خلاصة التجليات فى انتخابات المحليات!

دأت فكرة الانتخابات المحلية تدخل منحنى جديدا منذ أن تم تأجيلها من عامين لحين صدور قانون جديد للحكم المحلى يمنح المحافظات حكما لا مركزيا تعتمد فيه كل محافظة على مواردها الأساسية وتنظر فى مصالح أبنائها من خلال هذه المجالس التى ستمارس دورها الرقابى القوى والداعم للسلطة التنفيذية لخدمة المواطنين ورعاية شئون حياتهم اليومية ! يومها قلنا لو صدق و حدث هذا لفقد الحزب الوطنى سيطرته على هذه المحليات نظرا للفساد الذى اعتراها منذ تولى الحزب حكم مصر قهرا وغصبا عن إرادة شعبها !


وتأكد لدينا أن هدف التعديل هو إقصاء المعارضين خاصة الإخوان المسلمين من خوض غمار هذه الانتخابات وهو دليل على أزمة النظام الحاكم  المزمنة مع الإخوان ولعل وقف انتخابات البرلمان فى 7 دوائر بها مرشحون من الإخوان وأهلها وهم مئات الألوف ليس لهم نوابا يمثلونهم أو يلجئون اليهم عند الحاجة حتى هذا اليوم!!يؤكد هذا ، بينما انتخابات المنيل وقبل أن ينتهى شهر العسل بين النائبة المستقيلة وزوجها حوت الحديد فى مصر تمت فى وقتها وتم تزويرها رغم غياب المرشحين الإخوان !! وعندما طالت المدة ولم يحسم أمر القانون الذى يمنح المحليات بعض الحريات والمسئوليات قرر الحزب الدعوة للإنتخابات على نفس الشكل القديم !!


وقد قرر ألا يدخلنها عليهم إخوانا مسلمين حتى يمكن تشكيل المجالس المحلية  بالتزكية فى معظم الدوائر كأنه ليس فى مصر سوى الحزن الوطنى !! ونجح فى إبعاد الأحزاب وباقى القوى السياسية عن الإخوان كشرط لقبول أوراق مرشحيهم والسماح لعدد منهم بالنجاح ودخول المجالس المحلية !!


وهنا قرر الإخوان خوض الانتخابات لممارسة حق أصيل لا يملك أحد أن يحرمهم منه وهو حق الترشيح ورغم تأخر القرار لاحتدام الحوار داخل الجماعة عن جدوى النزول رغم اليقين برغبة النظام فى تزوير الانتخابات – كل الانتخابات- بل وعدم قدرته أصلا على إجراء انتخابات نزيهة كمن أصابه العقم الأزلى! إلا أن قرار النزول صعق النظام لحجم المجهود الذى المتوقع أن يبذله فى تشويه صورة الإخوان وإبعادهم عن مقار الترشيح وإفشال كل خططهم فى التواجد داخل لجان التقديم والانتخابات !


على العموم حدث ما نعلمه جميعا من اعتقالات للإخوان مسئوليهم ومرشحيهم  ! ثم منع من بقى منهم من استخراج الأوراق الرسمية التى تستوفى شروط الترشيح ! ثم من نجح منهم منعهم من تقديم الأوراق للجان استلام الأوراق ! ثم أهدر حق كل من نجح فى تقديم الأوراق وهو يعلم أنه من الإخوان فى سلامة أوراقه فمزقها شر ممزق ! ومن سعى الى القضاء حاول التأثير على بعض القضاة ومن فشل فى الضغط عليهم وأصدروا أحكاما لمرشحى الإخوان رفض تنفيذ الأحكام !


وعندما قدمت الى رؤساء المحاكم وقت الطعون، منهم من قبلها ومنهم من رفض ! منهم من أوقف الانتخابات لانتهاك الدستور والقانون ومنهم من رفض وفتح باب المحاكم فى غير أوقات العمل الرسمية ليستقبل إشكالات أعضاء الحزب الذين جاءوا بأوامر أمنية على عجل للوقوف أمام حق الإخوان فى الترشيح !! فماذا جنى كلاهما - الإخوان والنظام الحاكم - مما حدث:


أما عن الإخوان فقد وضح أنهم الفصيل الوحيد على الساحة السياسية التى يعمل لها النظام ألف حساب وأن حركتهم دائما ما تسبب حرجا بالغا للنظام وهو ما يعده البعض نوعا من العناد تختلف فيه الأراء لكنه ببساطة ممارسة لحق طبيعى وانسانى وشرعى قبل أن يكون حقا دستوريا وقانونيا والتهاون فيه قد يقضى على مصداقية الإخوان فى الشارع أو يهدد وجودهم وهو على كل حال اجتهاد تلجأ فيه الجماعة الى قواعدها لتقوى مركزها فى هذا الصراع !!


