الأيدى الآثمة فى دمنهور (2)

قد يستعجب البعض من رقم (2) الذى أضفته فى عنوان المقال رغم أنها المقالة الأولى بعد أحداث العنف التى تولاها الأمن المصرى ضد أبناء الشعب فى محافظة البحيرة يوم الأول من إبريل 2008م والذى انتفض ضد التزوير وإهدار الأحكام القضائية وضد الفساد والغلاء الذى استشرى فى مصر حتى طال كسرة الخبز وطبق الفول !!!

وسر ذلك أن المقالة الأولى كانت فى يوليو 1993 تحت نفس العنوان فى جريدة الشعب المأسوف على غيابها بفعل فاعل غبى !! وكانت أول مقالة أكتبها فى الصحف وارتبطت بحادثة مماثلة تعدى فيها الأمن فى دمنهور على أبناء الشعب الذى انتفض لمناصرة المسلمين المذبوحين بأيدى الصرب وصمت العالم ووسط عجز المسلمين فى البوسنة والهرسك !!

فقد جمعهم مؤتمر للمناصرة فى نقابة المهندسين وفى حضور ثلة من القيادات السياسية والاسلامية تشرح حقائق ما يحدث والذى ظهرت بتفاصيل مخزية فيما بعد أجبرت العالم على محاكمة مرتكبيها من الصرب والكروات المهوسين !!

ولزيادة عدد الحضور وضيق المكان فقد امتلأ الشارع المواجه للنقابة ورغم التنظيم الدقيق الذى يسمح بسيولة المرور دون عائق إلا أن الحكمدار وكان أهوجا لم يحتمل أن يكون دوره فقط تأمين الحضور وحراستهم وهو مالم يتعود عليه أو يطلبه منه أحد من قياداته فقد أصدر أمر نزول القوات والضرب فى المليان وحدث الهرج والمرج والإصابات التى وصلت لبتر الأرجل وعاهات مزمنة أصيب بها العشرات دون ذنب جنوه أو جرم اقترفوه !!

 نتيجة استعمال قنابل الدخان المسيل للدموع والرصاص المطاطى بكثرة دون احتراس أو احتراز حتى أصيب الأطفال والنساء والكبار والصغار فى هذا التصرف الأهوج الأحمق ! ولم أعرف وقتها لصالح من فعلت قوات الأمن المصرية هذا الجرم ؟ !!

ألصالح الصرب والكروات أم كرها فى الشعب ومناصرته لمسلمى البوسنة وهو ضد الإرادة الأمريكية فى هذا الحين أم كرها فى نقابة المهندسين والقائمين عليها حيث أثبتت النقابة - وكل قياداتها من الهواة -  فشل الحكومة - وهم من المحترفين – فى إدارة مصالح الشعب وأوضحت مسئولية الحكومة فى تضييع المال العام !!

حيث أظهرت أخر ميزانية للنقابة فائض بالملايين ومشروع لزيادة معاش المهندسين لألف جنيه وقتها بل ونجحت فى عمل جمعية عمومية حضرها أكثر من خمسة ألاف مهندس وهو مالم يحدث من قبل دخول الإخوان ومن معهم من الشرفاء الوطنيين فى مجالس النقابة المتتالية ؟!!

 لم أعرف أى مبرر لذا لم أنشغل إلا بالحدث الذى عايشته بنفسى وقتها وأصابنى رذاذ الرش المؤلم فكتبت مقالتى الأولى " الأيدى الآثمة فى دمنهور" واليوم أكتب للمرة الثانية حول نفس اليد ونفس العقلية ونفس القرارات الهوجاء التى حولت أبناء مصر من الأمن المركزى والمخبرين الى صورة الغزاة المحتلين فى فلسطين من بنى اسرائيل الملعونين من رب الكون فقد كانوا ومازالوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون !!!

تجمع لمرشحين اخوان ومناصريهم ومحبيهم وكارهى النظام أمام مجمع المحاكم لإعلان الغضب من الظلم والفقر والفساد الذى ملأ علينا حياتنا والأمن يعلم وقد جهز حشوده وأحضر سياراته واحتل بها مكان الوقفة التى يعلم بها قبل يوم !! وبدأت الهتافات تعلن الغضب أوما يحق للمظلوم أن يتنفس ويعبر عن غضبه أم المطلوب منه أن تحبس أنفاسه ويقهر ولا ينطق !!!!؟

 وبدأت مفاوضة لفض المظاهرة لم تستغرق دقائق وقد عدل المسئولين عنها برنامجها من كلمات تلقى لتكون كلمة واحدة لمسئول المحافظة يخاطب فيها الشارع بعد أن أحاط بنا الصم والبكم فى أجهزة الدولة حتى فى المحكمة لم نجد نصيرا ينفذ أويطالب معنا بتنفيذ الأحكام التى حصل عليها المرشحون !!  

 لكن هيهات لإحساس العنجهية الذى يسيطر على رجال الأمن وهم يقبعون خلف أسلحتهم وجنود أمنهم ومخبريهم وبلطجيتهم فهم هنا فى الخلف يشعرون بالآمان والاستعلاء والقوة !! هيهات لشعور الاستكبار والإحساس بأنهم يحمون نظام الحكم بأوامر خارجية اطمئنوا لها ! وهم فى الحقيقة كما صارحتهم من قبل إنما يدافعون عن مصالحهم الخاصة التى نجح النظام الحاكم بأن يربطها بوجوده واستقراره !!

هيهات لمن يتصور أن الشعب المصرى لاحقوق له بل عليه أن يحمد ربنا أن يحيا فى ظل هذا النظام الممتع !! وعلى ذلك كان قرار الاعتداء على أبناء الشعب وفيهم من هو أخلص وأنفع وأكرم لوطنه من هؤلاء الذين اتخذوا قرارهم  بفض المظاهرة مهما كانت النتائج !ومن قبل كان التهديد فى متوالية العصى ثم قنابل الدخان ثم الرصاص المطاطى ثم الرصاص الحى !

كما حدث فى انتخابات البرلمان 2005م ولاعجب لمن استحل أعراض الشعب وحقوقه وممتلكاته وحرياته بل وحياته كما يحدث فى المواجهات والتعذيب فى مراكز الشرطة والسجون وفى الحوادث العارضة حتى على أيد الغير من صهاينة وأمريكان وداخل حدود مصر بلا اعتراض و بلا حماية لهذا الشعب المنكوب بحكامه ! كان القرار وانطلقت قذائف الغدر ورصاص الخيانة والجبن لتنتهك حرمات المصريين المظلومين الذين جاءوا ليرفعوا أصواتهم فقط بالظلم الواقع عليهم !!

ووجدت عينى تلتهب وجلدى يحترق وزورى يختنق وأيادى بعض المحبين تختطفنى لنجرى وأنا حزين لماذا نجرى ؟ وهل سنقف لمزيد من الاختناق والألم والإهانة ؟ ولماذا نقف إذن أمام هؤلاء الذين افتقدوا للعقل والمنطق والاحساس بالإنسانية المجردة أمام شعب أعزل ؟ أتصارع من الداخل وأحاور نفس فى لحظات الإنسحاب للخلف ! لماذا كان هذا الإعتداء الآثم ؟!! ولمصلحة من  هذه المرة ؟ ويتم الإعتداء على المئات ومنهم سيدات وأطفال بل تسحق إحداهن تحت أقدام الفارين أمام ما تزرعه الأيدى الأثمة من تنكيل !

ويبدأ القبض العشوائى أو المتربص فى ميدان المعركة ويمتد لحصار كافة الميادين لإعتقال من يريد ! حتى أن ضابطا كما حكى لى من الأمن العام الذى يساعد فى التنفيذ قد اجتمع عليه بعض أبناء الشعب وهتفوا حرامى ...حرامى حتى نال من الإعتداء ما شفى غليل البعض وأنقذته أيادى المخبرين فى صراع صنعته عقليات الفساد والاستبداد وفرضوه على الشعب كله بلا تمييز !!!  والى متى يستمر هذا الخبل فى الأداء المتسم بالعنف ضد أبناء الشعب المصرى دون تمييز الآن فالكل تعرض لهذا الفلتان ولم يسلم منه حتى القضاة !!؟

 إذا كنا نسمع من بعض قيادات فى الداخلية نفس ما نشكو منه باعتبارهم مواطنين!! ، بل نسمع  أحيانا تشجيعا منهم على الصمود حيث يفتقدون هم القدرة على الصمود و رفض التعليمات ! بل يعجزون دائما على المطالبة بحقوقهم !! ( والقصص عندى فى ذلك لاتنتهى) هل لأن أغلبهم من الأمن العام وهم الأقرب الى المهنية الشرطية ومدنيتها طبقا لنص الدستور والقانون !؟ و بعيدا عن جهاز أمن الدولة وما يطلب منه من مهام خاصة لحماية النظام ورموزه والدفاع عنهم على طول الخط مما جعل النظام السياسى الفاشل الذى يحكم مصر يصدرهم فى كل الأزمات ويحتمى ورائهم وعلى ذلك فقد منحهم من السلطات والإمكانات مالم يتوفر لباقى أجهزة الشرطة!!

 ونحن لانعترض لكن النظام ابتعد عن الحق والعدل وحال البلاد كما هو معلوم من الأزمات بالضرورة !! فهل تاهت عقولهم؟ وهل انحازوا لأعداء الوطن الذى كان لا يحلم لأن يصل بمصر الى ما أوصلها اليه النظام الجبان الذى يحتمى بأبناء الشعب المصرى من رجال الشرطة ضد الشعب المصرى كله !! وقد ضحكوا على بعضهم البعض بحماية الشرعية وهم يعلمون أن النظام فاقد للشرعية لأسباب ذكرناها من قبل ! يكقينا سببين هنا :

 الأول موقفه الدائم الرافض والخائف من خوض انتخابات حرة تمنح الشرعية لمن يحوذ الرضا الشعبى

والثانى هوعدم احترامه للأحكام القضائية وإهداره للقانون والحقوق الدستورية من أجل البقاء والاستمرار بقوة الأمن الغاشمة وأياديهم الآثمة !!!  

 فهل بعد ذلك من مبرر لما اقترفته الأيدى الآثمة المستقرة فى دمنهور وكل أرض مصر !! غدا بإذن الله يشرق فجر جديد ولا تحسبن الدموع التى سالت بفعل قنابلهم أو الجلود التى احترقت بفعل غازاتهم ولا الحلوق التى اختنقت بسبب إجرامهم ستذهب سدى بلا ثمن لا والله ! ولا يظنن الذى شعر بإحساس المنتصر بعد أن هزم الشباب والشيوخ والنساء والأطفال الذين تجمعوا  وفرق جمهعم أنه فاز فى الصراع الأبدى بين الحق والباطل  .. لا والله !!

فإن غدا لناظره قريب ويبقى الحق أبلج والباطل لجلج والدعوات تنهمر عليهم وعلى أسرهم وأولادهم وأهاليهم الذين لم يردعوهم بل عاشوا فى عز فسادهم ورفاهية إجرامهم فى حق الشعب المصرى أولئك لم يجدوا أبا يهذب وينصح أو يربى ولم يجدوا زوجة تنتفض لكرامة الزوجات الذين حرموا من أزواجهم للا ذنب أو جريرة !! ورغم أنه لاتزور وازرة وزر أخرى لكن الصامت عن الحق شيطان أخرس وصدق أئمة الهدى الذين قالوا كنا نجد أثر طاعتنا لله فى خلق الزوجة والدابة ! بمثل هذا الإحساس وبميزان العدل الإلهى الذى انتصر للمظلوم ووعد بالنصرة ولو بعد حين بعد أن ترفع دعوات المظلومين من فوق الغمام لرب العباد وهو على نصرنا لقدير وحسبنا الله ونعم الوكيل

إضافة تعليق