التشابه المستحيل بين الحرية والعدالة والحزب الوطنى المنحل!

لم يزل كثير ممن يكرهون الحركات الاسلامية أيا ما كانت ومهما كانت من حيث الأفكار والتاريخ كراهية التحريم التى تجعل كل ما يصدر عنها إثم وفسوق ومؤامرة وصفقة وانتهازية وأحيانا خيانة للوطن  ! يتصدرون المشهد السياسى حتى بعد ثورة 25 يناير ! أضف الى ذلك أن نجاحات الاسلاميين ( أى الذين يؤمنون بالمرجعية الاسلامية فى حياتهم العملية طبقا للقواعد الاسلامية العامة )  فى كل منازلة انتخابية وسط عوام الناس (الانتخابات المحلية أو البرلمانية) أو خواصهم ( النوادى واتحادات الطلاب والنقابات المهنية وغيرها ) تمنحهم كثير من الثقة التى ترفع ضغط هؤلاء الكارهين بل وتحفزهم على مزيد من الإهانة والتلفيق لأفراد هذه الحركات وقياداتها !! وأولئك الكارهين من اتجاهات شتى وفى مواقع عدة لهم منابر إعلامية خاصة تروج لهم وقد تلاقت المصالح !  

وعلى كل حال فلقد انتهينا من الرد على شبهة تكويش الإخوان على كل المناصب فى البلد وبالأرقام حيث لا يوجد من ينتمى للإخوان فى أى منصب بدأ من الوزراء  ورؤساء مجالس الإدارات ورؤساء البنوك والمحافظين ورؤساء مجالس المدن ورؤساء مجالس القرى والعمد وشيوخ الخفر ومجلس أمناء الإذاعة والتلفزيون والمجلس القومى لحقوق الانسان والقومى للمرأة وسفرائنا فى الداخل والخارج فأين التكويش ؟! والتهمة التى يلوكها هؤلاء المعارضين للإسلاميين بالحق والباطل الأن هى أن حزب الحرية والعدالة تحول الى حزب وطنى جديد وقد حرصوا على تركيز هذا المعنى فى نفوس الناس باعتباره حقيقة فى معرض حديثهم الدائم عن الحزب وهنا دعونا نستعرض كيف نقارن بين حزب بائد منحل بحكم فساده وخيانته لمصالح الشعب المصرى طوال عشرات السنيين وحزب حديث عهد لم يمر عليه عام وقد حظى بثقة الشعب المصرى فى انتخابات برلمانية شهد العالم بنزاهتها ، كيف نقارن بين نواب أغلبهم ملوثين بفساد إدارى ومالى تعدى الحدود دون أى مؤاخذة من نظام بيروقراطى عتيد بل أحيانا لقى التشجيع صمتا أو اقترابا من صانعى القرار !!  جاءوا بالتزوير وقد ارتضوا ذلك ودافعوا عنه وبين نواب الحرية والعدالة الذين أجهدوا من يتربص بهم لإثبات فسادهم وخاب مجهودهم وتم اختيارهم فى عرس ديمقراطى مصرى لم يحدث من عشرات السنيين ! كيف نقارن بين حزب حاز الأغلبية بالتزوير ورغم ذلك لم يمنح أى حزب أو أحدا من المستقلين منصبا من 78 مقعدا فى لجان المجلس التسعة عشر ! 

رغم حصول الإخوان وقتها على 20% من مقاعد المجلس ويوم نجح أكرم الشاعر فى وكالة لجنة الصحة فى العام الأول وقف احمد عز على باب اللجنة فى العام الثانى كى يتأكد من إسقاطه! بينما شاركت كل الأحزاب –إلا من أبى – فى تولى مناصب ال 19 لجنة بالمجلس فى برلمان الثورة وفى ظل أكثرية منالحرية والعدالة وأغلبية من الاسلاميين !، كما لا يمكن تصور أن الحشد الذى كان يحشده الحزب الوطنى لنوابه الغائبين الدائمين عند بعض المواقف التى تحتاج الى حشد تصويتى ! يمكن أن يحدث من نواب حزب الحرية والعدالة المتواجدين بانتظام فى جلسات المجلس كما لايمكن مقارنة العقول الفارغة والهمم الضعيفة وعدم القدرة على تقديم استجواب أو وسائل رقابية إلا بموافقة الحزب بما يحدث مع نواب الحرية والعدالة الذين يتحركون بحرية فى استعمال كافة الوسائل البرلمانية دون أى حجر لمسائلة أى حكومة ! كما لم يلحظ أى دور لرئيس الهيئة البرلمانية فى توجيه القطيع من نواب حزبه كما كان يفعل كمال الشاذلى الله يرحمه واحمد عز من بعده بل قد تجد اختلاف الأراء بين أعضاء الحرية والعدالة وهو ما يؤكد أن هناك فارقا لا يراه أعمى البصيرة المتحامل بشكل دائم! 

الحزب الوطنى لم يسمح لمشروع قانون يقدمه النواب من أن يرى النور بل دائما يمرر ما تقدمه الحكومة واليوم أكثر من نصف القوانين والتعديلات المقدمة من نواب الأحزاب  المشاركة فى البرلمان دون أى إقصاء! حتى التصويت الذى كان يدار بزرار فى يد زعيمهم لم نره بين نواب الحرية والعدالة بل أخر قانون للقضاء العسكرى لمنع تقديم المدنيين الى محاكمات عسكرية كان التصويت فيه 89 ل 58 وهو غير مسبوق كما أن كم إنجاز الأعمال لمصلحة الشعب المصرى فى مائة يوم لم تحدث فى عشر سنوات ! ومساءلة وزير الداخلية أمام المجلس لم تحدث من قبل والتصويت على بيان الحكومة يتم بنداء الأسماء لم يحدث من قبل فأى وجه للشبه يدعى هؤلاء وأخيرا لقد عاش نواب الحزب الوطنى فى ظل حماية أمنية وإعلامية بينما ظل الهجوم على الإخوان ونوابهم من حزب الحرية والعدالة حتى الآن مستمرا ويشترك نواب الوطنى السابقين بفضائياتهم فى الحرب المعلنة فكيف يتساوى الظالم مع الضحية ألا ساء مايدعون

هناك تشابه يدعونه حول الرغبة فى السيطرة وقد جعلوا من تكوين الجمعية التأسيسية لوضع الدستور مثالا لذلك وهم يريدون تفسير النص الدستورى الخاصى بتشكيل الجمعية التأسيسية رقم 60 فى الاعلان الدستورى على هواهم حيث يريدون إقصاء النواب من الاشتراك بشكل كلى وهو مالم يحدث فى أكثر من 42% من الدساتير التى وضعت فى المائة عام الأخيرة حيث اختص بوضعها البرلمانات وأعضائها ! وقد استجاب حزب الحرية والعدالة الى كثير من رغبات الأخرين والتزم بالأسماء التى ترشحت بمعرفة مؤسساتهم ورغم ذلك بدأ الانسحاب منها تحت ضغوط إحداها إعلامية وربما ما يؤخذ على حزب الحرية والعدالة فى هذا الصدد هو عدم إحكام قضية الحوار والتشاور مع الأحزاب والقوى السياسية بشكل أفضل وأكبر مما تم وعلى كل الأحوال تم عرض حلول كثيرة للخروج من أزمة الانسحابات التى أخرت استحقاق ديمقراطى واجب وقد جاء وقته وهو وضع دستور دائم للبلاد يحقق طموحات المصريين ونتج عن ذلك ما نحن فيه الآن من انتخاب رئيس فى ظل إعلان دستورى نرى أنه يجب الإكتفاء به بدون أى إضافات حتى يوضع الدستور الدائم

تلك كانت أهم الاتهامات التى وجهت لحزب الحرية والعدالة فيما يخص إعادة انتاج نظام الحزب الوطنى المنحل ووجه الرأى فيها بما يصحح كثير من الادعاءات والشبهات التى تنطلق بقوة فى وجه الإخوان وحزبهم وهو أمر اعتدنا عليه طوال عشرات السنيين وغيابه ربما تسبب لنا فى ربكة لم نهيئ أنفسنا لها فشكرا لهم


دكتور محمد جمال حشمت

أستاذ جامعى ونائب بالبرلمان

27 مايو 2012م

إضافة تعليق