه الكلمات لعقول وقلوب الشعب المصري الأصيل بمناسبة انتخابات برلمان جديد يأتي في مناخ يتسم بالآتي :


اولا : أن من يسمح بهذه بالانتخابات هو من كفر بأول انتخابات نزيهة تجري في مصر وشارك فيها لأول مرة في تاريخ مصر أكثر من ٣٢ مليون ناخب وألغي نتائج خمس استحقاقات انتخابية وقتل واعتقل وطارد النواب الشرعيين في كل مكان.


ثانيا: أن المناخ الذي تتم فيه الانتخابات هو مناخ استبدادي عسكري يحكم بدبابة في الشارع وعنف أمني غير مسبوق مع كل من يخرج عن سرب العبيد الملاحق لقائد الانقلاب الذي تولي حكم مصر في انتخابات كانت مسار سخرية في الداخل والخارج ومنافسة غير حقيقية وقهر العاملين بالدولة علي النزول مع مد يوم زيادة مصحوبا بنفس وسائل تزوير النتيجة وبالنسبة التي نسيتها مصر عقب ثورة يناير في خمس استحقاقات انتخابية ، وهذا يؤكد تكرار نفس التجربة الفاسدة في غيبة المنافسين الحقيقيين وعودة مرشحي ونواب الحزب الوطني الذي قامت ثورة يناير للتخلص منه فأي أمل يعقد علي هذا البرلمان.


ثالثا : ان الاوضاع الاقتصادية المصرية في تدهور شديد وأن سياسة مصر الاقتصادية تقوم علي التسول من الدول والمؤسسات الدولية وهذا جعل مصر في مراتب متأخرة علي المستوي الدولي وأقر بحقيقة سيطرة العسكر مع التجاوزات الأمنية علي الساحة الداخلية مما أوقف استثمارات كثيرة واغلق مئات المصانع وشرد آلاف العمال مما يجعل خطوة الانتخابات البرلمانية عملية شكلية لإتمام السيطرة علي البلاد بشكل قانوني امام العالم لعل ذلك يمنح النظام العسكري الذي استولي علي السلطة في البلاد شيئا من الشرعية .


رابعا : أن البيئة التشريعية والقانونية بها سيولة لم تحدث من قبل ففي ظل تفرد شخص بسن القوانين لبلد بحجم مصر دون اي رقابة او محاسبة (بينما رفض الرئيس الشرعي ان ينفرد بالسلطة التشريعية واستدعي البرلمان وحافظ علي الشورى ) حتي بلغت القوانين التي صدرت اكثر من ثلاثمائة وعشرين قانونا في عام واحد وأغلبها يتعارض مع الدستور الشرعي وحتي الانقلابي ومع مصالح الامن القومي علي كل المستويات الاجتماعية والوظيفية والسياسية والاقتصادية ومطلوب من هذا البرلمان ان يراجع كل هذه الترسانة خلال أسبوعين من الانعقاد!! فإذا تم فهذا يعني الاختيار الدقيق لمن يترشح ومن ثم من ينجح ليقوم بالمهام المنوطة بالحاكم العسكري الذي يسيطر علي البلاد هو ومؤسسته العسكرية الأمنية في إطار دولة الخوف !!.


خامسا : أن أداء القضاء المصري طوال عامين منذ الانقلاب العسكري هو تصعيد الفاسدين وملاحقة الشرفاء كما يحدث وحدث في كل مؤسسات الدولة وبالتشكيل الاستثنائي الذي يبطل احكامه صدرت آلاف الأحكام بالإعدام والمؤبد والسجن والحبس والكفالات والغرامات ومصادرة الأموال والشركات والجمعيات الأهلية لمن رفض الانسياق والتماهي مع الانقلاب العسكري ، وفي ظل ذلك لا يتفاخر احد بإشراف القضاة علي الانتخابات فقد تم من قبل في الاستفتاء علي الدستور وانتخابات الرئاسة المسخرة بعد الانقلاب العسكري وكان القضاء ومازال زراعا للانقلاب في اداء المهام التي ذكرها د جمال حمدان من قبل موضحا شكل الدولة البوليسية او المخابراتية ان السلطة التنفيذية بها هي السلطة الوحيدة اما السلطة القضائية فهي محلل قضائي اما السلطة التشريعية فهي مبرر نيابي !!!


سادسا : الاوضاع السياسية تجزم بأن الانتخابات باطلة قبل أن تبدأ لغياب مناخ الحريات وإقصاء الخصوم والغاء الأحزاب المنافسة واضطهاد الرافضين لهذا المسار الانقلابي وتغييب كل وسائل الاعلام الرافضة والمعارضة وهذا مناخ لا تتحقق فيه معايير العدالة والحريات ونزاهة الانتخابات محليا او دوليا.


وبناءا عليه يا شعب مصر العظيم فإن الانقلاب العسكري الذي تخفي وراء مظاهرات شعبية أو عداوات حزبية أو تخوفات مستقبلية كان يدرك ان مصر بدأت تضع قدمها علي الطريق الصحيح عندما انتخبت رئيسا مدنيا لأول مرة لينهي سطوة السيطرة العسكرية والأمنية علي مصر بعد مئات السنين لينشيء علي قواعد صحيحة برلمانا حرا يرشد نفسه ويطور أدائه بمرور الوقت ليحقق مصالح حقيقية لابناء الشعب ، فجاء هذا الانقلاب المدعوم من الداخل والخارج الإقليمي والدولي حتي لاتقدم مصر نموذجا يصعّب المهمة علي الطغاة في بلادهم او يهدد أمن الكيان الصهيوني القائم علي تفرقة الاشقاء والتوطن في المنطقة لخدمة مصالح الغرب او الشرق منعا لوحدة هذه الأمة ! .


وهنا نتسائل بعد إسقاط هذه المنظومة التي كانت في طريقها لتصحيح الاوضاع في مصر كي يستمع كل مواطن بحقه في كافة الحريات والحصول علي كافة الحقوق في وطنه وثروات وطنه التي استأثر بها العسكر وخدامهم طوال عشرات السنين دون أي حق في ذلك!


 هل سيستفيد حقا من هذا البرلمان وهؤلاء المرشحين الذين يكذبون أو لايفهمون حقيقة ماحدث والاوضاع الحالية ؟ دعونا بعد ان استمعت لعدة برامج ولقاءات جماهيرية تحيا في وهم الانتخابات والبرلمان كأنها حقيقة ! ان افند ماذا ينتظر الناخب من المرشح او النائب الذي ستُزور له الانتخابات ( فنحن نعيش في مناخ أسوأ من مناخ مبارك الفاسد الظالم المستبد).


١- ننتظر منه ان يحل لنا مشاكل المياه والكهرباء والصرف الصحي ! وهي خارج نطاق قدرة أي نائب لانها في الأصل مشاكل قومية تحتاج لمليارات لن تستطيع دولة قاربت علي الافلاس ان توفر عُشرها وكنا نأمل في دولة الحريات التي أنهاها العسكر أن نبحث عن حلول جذرية مبتكرة وحلها بالتدريج بشكل نهائي.


٢- ننتظر منه ان يشرع لنا القوانين التي تحمي مصالحنا وترسم العدل كأسلوب حياة وأقول لهم هيهات في ظل ديكتاتور لايري نفسه رئيسا فقط بل زعيما وطبيبا ويراه اخرون رسولا مرسلا ان تشم مصر رائحة العدل لأنه وقتها ستتغير الاوضاع وسيحاكم الحكام وسيخلون اماكنهم لمن يستحق! كذلك من جاء بالتزوير وليس لديه رؤية سوي مصالحه الشخصية التي يجدون انها اقرب للتحقق لأنهم في المقابل سيخدمون مصلحة شخصية بل مصالح شخصية لمن جاء بهم ومرر وجودهم في هذا البرلمان ويكفي نظرة علي القوانين التي اصدرها قائد الانقلاب في غيبة المجلس تعرف اخي الناخب نوعية القوانين المطلوبة ومن المستفيد منها.


٣- ننتظر وقف الفساد والنهب والسرقة الذي يجري بطول البلاد وعرضها ! والسؤال من سيوقف هذه المنظومة اذا كان رب البيت هو من يرعاها ويحميها والوقائع كثيرة حتي مصالح الوطن العليا التي لاخلاف عليها بيعت لاعداء الوطن في ظل تشريعات واتفاقات صنعها الانقلابيين فهذه حدود مصر تعدل لصالح سرقة الغاز وتقبل بها اجهزة المخابرات لمصالح شخصية وليحترق الوطن وتلك مياه النيل أفردوا لاتفاق الخائن مع اثيوبيا والسودان واليوم تتجاهلهم اثيوبيا وهم في حيص بيص وقد صمتت كل اْبواق الاعلام التي حرضت علي ذلك وشجعت تنازل مصر عن مياهها وحقها التاريخي ! أي فساد يحاربه نائب فاسد لا يبحث إلا عن مصلحته وقد رأيناهم رأي العين وكيف كانوا يستثمرون الخدمات الخاصة لناخبيهم مصلحة امام مصلحة وهكذا صار تقييم النائب الجدع الشهم من جانب بعض المستفيدين منه وبمقابل ليس كخدمة تقدم ولكنه اصطفاء الفاسدين!


لقد انقض عهد الشرفاء الذين كانوا يحتسبون أعمالهم للجميع دون تفرقة عند الله عبادة وقربي وزرعا للاخلاق عند ممارسة السياسة ! لكن هذا لم يقابل عند الكثيرين بالرضا حتي لا تتساوي الرؤوس ! فيبقي السيد سيد والغلبان غلبان وهذه الانتخابات عودة صارخة لهذا النموذج من التعامل المتعالي الذي قسم الشعب لأسياد وعبيد وفرضه واقعا بقوة السلاح والقانون وهذه اوضاع العسكر والشرطة والقضاء والاعلاميين تنطق بذلك في مقابل العمال والفلاحين والموظفين والقوانين التي تقيدهم وتحرمهم من حقوقهم.


٤- ننتظر من النائب فرص عمل للشباب الذي لا يجد ما يعيش عليه او القدرة علي الزواج او حتي الان القدرة علي السفر بعد ان تحولت مصر الي سجن كبير تحتاج فيه مال وموافقات أمنية قبل ان يسمح لك بالسفر ! وطبعا أشك في ان عاقل يفكر ويطالب بذلك ممن اقترح علي حملة الماجستير والدكتوراه العمل علي التكاتك او من الخريجين علي العمل علي سيارات الخضار والفاكهة أو من عاب علي شباب مصر انهم لا يرغبون في العمل بدليل آلاف فرص العمل لدي وزارة القوي العاملة ولم يتقدم لها احد من الشباب !


 بل في ظل هذا الخصام بين حكومة العسكر ومعظم شباب مصر الذي رأي وعايش قتل اخوانهم وزملائهم بالرصاص الحي في الشوارع والميادين والجامعات وانفضاضه عن الترشيح والمشاركة في الانتخابات الماضية المزورة بعد الانقلاب العسكري !


 بل وفي ظل هذا التقسيم بين السادة والعبيد لن يجد أي شاب مصري اي فرصة عمل حقيقية تتناسب مع مؤهلاته وجهده وكفاءته فمازلت الواسطة والرشوة والمحسوبية هي الطريق وقد حاولنا ونحن في البرلمان خاصة بعد الثورة ان نفهم كثير من المواطنين ذلك عندما كان يطلب وساطة لتعيينات يتقدم لها كثيرون وان فعل ذلك لن يجعل هناك تغييرا بيننا كأغلبية بعد الثورة ونظام المخلوع مبارك وكان الغضب هو المحصلة ولعلهم الان ينعمون بهذه الوساطة وتلك المحسوبية وذلك الغبن والظلم الذي يقع علي عموم الوطن والمواطنين.


٥- البعض طلباته مازالت بسيطة من أبناء شعبنا فقط ان يتمكنوا من مقابلة النائب بعد نجاحه !


 واعتقد ان ما كنّا نفعله ليس في طاقة كثيرين ممن سيتم اختيارهم ليكونوا عبيدا لمن انجحهم ولطلباته ! فلن كان التزوير واضحا فلن يري احد النائب المزور ولنا أمثلة عديدة علي نواب نجحوا علي غيرا إرادة الأمة فانزوا واختفوا ولم يتحملوا طلبا واحدا من احد ودائرتي في دمنهور بحيرة تشهد علي ذلك !


 لن يتاح النائب لان الباطل سيشغله ليحقق له ما أراد ولأن الامكانات لاتسمح بأي حل حقيقي ولأن الفرص المتاحة قليلة سيمنحنا للأقربين وأصحاب المصلحة المتبادلة لن أفرد حديثا عما كنّا نفعل من تواصل نجتهد فيه نلتقي فيه بالجميع حتي لو لم تتح الفرصة لهم جميعا لكنها لقاءات دون اختيار ودون مصالح متبادلة فهي مع عموم الشعب الغلبان وهم من لا ظهر لهم .


هذا تصورى للبرلمان القادم الأسوأ في تاريخ مصر حتي من برلمان ٢٠١٠ لكنه ربما يشترك معه انه سيشهد ان شاء الله سقوط هذه المنظومة الانقلابية الفاسدة لانه لن يصح إلا الصحيح وأن ما أريق من دماء بريئة طوال الطريق الي هذا البرلمان ستكون شاهدة علي ظلم كل من شارك فيها مرشحاً كان أو ناخباً بعلم أو بغير علم سوي انها تتم بعد قتل ألاف المصريين ممن يشهد لهم هؤلاء وأولئك بأنهم كان من أشرف وأطهر من قدموا الخير للناس بلا تفرقة وجنازاتهم في بلدانهم تشهد علي ذلك لذا اتعجب من كل من شارك في ثورة ٢٥ يناير لينهي نظاما فاسدا مستبدا ثم خرج في ٣٠ يونيو ليعيده مرة أخري. كما أتعجب من كل من يعرف الاخوان او الأحرار الذين قضوا نخبهم ظلما بغير ذنب ثم يشاركوا في انتخابات العار لهذا البرلمان.


اللهم أن هذا هو اجتهادنا وطريقنا لنيل حريتنا كما أرشدتنا للحق فاللهم أفضح من تأمر علينا واهلك من بغي علينا وقوض بنيان من اعتدي علي حق مصر وشعبها ولبس لهم الحق بالباطل انك سبحانك علي كل شيء قدير.


دكتور / محمد جمال حشمت

نأئب في برلمان الثورة

رئيس البرلمان المصري الشرعي بالخارج

١١ أكتوبر ٢٠١٥م

إضافة تعليق