السياسة والقضاة... ياظلمة!

كتب - د.محمد جمال حشمت

2006-07-03

أفظع نكتة سمعتها كانت من الأستاذ الدكتور رئيس مجلس الشعب المصرى الذى لم يعد لديه جديد يقدمه فى موقعه وهو كثيرا ما يضطر لأن يفعل مالا يعتقده أو يؤمن به بل ومن الممكن أن يكون قد نطق أو كتب عكس ما فعل وهو ما تتبعته منذ رسالة الدكتوراة الخاصة به حتى ما نطق به فى كلماته داخل المجلس وخارجه طوال أكثر من 15 عاما , المهم النكتة التى لايمكن لعاقل أن يصدقها هى قوله فى رده على بعض الأعضاء الذين أنكروا على الحكومة عمومية الألفاظ التى حواها التشريع الخاص بالأماكن الأثرية أثناء مناقشته فى المجلس واستشهدوا بما حدث من هدم فيلات أثرية وقصور فى أحياء جاردن سيتى والمهندسين وذكروا هنا خير دليل وهو هدم أحد القصور التاريخية وإنشاء فندق الفورسيزون على كورنيش النيل وهنا عقب السيد رئيس المجلس بقوله – وياليته ما قال – بأن بناء الفندق تم فى غفلة من الزمان !!!!!!!!!!!!

 تصوروا لأن هذا الفندق يملكه ثلاثى مصرى سعودى قد تم بنائه دون أن يدرى أحد!! رغم ضخامته فالعبرة هنا بإرادة الحكومة لو لم ترغب لتم إلقاء القبض على من تجاوز أمتار قليلة فى إحدى قرى مصر فى الصعيد الجوانى أما إذا رغبت فالزمن فى غفلة والشعب فى غيبوبة وأجهزة الدولة فى العناية المركزة !! أضحكني وأبكاني تعليق الدكتور وهو صك اتهام لا براءة فيه واعتراف لا مناص من متابعة أبعاده !! فلا يصح أن تفعل هذه الحكومة ما تريد دون مقاومة تذكر بغض النظر عن النتائج وذلك دور نواب الشعب الحقيقيين الشرفاء.

هذا الانفصام الذى انتاب النظام المصري فى حديثه وسلوكه وتصرفاته ناجم عن كونه نظاما مضطربا لا يملك من أمره فى حكم مصر سوى الحديد والنار ودائما يفشل فى الاستجابة لنداء العقل أو حتى التحدي كى ينأى بنفسه عن الكذب فى حديثه وعن العنف فى أدائه ! ولذلك تعجبت عندما وجدنا النظام وزبانيته يتهمون القضاة بممارسة السياسة وهم أعلى قدرا من ذلك !!! عندما كانت مطالبهم تنشد الإستقلال والحرية للقضاء والقضاة بل اتهموا بأكثر من ذلك وهو أن عقولهم قد تلوثت من احتكاكهم بالسياسيين !! والحمد لله أنهم لم يتهموا بأن مظاهر الإجرام قد بدت على وجوههم وهم يطالبون باستقلال السلطة القضائية !! من كثرة فصلهم فى قضايا الجنايات ورؤيتهم للمجرمين !!! أما عندما دافعوا عن النظام بالموقف والكلمة لم نسمع لأولئك الزبانية صوتا عندما تجاوز قاضى محاكمة الصحفيين فى الدستور حدود القانون وأصدر حكما سياسيا بنص حيثياته وكلماته التى وصف فيها رئيس الدولة بأنه حارس الديمقراطية الذي وهب تلك الأمة الكثير" بل لقد تجاوز القاضي وأسرف فى السياسة وهو يصف الحالة السياسية فى مصر بأنها "مجتمع يخطو نحو الحرية والديمقراطية بخطي ثابتة في ظل مناخ ديمقراطي" !! ثم يصف بعض الصحفيين الذين ينتقدون القيادة السياسية التي تحمي هذه الديمقراطية التى يعبش فى كنفها القاضي بأنهم " قلة" ويضيف " ولا تري ـ هذه القلة ـ ما يراه الشعب بكامله من خير وتقدم وسلام واطمئنان" .هكذا تساس الأمور فى مصر فمن أراد حرمان السلطة التنفيذية من السيطرة على السلطة القضائية يتحدث فى السياسة وهى نقيصة فى حق القضاة أما من يمجد فى السلطة التنفيذية ويشهد بديمقراطيتها وسعة صدرها من القضاة فأولئك هم القضاة !! وهذا ينسجم مع الإرادة الحكومية الحزبية التى فرضت حمايتها على المزورين الذين أسقطوا نواب الشعب وأبعدوهم عن مواقعهم التى حملتهم إليها إرادة الشعب فهؤلاء القضاة لا علاقة لهم بالسياسة الوحشة التي تتآمر على النظام فى مصر وتريد أن تستبعده من عز الحكم وجاه السلطة باسم الحرية والديمقراطية والاستقلال !!!

يا ظلمة حاتروحوا من ربنا فين!! والله لننال حريتنا كما نتناول طعامنا ولنقتص ممن ظلمنا كما نعاقب أولادنا وليشف ربنا صدور قوما مظلومين ولكنهم متيقظين متكاتفين يرجون من الله مالا يرجونه أولئك الظالمون مهما كانت مناصبهم أو قوتهم فإن القوة لله جميعا والله يعلم وأنتم لاتعلمون

إضافة تعليق