خلفيات و تفاصيل أحداث المسجد الأحمر.. د / جمال حشمت :- أنظمة الحكم العميلة ساهمت في أحداث المسجد الأحمر

7/15/2007

المساجد في باكستان تختلف عما هو معروف في العالم العربي، لأنه -في العادة والأغلب- كل مسجد تلحق به مدرسة خاصة لتعليم القرآن أو العلوم الدينية، وتعترف الحكومة بالشهادات الصادرة عنها بما يساوي بينها وبين المدارس والجامعات الأخرى، وذلك في تواصل مع ظروف إنشاء الدولة الإسلامية وتحاكمها المبدئي للشريعة الإسلامية.

مما أعطى المساجد وأئمتها واقعيا صلاحيات تتجاوز الوعظ الديني إلى التدخل المباشر في كل القضايا العامة سواء كانت قضائية أو قانونية أو سياسية وما سواها، وبرزت أسماء عدد من العلماء في مواجهة السلطات في أكثر من مرحلة وفي أكثر من منطقة.

ولال مسجد أي المسجد الأحمر بالعربية، ليس استثناء مما سبق إلا أنه حظي بأهمية أكبر بسبب موقعه في العاصمة إسلام آباد، وفي منطقة تكثر فيها المراكز الأمنية والسياسية الحساسة للدولة فضلا عن السفارات.

فالمسجد بني عام 1969 مع تحول إسلام آباد إلى عاصمة بدلا من كراتشي، مما جعله مركزا دينيا متقدما، وساعد على ذلك إمام المسجد وخطيبه الشيخ محمد عبد الله غازي الذي كانت تربطه علاقة جيدة بالرئيس ضياء الحق، وكان دور المسجد آنذاك منسجما مع توجهات الدولة خاصة في الثمانينيات بالتحريض على الجهاد في أفغانستان ودعم "المجاهدين الأفغان" في حربهم ضد الروس.

وتراجع دور المسجد الرسمي بالنسبة للدولة ببناء "مسجد فيصل " الذي هو أحد أهم معالم المدينة حتى الآن، وتراجعت العلاقة بين إمام المسجد الشيخ عبد الله والحكومات المتعاقبة شيئا فشيئا بعد مقتل الرئيس ضياء الحق عام 1988، وساءت أكثر مع تصاعد جهود السلطات لمحاصرة الظاهرة الدينية "الجهادية" المرتبطة بالحالة الأفغانية.

مسجد فيصل

وبلغ الأمر مرحلة جديدة من التوتر بمقتل الشيخ عبد الله أواخر التسعينيات واستلام ابنه عبد العزيز ومساعده (أخيه) عبد الرشيد زمام القيادة، وتعددت التحليلات وراء الجهة التي اغتالته، ولكن القيادة الجديدة للمسجد وجهت الاتهام المباشر لأجهزة الحكومة الأمنية بأنها وراء العملية وأنها تأتي في سياق إذعان الحكومة لإملاءات أميركا.

ومع البداية المتعثرة في العلاقة بين الشيخ عبد العزيز والسلطات فإن المواجهة السياسية استمرت بين الطرفين، ودخلت مرحلة متقدمة مع الحرب الأميركية على تنظيم القاعدة وأفغانستان والتي شاركت فيها إسلام آباد إلى جانب واشنطن .

فصول المواجهة الدامية :-

وتعود فصول المواجه الدامية الأخيرة التي انتهت إليها أزمة "لال مسجد" ويعني بالعربية المسجد الأحمر في العاصمة الباكستانية إسلام آباد إلى مطلع العام الحالي، عقب الإعلان عن خطط حكومية لهدم مساجد في العاصمة بينها المسجد الأحمر بدعوى بنائها بطريقة غير قانونية على أراض مملوكة للدولة.

لكن جذور الأزمة بين الحكومة الباكستانية والمسجد الأحمر تبدأ بدخوله في مواجهة مع الحكومة بعد انضمام باكستان إلى ما يسمى الحرب الأميركية على الإرهاب أواخر 2001 التي بدأت بإسقاط نظام حركة طالبان في أفغانستان المجاورة وكانت المدارس الدينية منطلقا لها.

وبلغ التوتر ذروته عام 2005 إثر طرد وزارة الأوقاف لإمام المسجد الأحمر مولانا عبد العزيز غازي  بعد إصداره فتواه الشهيرة المثيرة للجدل ضد الجيش الباكستاني الذي يقاتل حركة طالبان ورجال القبائل في المناطق الحدودية مع أفغانستان.

وقال غازي في فتواه تلك إن "ضباط الجيش الباكستاني الذين يقتلون في الإشتباكات مع طالبان ورجال القبائل ليسوا شهداء، ولا يجب تكفينهم شرعا"، ما أثار غضبا حكوميا وإعلان أحد المسئولين حينها بأن مولانا عبد العزيز "يحتل" المسجد الأحمر بالقوة، وهو ما دفع إمام المسجد لعدم مغادرته لمعرفته بتعرضه للاعتقال على خلفية فتواه النارية.

تسلسل الأزمة :-

وعاد التوتر بين الحكومة والمسجد الأحمر للظهور على الساحة مجددا، بعد إقدام طالبات يدرسن بمدرسة حفصة التابعة للمسجد الأحمر مسلحات بالعصي لاقتحام مكتبة عامة للأطفال قريبة والسيطرة عليها في يناير الماضي احتجاجا على خطط الحكومة لهدم مساجد بينها المسجد الأحمر.

وبعد أيام من التوتر تراجعت الحكومة وتخلت عن خطط هدم المساجد، كما نشرت السلطات قوات من الأمن في محيط منطقة المسجد.

وعقب نحو ثلاثة أشهر من هذا الحادث بدأ طلاب وطالبات المسجد الأحمر في 27 مارس الماضي ما أسموها حملة "توعية أخلاقية" في المنطقة نددت بها وسائل الإعلام الباكستانية، معتبرة أنها تندرج في إطار " طلبنة " باكستان.

محكمة شرعية :-

ودخلت الأزمة منعطفا جديدا في السادس من أبريل الماضي مع إعلان إمام المسجد الأحمر إنشاء محكمة شرعية، وحذر مولانا عبد العزيز غازي السلطات من أي تحرك ضد المسجد أو اقتحامه، مهددا بهجمات انتحارية. وأكد وجود عشرات آلاف المتطوعين لتنفيذها. وأوضح أن حملته ستمتد إلى جميع أنحاء باكستان.

وهدد الرئيس الباكستاني برويز مشرف عقب إقامة محكمة المسجد الأحمر بعدم التساهل مع أي جهة تلجأ إلى العنف. وقال في إشارة إلى طلاب المدارس الدينية "يجب آلا يحققوا العدل بأنفسهم لأن ذلك سيؤدي إلى الفوضى ولن نسمح بذلك".

وبعد أيام من تأسيسها أي في التاسع من نفس الشهر أصدرت المحكمة الشرعية للمسجد الأحمر فتوى تدعو لمعاقبة وإقالة وزيرة السياحة الباكستانية نيلوفار بختيار لظهورها "بشكل غير لائق" مع مظليين فرنسيين.

ولم تقف الحكومة مكتوفة اليدين فأدانت الفتوى وأغلقت موقع المسجد على الإنترنت ومحطة إذاعية تابعة له.

وفي استعراض آخر للقوة اعتقلت السلطات في 19 مايو الماضي 10 من أنصار المسجد، لكن الطلاب اختطفوا أربعة من عناصر الشرطة وانتهت الأزمة بإفراج متبادل.

أعقب هذا الحادث في 23 يونيو الماضي اختطاف تسعة أشخاص بينهم ستة صينيين (رجال نساء) يعملون في عيادة اعتبرها مسئولو المسجد بيت دعارة.

أقتحام الجيش الباكستانى للمسجد الأحمر

اقتحام المسجد :-

لكن التوتر تصاعد فجأة يوم الثالث من يوليو الحالي لدوافع يحمل كل طرف مسؤوليتها للطرف الآخر، ما دفع السلطات إلى حصار المسجد واتهام المتحصنين فيه باحتجاز مئات الرهائن من الأطفال والنساء. وهو ما نفاه نائب الإمام وشقيقه عبد الرشيد غازي.  

كما خير الرئيس برويز مشرف المتحصنين بين الاستسلام والموت. وهو ما رفضه أيضا غازي، مشيرا إلى أنه يفضل "الشهادة" على الاستسلام، وتوعد بالقتال مع رجاله حتى النهاية، وأكد أنه يستطيع الصمود أمام أي هجوم شهرا.

وقد فشلت جهود وساطة في الساعات الأخيرة لاحتواء الأزمة، حيث أعلن الجيش الباكستاني شن عملية لاقتحام المسجد الأحمر فجر الثلاثاء 10/7/2007، و التي أسفرت عن 40 قتيلاً بينهم نائب الإمام وشقيقه عبد الرشيد غازي  و اعتقال 50 من أنصار المسجد

و لقد لاقى هجوم السلطات الباكستانية على المسجد الأحمر رفضاً شعبياً و استنكاراً عارماً حيث خرج آلاف الباكستانيين في مظاهرات بمدينة بيشاور والعاصمة إسلام آباد ومدن وبلدات أخرى في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي (سرحد).

وردد المشاركون هتافات مناهضة للرئيس الباكستاني برويز مشرف وتتعهد بالسير على خطى نائب إمام المسجد الأحمر وزعيم المتحصنين عبد الرشيد غازي الذي قتل برصاص الجيش الباكستاني، في حين أقيمت صلاة الجنازة في العديد من المساجد على أرواح القتلى

وقد أيد مجلس العمل المتحد –الذي يضم ستة أحزاب إسلامية- دعوة 13 ألف مدرسة دينية للتظاهر، وسط تزايد انتقادات المعارضة للحكومة بالإفراط في استخدام القوة في اقتحام المسجد ومدرسة حفصة للبنات الملحقة به .

هذا وقد علق الدكتور / جمال حشمت القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين على الأحداث بالمسجد الأحمر لمراسل (( أمل الأمة ))  قائلاً :-

المسجد الأحمر لم يلق أي اهتمام عالمي أو إسلامي مثلما لاقت تماثيل بوذا ولم ينشغل أحد بقتل الأبرياء داخل المسجد رغم الاهتمام العالمي بالممرضات البلغاريات الذين ثبت في حقهم قتل أطفالنا بنشر الإيدز بينهم وهى رسائل شاركت فيها أنظمة الحكم العميلة في بلاد العرب والمسلمين التي استباحت أرواح أبناء الوطن فلم تغار على أرواح أبناء الأمة وهم يفعلون مثلما يفعل برويز مشرف أمريكي الهوى والفكر تلك الرسائل تريد أن تقذف في قلوب المسلمين أن دمائهم وأرواحهم أرخص ما في الوجود وطالما اقتربوا من الإسلام أكثر فإن ثمن ذلك قد تكون حرمانهم من حريتهم بل ومن حياتهم وكل جريمة المسجد الأحمر ومن فيه هي المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية بصورة سلمية في مواجهة الخلاعة والمجون الذي ترعاه الدولة ونظام الحكم ذو التوجه الأمريكي ثم  تحولت هذه الدعوة في عرف حكام آخر الزمان إلى دعوة للإرهاب ومن ثم تحولت المواجهة لها   إلى تهديد واقتحام وقتل ...

 وحسبنا الله ونعم الوكيل فيمن تولى أمر المسلمين وحرمهم من الاحتكام إلى دينهم وشريعة ربهم .

إضافة تعليق