المشروع الإسلامي ووضوح الرؤية !

6/8/2007

من غير المقبول أن نجد إنسانا يؤمن برسالة وبفكرة أيا كانت عقيدية ، يسير في طريقه وهو غائب الوعي لا يملك وضوحا للرؤية ولا منهجا متدرجا للتغيير يعرف خطواته ويدرك أبعاده كي يتحمل مصاعبه ويتخطى عقباته ويدرك مسئولياته !! وللأسف نجد كثيرين من أبناء الدعوة يغلب عليه الميل العاطفي في حبه لدعوته دون أن يتعمق في الغايات والأهداف والوسائل وبقدر سرعة استجابته يخشى عليه الفتنة وسرعة تراجعه مع أول محنة يقابلها في طريق محفوف بالمخاطر ! كيف لا و طريق الجنة قد حف بالمكاره !! لذلك نجد أنه من وسائل التثبت وعلامات القوة ومقدمات النجاح وعى العاملين بمشروعهم وتفهمه لاحتياجاته فان التخطيط يحتاج لعقول منظمة  وفى ذلك يرصد دكتور جاسم سلطان بعضا من هذه الخريطة التي يجب أن يعيها كل قائد وطالب للنهضة الإسلامية ، فإذا ذكرنا بعض الملفات الأساسية في العالم الإسلامي التي تحتاج استيعاب وفهم من أبناء الحركة الإسلامية نقول :

أولا :

الملف السياسي وهو يشمل قضيتين أساسيتين الأولى قضية الاستعمار أو الهيمنة بكل تجلياتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والاجتماعية ،  والثانية هي حالة التشتت وعدم الرغبة في التعاون والحزبية والفرقة التي ضربت أطنابها في الحكومات من جانب والأحزاب في جانب والمنظمات في جانب والتجمعات في جانب والمستقلين في جانب دون أن يجدوا قاسما مشتركا بين المخلصين منهم في كل المناحي ، فهناك فرقا واضحا بين الأحزاب كجزء من التعددية السياسية التي تتيح للجميع أن يصلوا لأهدافهم من أجل خدمة أمتهم بالطريقة التي يؤمنون بها وتمكن شرائح المجتمع من التعبير عن رغباتها ومعتقداتها بطريقة منظمة وفعالة وبين الحزبية التي يتعصب فيها كل فرد لحزبه بينما ينظر بتعال للآخرين

ثانيا:

الملف الاقتصادي وهو يشمل قضيتين كبيرتين هما ظاهرة الربا وسيطرة الشركات الأجنبية على الاقتصاديات الوطنية وهو ما يعرف بالعولمة الاقتصادية وهناك قضايا أخرى كثيرة متفرعة يشملها هذا الملف كالفقر والبطالة وغيرها.

ثالثا:

 الملف الفكري  وهو ملف شائك يشبه حقول الألغام فعالم الأفكار في العالم الإسلامي يعانى من فوضى رهيبة ومنتشرة في كافة المستويات والغالب على العقلية المسلمة أنها غير منظمة ولا مرتبة مما يجعل كل مجموعة تعتقد بأنها الفرقة الناجية وأنها تملك الحق والصواب مما يجعلها غير متهيئة للحديث أو التفاهم والحوار مع الآخرين بل هى مستفزة دائما للاعتراض وخطابها ناقد معترض باستمرار ولذلك لابد من تنظيم العلاقة بين عالم الاعتقاد وعالم الأيديولوجيات من جهة وبين عالم الواقع وعالم التعايش وعالم الرحمة وعالم البناء والتنمية من جهة أخرى ولن يتم هذا إلا فى وجود صيغ للتعايش توقف :

1- حالة الاستعلاء على الآخرين باحتكار الصواب

2- حالة الاستعداء وهو خطاب السباب والانتقاص من المخالف

3- حال الاستدعاء وهى طلب الأجنبي كحكم وأداة ضبط

رابعا :

الملف الاجتماعي وأكثر ما يهدد العالم الإسلامي الآن فى الملف الإجتماعى هما الإباحية والتقليد.

 فهناك عالم متوحش من الإباحية يمد أطرافه فى المجتمعات التى تدعى الحضارة والمدنية وهو يغزو المجتمعات الإسلامية بأكال متعددة ( انفصام العلاقات الزوجية والعرى والزواج المثلى والعلاقات بالأطفال بل وبالحيوانات وزنا المحارم كل ذلك تحت اسم الحرية!!) وما يترتب على ذلك من من تجمد وتحريم كثير من الحريات وإهدار كثير من الحقوق التى أقرها الإسلام خوفا من سد باب الوصول للإباحية وكلا الطرفين ذميم !!

أما التقليد فيقصد به اعتبار الآخر فى مقام الأستاذية وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم " قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن"

خامسا :

 الملف القانوني  وصراعاته حول قضايا المرأة وحقوق الأقليات وتحكيم الشريعة ويحتاج حذر ووعى شديدين

سادسا :

الملف التعليمي وهو ملف يشهد فوضى عارمة حيث تبرز اتجاهات تريد الانفلات من الإسلام تحت دعاوى التجديد والمعاصرة حتى تراجعت اللغة العربية ليصبح الطفل العربي أقدر على قراءة وفهم كتاب باللغة الإنجليزية عن آخر باللغة العربية ، كما أن الأمر يحتاج لثورة في فلسفة التعليم والأهداف وصولا لقضايا التنفيذ والإدارة إذا أردنا دخول السباق الحضاري

سابعا :

 الملف المعنوي  وهو يشمل ظاهرة اليأس والاستسلام والإحساس بعدم جدوى كل محاولات التغيير والنهضة ويتولى كبر محاولة التيئيس هذه تيار كبير وإعلام ضخم يحتاج لمواجهة تعى أن هذا الطريق رغم  صعوبته وكثرة عقباته إلا أنه لابد أن يبلغ مداه وليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار وليظهرن على الدين كله ولو كره المشركون كما بشر ربنا عز وجل ونبينا صلى الله عليه وسلم

تلك هى أهم الملفات التى يجب أن يعيها أبناء الحركة الإسلامية بل كل مسلم مخلص يحب دينه وأمته ومن ثم تصبح مهمة إعداد وتدريب القيادات على ثقافة المعلومات والإحصاء والرصد والتحليل واتخاذ القرار وإدارة الأزمات جهد مطلوب بشدة كى تعود هذه الأمة لمكانتها بالنية الخالصة والوعى الثاقب والعمل الصالح وبغير ذلك تضييع للوقت والجهد والتأخير على قدر التقصير والله يعلم وأنتم لا تعلمون

دكتور محمد جمال حشمت

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق