الدكتور جمال حشمت يكتب : وزارة الخارجية المصرية

كنّا نأمل في أن تقوم وزارة الخارجية بعد ثورة يناير بدور مغاير لما كانت تقوم به مع الديكتاتوريات المختلفة التي حكمت مصر ، وكنا في برلمان الثورة الذي انتخب عقب ثورة يناير في مجلس الشعب أن نخرج من الدائرة التي رسمها الطغاة للوزارة وما تختزنه من كفاءات وطاقات يتم وأدها لتحقيق أهداف الدولة الظالمة لأهلها الخادمة لمصالح حكامها وقد تجلي دور الوزارة في هذا الحوار الذي أجريته مع د فتحي سرور رئيس مجلس الشعب في عام ٢٠٠٢ في اجتماع لجنة العلاقات الخارجية الذي كنت عضوا بها وقد كان حريصا أن يسمع مني فمد اللقاء قبيل استئناف الجلسة العامة ليسمع وكان هذا الحوار:


د. سرور : أتفضل د. جمال


د . جمال : لقد كلن هناك دورا للكونجرس الأمريكي في منع دخول الرئيس عرفات إلي الولايات المتحدة واستقباله في الأمم المتحدة وسؤالي ما هو دور مجلس الشعب في ممارسة الضغوط لتحصيل مزيد من المكاسب للقضية الفلسطينية لو أن الرئيس خاطب شارون بأنه موافق معه لكن ماذا نفعل في مجلس الشعب يرفض دخولك ومواقفك خاصة وان الذي منع دخول عرفات ٤ نواب ونحن لدينا العشرات بل المئات من الممكن أن يدعموا القرار الرئاسي لمزيد من المكاسب!


د سرور : يخطي من يظن أن وزارة الخارجية هي التي ترسم السياسة الخارجية لمصر إنما الذي يرسم السياسة الخارجية لمصر هي مؤسسة الرئاسة وان وزارة الخارجية فقط هي المنفذ وليس هناك دور لمجلس الشعب !


انتهي الحوار لكن واضح أن الرضا الصهيوني والموافقة الأمريكية علي وجود مبارك ومن قبله السادات ومن قبله عبد الناصر ومن بعده الخائن العميل السيسي هو المحرك الرئيسي للسيطرة علي كل قرارات مصر التي اختزلت في شخص رئيسها لعشرات السنين


وعندما أصبحت وكيلا للجنة العلاقات الخارجية ببرلمان الثورة مع أخي الكريم د عصام العريان رئيسا قررنا أن نمنح الوزارة دورا حقيقيا ينعكس علي أدائهم وإحساسهم بالقهر أو الإهمال عند أداء دورهم وهو ما يدفع ثمنه كل المصريين في الخارج حيث امتد الفساد إلي نخاع الوزارة وصار ملمحا رئيسيا لكل قرار فيها .


فاستعرضنا تفاصيل الوزارة وملامح تقسيم الأعمال فيها جغرافيا وإداريا وفنيا واستمعنا لكثير من رموز الوزارة وسط تشجيع منا ليقوموا بدورهم الحقيقي بعد الثورة ليعبروا بشكل صحيح عن مصر بعد الثورة عدلا وحرية وقيمة واستقلالا لكن الشاهد فيما أرويه هو أننا طلبنا بعرض قرار التعيين والتوزيع علي سفارات مصر علي اللجنة والبرلمان لاعتمادها قبل التنفيذ فقالوا هذا ليس في القانون ونحتاج تعديل تشريعي وطالبنا بذلك لكن لحين إتمام ذلك طلبنا لقاء مع السفراء المعينين الجدد قبل تسلم مهام مناصبهم داخل لجنة العلاقات الخارجية لنطمئن علي خطط الأداء والتعامل وما يمكن أن ينصح به النواب معبرين عن المصريين بالخارج حيث تزداد المشاكل والعوائق بينهم وبين سفارات بلدهم في كل مكان كإرث لنظم دكتاتورية فاسدة طوال عشرات السنيين، وأيضا لم يتم إلا سفيرا واحدا هو الذي جاء وكان حوارا رائعا محملا بالود والاحترام والتوصيات وكان مع سفير مصر الجديد في ألمانيا !!!


الآن نقرأ هذا الخبر ونتعجب علي تلك اللقاءات الطائفية بدون تشريع وبدون مساواة حتي مع شيخ الأزهر العميل للانقلاب العسكري!


خلال لقاء البابا بالسفراء الجدد: مصر تتمتع بقيم عميقة للوحدة الوطنية والتآلف الاجتماعي (الأهرام)


(استقبل تواضروس الثاني سفراء مصر الجدد المقرر سفرهم لتولى مهام مناصبهم بالخارج خلال هذا العام، وذلك ضمن سلسلة من اللقاءات التي ينظمها معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية لهم بناء على توجيهات سامح شكري وزير الخارجية، وذلك بهدف دعم التنسيق بين سفارات مصر بالخارج ومختلف مؤسسات الدولة تحقيقاً للمصلحة الوطنية)


إن العنصرية والفاشية التي يقودها الانقلاب العسكري في مصر ويرسخها في كل قراراته وفي كل مكان في ارض الوطن تكرس للوقيعة والفتنة بين أبناء الوطن الواحد وهذا أخطر ما نواجهه في ثورتنا المجيدة ضد الظلم والفساد والاستبداد في مصر .


فهل ندرك خطورة استمرار هذا الانقلاب العسكري حتي لو استفاد البعض من ورائه فهو في النهاية خاسر لا محالة والسعيد من اتعظ بغيره والفقي من اتعظ بنفسه وحسبنا الله ونعم الوكيل .

إضافة تعليق