من الغباء أو العمالة ماقتل (مصر فى حاجة الى زعماء لا عملاء)

دكتور محمد جمال حشمت - g.hishmat@gmail.com

 2008-10-26

تتسم الأنظمة العربية فى مجملها بسوء الإدارة لمقدرات وامكانات شعوبهم وإلا ما كنا وصلنا إلى ما نحن فيه بعد أكثر من ثلاثين عاما من السير فى طريق السلام المزعوم والذى أهدر الحقوق وأضاع البلاد وأفسد العباد لأنه لم ينبنى على أصول حقيقية بل استثمر الحكام هذا الاستسلام  ليقدموا أوراق اعتمادهم للقوى العظمى الحامية للكيان الصهيونى عسى أن يرتبط بقائهم ببقاء هذا الكيان المغتصب !!!

جاء السلام وفى المقابل ضاعت المكانة الدولية فى كل المجالات و انهارت المؤسسات رغم وجود هياكلها وكذلك القيم رغم وجود مصادرها ! جاء السلام وتدهورت الحالة الإقتصادية وزاد الفقر وانتشر الجهل وارتفعت نسبة الإصابة بالأمراض النفسية والعضوية ولم تصب معدلات التنمية التى صدعوا بها رؤوس الشعب إلا فى جيوبهم وجيوب من التف حولهم من المسخ البشرى الذى افتقد للكرامة والصدق والإنسانية !!

جاء السلام فاستثمره الصهاينة لصالح مشروعهم الاستيطانى التوسعى وما أفسده عليهم سوى المقاومة العفية ورجالها الأشداء المخلصين ،  بينما نصب الحكام بالسلام على شعوبهم ! ومازالت حالة التردى قائمة طالما لم يعترف الحكام الفشلة بما ساقوا اليه الأمة من إهانة ومهانة ، فإذا بنا نجد قرارات ومواقف يتخذونها - من غضب الله عليهم - بلا رؤية ولابصيرة إنما طاعة لولى أمرهم وحامى عروشهم كما يظنون !

من تلك المواقف والقرارات :

1- فى الوقت الذى فيه تدعو مصر للحوار الفلسطينى نجدها تنحاز فيه لطرف على طرف طبقا للمعايير الأمريكية !! ويصبح الرئيس مبارك الوحيد على مستوى العالم العربى الذى لم يلتق بخالد مشعل رئيس حركة حماس صاحبة الشرعية البرلمانية وأحد أطراف الحوار التى تزعم مصر حضانتها !! بينما يستقبل جعجع قائد الفتنة الملوثة أيديه بدماء العرب على أرض لبنان !! كما لم ينسى الوزير الأفشل للخارجية المصرية الذى لادور لوزارته -  بعد انتقال الملفات الهامة منها لجهاز المخابرات العامة - أن يسخر ويهين أحد أطراف الحوار الفلسطينى الذى تستضيفه بلده وينزع منها الشرعية لحساب الطرف الذى باع نفسه للصهاينة والأمريكان !!

2- فى الوقت الذى تحرز فيه المقاومة العراقية انتصاراتها على المحتل الأمريكى وحكومة الإحتلال بعد أن كادت الدولة العظمى أن تشهر إفلاسها وأنقذتها الأموال العربية المهربة أو المستثمرة بالمليارات بعيدا عن أرض الوطن ، إذا بنا نجد حكام مصر والأردن يرسلون سفرائهم ليتم حصارهم فى المنطقة الخضراء بلا عمل حقيقى يؤدونه لقلة عدد البعثة التى أختزلت فى السفير ونائبه !! إذن لماذا هم هناك ؟ كى يمدون حكومة الإحتلال وإدارة المحتل بأنابيب الأكسجين كى تبقى عليه أو تخرجه بلا حرج أو إهانة كى يستمر مسلسل إذلال العراقيين تحت مظلة الجامعة العربية !!

3- أتفق الجميع على أن النظام الحاكم فى مصر منهار وعلى وشك الرحيل بعد أن خرب الديار وأفسد الذمم وأحال مصر الى ركام ولاحل ولا مخرج من سيناريوهات الفوضى أو العنف سوى الإجماع الوطنى بعد أن يعترف المسئولين بفشلهم وبحجم الفساد المتراكم الذى تسببوا فيه! وذلك بتشكيل حكومة وحدة وطنية ليس فيها أحد ممن سبق وأن تولى مسئولية وزارية وافسد فيها ! فى محاولة لتنقية وتهيئة المناخ لإعادة الحياة لمصر والمصريين تحت محددات متفق عليها للإجماع الوطنى يترك فيها الشعب مع كافة ضمانات الحرية والشورى والعدل الذى لا يفرق بين أحد من أبناء الأمة لإختيار حكامه ونوابه ومسئوليه فى هدوء دون عنف أو فوضى ، ورغم ذلك جاءت فرصة الأزمة المالية العالمية لتلتف الشعوب حول قادتها من مختلف الإتجاهات لتداول الأمر واتخاذ القرارات المصيرية دون تفرد من المسئولين فى كل أنحاء العالم إلا فى مصر فقد ضيع النظام الجهنمى الفاشل الفرصة ولم يلتفت لأحد ممن حوله إعتقادا منه بالتفرد والتميز وبفضله على كل من عاداه بل كابر وعاند وذلك دليل شؤم على مجريات الأحداث فى الأيام القادمة ولاحول ولاقوة إلا بالله العلى العظيم

4- فى ظل الغضب الذى اجتاح مصر كلها نتيجة العنف والإجرام والممارسة غير الشرعية لقوات الشرطة فى كل مكان تستمر سياسة النظام فى حماية المتهمين فى قضايا القتل العمد والتعذيب فى الأسكندرية وسمالوط والفيوم والقاهرة حيث يقدم المخبرين وأمناء الشرطة كبش فداء مع وعد بإخراجهم من القضايا كالشعرة من العجين فيما بعد !! دون أى مراعاة لشعور الغضب السارى فى نفوس كل الناس وهو ما يهدد بتولى كل ضحية مهمة الأخذ بثأرها لغياب العدل والمساواة !! ورغم ذلك فلا قرار بمحاسبة كل من يتهم فى هذه القضايا فور الإبلاغ عنها ولاتعديل تشريعى يسوى فى المسئولية بين المحرض والفاعل والصامت والآمر الناهى فكلهم فى الإدانة والعقاب متساويين ! وهو ما يدل على غباء منقطع النظير قد يعجل بفوضى أو بعنف فى ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية ! مصر فى حاجة الى زعماء لا الى عملاء!!

اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ورشدنا الى طريق الخير وقرب بين صفوف أبناء الأمة وأخلص نواياهم لنصرة الحق والعدل والحرية

اللهم احمنا من غدر وخسة أهل الداخل أما من فى الخارج فنحن – بإذن الله - بوحدتنا ووعينا كفيلين بهم اللهم آمين

إضافة تعليق