أيضا كسب الإخوان تعاطفا من النخبة وعامة الشعب لما لاقوه من عسف وفجور وتطاول وانتهاك على أيد أمن النظام الذى ساءت سمعته بين أبناء الشعب المصرى ولم يعد ملجأ لحماية الشعب والحفاظ على أمنه وأمانه !!! كذلك كسب الإخوان القدرة على الإصرار على التواجد رغم كل المعوقات التى اخترعها الحزب الحاكم و الجرأة فى التصدى لتعنت النظام فى الوقت الذى ابتعد فيه الكثيرون ممن يرغبون فى الترشيح من مجرد المرور أمام لجان التقديم بعد أن تحولت الى ثكنات عسكرية تدخل الرعب فى نفوس الشعب -كأنهم يستمتعون بذلك - !!!


ولا ننسى أن فرصة ظهور قيادات جديدة فى صفوف الإخوان فى معظم الأماكن سواء إدارية بعد اعتقال كثير من المسئولين أو جماهيرية لترشيحها لأول مرة فى انتخابات عامة من المكاسب التى سيكون لها تأثيرها على المدى البعيد! لن أسترسل فى المعانى التربوية من هذا الإصرار وذلك التواجد رغم أنف أهل الحكم الظالمين القابعين على صدور الشعب المصرى دون رأيه أو رضاه!!! إلا أنى أرى والله اعلم أن المكسب الأهم من وجهة نظرى فى هذه المعركة بغض النظر عن نتائجها ودخول أيا من الإخوان فى تلك المجالس !!


هو ما حدث للحزب الحاكم والنظام الفاسد الذى يحكمنا وهو خلخلة هذا التشكيل القائم على المصالح والمحسوبية والانشغال بالمكاسب الشخصية التى سيطرت على وجدان كل الطامحين فى الترشيح بعيدا عن خدمة الشعب أو الدفاع عن حقوقه !! ورغم الاشتراطات المحفوظة المكررة فى كل انتخابات لمواصفات المرشح -  من أول كمال الشاذلى حتى أحمد عز-  من حيث توافر النزاهة والسمعة الحسنة والتواجد الجماهيرى والالتزام الحزبى وغير ذلك من معانى الشرف التى يخاصمها ويطارها الحزب الحاكم إلا أن المرشحين كانو سرا حربيا حتى على المرشحين أنفسهم ناهيك عن الأعضاء أو حتى جماهير الشعب !! وفوجئنا بترشيح ميت وأخرين من أرباب السوابق وأصحاب الأحكام الجنائية وممن لا شعبية لهم لكن ولاءهم أكبر للمسئولين من الحرس الجديد !!


لقد اعتصم أعضاء الحزب الوطنى كأنهم مرشحى الإخوان الذين لم يتمكنوا من تقديم أوراقهم ورغم تشابه الموقف إنما شتان بين الطرفين مرشحين أذلاء لا يدرون ما الحزب فاعل بهم وأخرين أعزاء يستيجبون لنداء الواجب ويرجون من الله مالا يرجون خصومهم ! فريق غدر به مسئوليه بعد أن وعدهم ثم نكص على عقبيه وتبرأ منهم وفريق يحمل الأمانة وهو يعلم الثمن الذى يدفعه أمام خصم لايعرف الشرف طريقه ولا الأخلاق سبيله فيصبر ويحتسب وقد أعذر الى الله ، فضيحة الحزب الوطنى باستقالات قياداته وغضب أعضاؤه لم يمكن حتى اليوم استيعابها ! ولم يتمكن الكاذبونممن تسببوا فى تلك الأزمة من تخفيف الصدمة أو لملمة الفضيحة سواء بالوعود أو التهديد !


فلقد فاض بهم الكيل حتى أن كثيرين من هؤلاء المستبعدين عرضوا على مرشحى الإخوان مساعدتهم بل ودعم دعايتهم ضد الحزب نكاية فيمن استهانوا بهم وأهانوهم!! كذلك خسر الحزب الوطنى معركة المواطنة بإقصائه للمرشحين المسيحيين الذين رشحتهم الكنيسة وكانت فضيحة أعلنها القساوسة والغريب هنا أن ترشيح المسيحيين يأتى من الكنيسة وليس من الحزب مما يؤكد أن الترشيح والاستبعاد كلاهما ضد المواطنة التى صدعوا بها رؤوسنا !!!


لقد كان النصف الأول من انتخابات المحليات التى ستكتمل إن شاء رب العباد يوم 8 أبريل 2008م زلزالا أصاب مؤسسة الحكم وأجهزتها وافتضح أمر المتلاعبين بأقدار الشعب المصرى والمفرطين فى حقوقه ولا ندرى كيف ستنتهى ؟! عسى الله أن يجعلها أخر انتخابات فى ظل هذا النظام لأننا نخشى على الشعب المصرى من فقدان الأمل فى التغيير بعد أن أصابهم الإحباط بمثل هذه الممارسات ولكننا تعلمنا من إسلامنا أن المسلم لا ييأس أبدا لأنه "لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون" عسى الله أن يدبر لنا من أمرنا رشدا وأن يجعل لنا من كربنا مخرجا اللهم آمين اللهم آمين

إضافة تعليق