الوطن بين أصحابه والمرتزقة !

سبتمبر 25, 2005

لم أكن فى يوما ما من المتشائمين من حدوث تغيير حقيقى فى مصر الى الأفضل رغم علمى بصعوبة المهمة لأسباب كثيرة منها:

1- أن الحزب الحاكم قتل نفسه سياسيا ولم يهتم فى يوم ما بأن يحوز رضا الشعب ولم يحرص بالتالى على الاستجابة لمطالبه المشروعة فى حياة كريمة حرة فصارت النزاهة والشفافية كالجيفة التى لابد من اخفائها والتخلص منها!

2- اهتم الحزب الحاكم على مر السنين بالسيطرة على الحياة فى مصر سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو اعلامية أو تعليمية ومنح حوارييه الذين شهدوا له بالعبقرية والتفرد سلطات لاحد لها أذلوا بها رقاب العباد

3- لكى يحدث هذا الانفصال مع الشعب - مانح الشرعية - والتواصل مع المرتزقة وأصحاب المصالح كان لابد من اظهار العين (الحمرا) لمن يجروء على التفكير فيما شئون الدولة التى صارت حكرا على الأسياد الحكام والمرتزقة وهذا ماتم فعلا وما عرف بعسكرة المجتمع المصرى وعلو كعب رجال الأمن وتدخلهم فى كل صغيرة وكبيرة حتى تضخم جهاز الشرطة وصار صاحب أكبر عدد من العاملين و أعلى ميزانية لوزارة من الوزارات والأنكى غياب المحاسبة الجادة والتدخل الفورى فيما يتصل بحياة وأرواح وكرامة المواطنين وانقاذهم من براثن التسيب ونشوء حالات الثأر لدى أفراد جهاز خارج نطاق السيطرة وبالتالى فقد ارتبطت مصالح كبار رجال الأمن – ولاأقول كلهم – بمصالح النظام واستمراره.

4- خيانة كثير من المثقفين والمبدعين لآمال الشعب وتطلعاته وهم الذين يحملون مسئولية الحفاظ على الهوية والتمسك بمنظومة القيم والحرص على توعية الجماهير بما يحقق لها حياة أفضل والوقوف بجانب الحق والخير والحرية ضد الظلم والشر والاستبداد ولكن للأسف لم نجد فارق كبير بينهم وبين حماة النظام فهؤلاء كانوا يد النظام الغليظة بينما لعب بعض المثقفون دور المحلل والمبرر لأفعاله بالكلمة والصورة أحيانا ونماذجهم كثيرة لاتخطئها العين فى الحياة الثقافية والاعلامية.

5- سلبية الأغلبية من أفراد الشعب وخاصة الطبقة المتوسطة التى كانت دوما هى محرك الثورات ومصدر الوعى وركائز المقاومة على مر السنين ولعل التماس العذر لهم لشدة ما تعرضوا له من مسخ ثقافى وتشويه اعلامى وتزييف تاريخى وقهر اجتماعى وتغييب سياسى يكون له بعض القبول لأن أصحاب الرسالات  والروئ منهم لم يستسلموا وقاوموا على قدر طاقتهم وتشرفت بهم سجون النظام طوال ثلاثون عاما وهو ما انعكس على قدرة المجتمع على الصمود ورفع ألوية الحق لحين تنتاب المجتمع صحوة وروح جديدة تتسم بالايجابية.

لهذه الأسباب وغيرها مما لايتسع له المقام ولايغيب عن عاقل قد تتلبسنا حالة من اليأس فى الخروج من هذه المحنة التى أكلت اليابس والأخضر ووزعت الإحباط  بالتساوى بين أبناء الوطن وجلعتنا نحبو وسط الراكضين فى طريق الحرية والتنمية و احترام حقوق الانسان..... ورغم كل هذا نحن اليوم فى وسط حراك ووعى غير مسبوق صحيح مازالت أعداده قليلة ولكن عدواه ستنتشر بقدر صمودنا ونزع الرهبة والخوف من قلوبنا وتزايد قدرتنا على المقاومة وفضح أداء النظام الذى يصب فى جيوب المرتزقة ويتعسف فى حقوق مواطنيه, لقد بدأت القوى الوطنية فى مصر طريقا شاقا وليس سهلا يحتاج الى تضحيات  وصبر وحنكة ووضوح رؤية ان توفرت فالنصر قادم لامحالة وعلى أهل الظلم وحماته أن يبحثوا لهم من اليوم عن مأوى ومحام وأظنهم لن يجدوا لا هذا ولاذاك فى الدنيا أو الآخرة لوماتوا على ماهم عليه والعاقل من اتعظ بغيره والغبى الهالك من اتعظ بنفسه وأخذته العزة بالاثم  وظن بالله غير الحق ,فالحق أبلج والباطل لجلج  وهذا ما يجعلنا دائما فى حال المتفائلين فانه لاييأس من روح الله الا القوم الكافرين.

دكتور محمد جمال حشمت

نائب الشعب بالبرلمان السابق

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق