د. محمد جمال حشمت : لن أقول وقتها غير :الله يرحمه

9/3/2007

فى مثل هذا المناخ الذي يجعل من الإخوان المسلمين شماعة لكل ما يعكر صفو النظام الحاكم تخرج صحافة الشعب ( نسبة لأموال الشعب التي تهدرها تلك الصحف بالمليارات دون أي فائدة تعود عليه) والمسماة بالقومية لتهاجم القضاة الإصلاحيين الذين يصرون على استقلال القضاء وإخراجه من تحت سيطرة السلطة التنفيذية والتي أساءت للقضاة وانتقصت من حريات الشعب المصري وتتهمهم بأنهم تبع الجماعة المحظورة وقد سبق أن وصف كبار فى النظام نادى القضاة بأنه تنظيم محظور حيث لم يوفق أوضاعه طبقا لقانون الجمعيات الأهلية الأخير !!أي والله !! وقد حدث ذلك من قبل عندما شهد القضاة وفضحوا التزوير الذي حدث فى دوائر انتخابية كثيرة عام 2005م فقد اتهمهم بعض المفكرين السابقين بأنهم أصحاب فكر يميل للمحظورة بل هم منهم !! رغم أن خمسة قضاة ممن أدلوا بشهادتهم أمام نادى القضاة كانوا من الأخوة المسيحيين !!

وهكذا كل من شهد بحق أو نطق بحق أو طالب بحق هو من الإخوان أو من المتعاطفين معهم وهو اتهام أراد النظام طوال أكثر من خمسين عاما أن يوهم المصريين به حتى يبتعدوا عنهم – أولئك المحظورون - مما جعل كثيرين يبدأون شهادتهم بالحق بإقرار أنهم ليسوا من الإخوان ولا ينتمون إليهم كمقدمة تبعد عنهم شبهة الاتهام الباطل !! واليوم فى ظل إشاعات وشبهات وغموض حول صحة رئيس الجمهورية فقد توالت التصريحات الصحفية من المرتزقة فى الصحف الساقطة شعبيا بل ومن بعض المسئولين أن وراء هذه الإشاعات جماعة الإخوان المحظورة – وللأمانة فأنا قد تعودت عيناي على هذا المصطلح بشحمه ولحمه وهو عندي دليل الحيوية فى الجماعة التي تحتاج كل دقيقة لمن يؤكد على محظوريتها !!!-

ولست أفهم ما مصلحة الجماعة فى إشاعة مثل هذه ؟ هل من باب تأكيد العداوة بين النظام والإخوان ؟ وأن شعبية الرئيس لا يهددها إلا قيادات وجماهير المحظورة ؟ وأن المتضرر الوحيد من نظام الرئيس هم فقط هؤلاء الذين تصدى لهم الرئيس بوعيه وإرادته ليحمى مصر منهم ؟ ولم لا وقد صرح من قبل أنهم خطر على الأمن القومي المصري!! وهو ما لم يؤكده أي مفكر أو مثقف أو خبير معتبر فى الداخل أو الخارج !! المهم لم أفهم قصد من سرب الشائعة بفرض تمام صحة الرئيس وهى بلا شك محل شك !! ورغم ذلك وجدت صحفيا خبيثا يستبق الأحداث ويسألني ماذا لو حدث ما قدر الله لكل بنى البشر وتوفى الرئيس- متعه الله بالصحة والستر- فكل مولود ميت وكل حي يموت ؟ قلت له وأنا صادق سأقول الله يرحمه ! وتعجب الصحفي الخبيث ولمحت فى صوته وصمته ذلك فشرعت أشرح له باختصار:

أنه رغم أنني شخصيا قد أضرت من مؤسسة الرئاسة منذ إبطال عضويتي فى المجلس المؤجر أسف الموقر وتزوير الانتخابات التكميلية فى يناير 2003م بصورة فاجرة !! ثم تزوير انتخابات 2005م بفضيحة استلزمت من مؤسسة الرئاسة تعديل دستوري معيب لإخراج القضاة من اللجان الانتخابية !! ولم يتركن أحد فى حالي ويترك القضاء فى حرية إلا وقد ضغطت على القضاة فصدر تقرير ينفى حدوث تجاوزات فى الانتخابات الأولى (2003م) بل و إقرار صحة الانتخابات وتجاوز كل ما حدث من مخالفات رصدها فحص أوراق الانتخابات بما فيها شهادة 49 قاض كما صدر التقرير فى الانتخابات الثانية (2005م) يبطل الانتخابات دون الاعتراف بتزويرها رغم شهادة 151 قاض وعدم التحقيق فى بلاغي ضد القاضي المشرف على اللجنة حتى اليوم !! ورغم ذلك لن أقول إلا "الله يرحمه" ! ورغم أنى ممنوع من السفر بأمر مؤسسة الرئاسة وممنوع من إنشاء جمعية أهلية لرعاية الموهوبين كما تتم مراقبة مكالماتي الهاتفية الخاصة بي وبأسرتي وأتابع كظلي إلا أنى لن أقول إلا " الله يرحمه" !!

ورغم أن عهد الرئيس مبارك بالوثائق والمستندات وشهادات العلماء والمتخصصين والهيئات المحلية والدولية كان عهدا أفقر وأذل وعذب المصريين بما لم يروا فى تاريخهم القديم والحديث إلا أنني لن أجد وقتها – أطال الله فى عمره وقصر أعمارنا كي نرتاح من هذا الفقر والذل والعذاب – إلا قول " الله يرحمه" ورغم أنه والشهادة لله قاوم فكرة التوريث ونفى إمكانية حدوثها حتى اللحظات الأخيرة التي صرح فيها بأن الشعب المصري بحريته إذا أراد أن يجيب جمال فله ما أراد !! ورغم أنه لم تتح لنا فرصة معايشة الابن كي نتعود عليه ونتعرف على أفكاره وخططه الإصلاحية التي يجب أن تخالف خطط الوالد التي لم تسفر بعد أكثر من ربع قرن إلا عن غياب للصرف الصحي فى 96% من قرى مصر و68% من مدن مصر وغياب كوب الماء وإن وجد فهو ملوث ووسائل نقل انتهى العمر الافتراضي لها ولا ميزانية لها فكان بيع أراضى مصر ومصانعها وبنوكها من أجل توفير السيولة !! ووضع صحي متدني ولا قدرة للدولة على دعمه إلا ببيع التأمين الصحي والمستشفيات الحكومية !! وتعليم منهار على كل المستويات واطى وعالي !!

وإعلام وصحافة قطاع عام عصى على الخصخصة لأن لهم دورا فى استمرار الغيبوبة التي يعانى منها الشعب المصري !! كنا نود أن نعرف ماذا سيفعل بنا الوريث المنتظر ؟ ورغم الصمت المريب ومسلسل الانتقام الجارى والمستمر مع المعارضين من الجماعة المحظورة باعتقالات مخزية ومحاكمات صورية إلا أنى لن أجد سوى "الله يرحمه" فلما سألني لماذا رغم كل ما ذكرت ؟ قلت له إذا رحم الله من عانينا –بسبب سياسته- من الظلم والفساد والاستبداد ...إذا رحم الله صاحب كل هذه المظالم فكيف سيفعل بنا نحن المظلومين ؟ أكيد رحمة ومغفرة ونعمة وفضل وسعادة فى الدنيا والآخرة !! ورحم الله الأستاذ عمر التلمسانى الذي وصله خبر وفاة الرئيس عبد الناصر وهم فى سجونه وتحت سياطه ولم يجد غير " الله يرحمه" ، فاللهم أشف رئيسنا وأطل فى عمره لعل الله يغفر لنا ما قدمنا وأخرنا وما ذلك على الله بعزيز

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق