د. محمد جمال حشمت : مصر بين الموالسين والمتميزين !

6/28/2007

مثل كل الفضائل التى اختفت من أخلاق اهل السلطة ومن أدائهم تجد الصدق الذى نسوه فنسيهم فهو لن يضمن لصاحبه الترقى فى ظل نظام مثل النظام المصرى الحالى !! بل قد يكون وبالا على صاحبه حتى يتأدب بأدبهم فيكذب وينافق فيعلو ويعلو كما تنطق أدبياتهم "عشان ماتعلى وتعلى لازم تطاطى تطاطى" !!! وكثير من مثقفى مصر صعد نجمهم بفعل إعلام غث ادعى الريادة رغم انعدام الإفادة ! ومن هؤلاء الدكتور جابر عصفور فقد ساقنى قدرى نحو أحد قنوات الريادة لأجد برنامجا عبارة عن قعدة فيها الدكتور مراد وهبة والدكتور جاب العصفور والأستاذ جمال أسعد عبد الملاك وكان موضوع الندوة تجديد الخطاب الدينى والحق أقول أن حديثا واحدا فقط هو الذى دخل قلبى وعقلى فقد كان الأستاذ جمال أسعد أقرب للعقل والمنطق من صاحبيه خاصة الدكتور عصفور الذى تكلم باستعلاء شديد أجده فى كل أهل السلطة فى حواراتهم كأنهم يملكون الحق المطلق هذا غير الشخط والنطر فى المذيع أو المذيعة التى تصمت مكرهة لأنها فى الآخر موظفة !! ودى سر الريادة !!

لم أستمتع بكلمة واحدة لأنها لم تخرج من قلبه ولم أعقل كلمة واحدة لأنها مرت على عقل ينظر الى مصلحته بعيدا عن الصدق والواقع ! عندما أراد أن يرد على جمال أسعد الذى لم يقبل تفسير ما يعانيه المسيحيون فى مصر لوجود المادة الثانية من الدستور !، انبرى الدكتور وجاب العصفور وعاد بنا للتاريخ ليثبت وجهة نظره وهو منهج مقبول لكنه للأسف زور التاريخ وظن ان من يجلس أمامه لن يكذبه وأن من يستطيع أن يكذبه لا يجلس أمامه !! هنا قال " أن الدستور أى دستور هو مرآة عصره فكان دستور 1923 مرآه لعصره وما يضمه من تسامح وليبرالية وكذلك دستور 1971 هو مرآة لعصره الذى تزايدت فيه نغمة التأسلم والعودة للدين بسبب استعانة السادات بالإخوان ومطالبتهم بتطبيق الشريعة وتحت ضغط الرأى العام جاءت المادة الثانية ، وهى مادة تشجع على التمييز الدينى وفى ظلها كانت خطب الزوايا تدعو صراحة للتمييز الدينى وكان من الممكن أن تكون هذه المادة هكذا" الشرائع السماوية هى المصدر الرئيسى للتشريع" والحكومة المفروض أن تكون أكثر تقدمية وهى تنظر الى الإمام لأن الرأى العام متخلف .... والمؤسسات الدينية تحولت الى مؤسسات ظلامية حتى المفتى بظهوره الدائم فى الإعلام وما ترتب عليه من عرض أحاديث نبوية تزيد الناس تخلفا" !!

هذا باختصار ملخص المقطع الذى استطعت سماعه من الأستاذ عصفور وهنا تأكد لى لماذا صار علما فى نظام بهذا الفشل والتخلف والاستبداد ! لقد وظف وجوده الإعلامى كمثقف وتناول التاريخ من وجهة نظره بغض النظر عن صحته وتوثيقه !! والذى يأتى على ما ادعاه هو تزوير التاريخ حيث تم تعديل المادة عام 1971م والإخوان مازالوا فى السجون وبالتالى لا تحالف مع السادات كان ولا مظاهرات طالبت بالشريعة كانت !! لكنها رؤية السادات لنظام عادى الدين فانهار فلماذا لا تتغير الوجهة ليكسب شعب متدين بفطرته مسلمين ومسيحيين والمادة الثانية تحصيل حاصل لمناخ حضارى ضم كلاهما وفى أحيان كثيرة لا يمكن أن تفرق بين المسلم والمسيحى حتى فى التعبيرات الدارجة مثل " سبحان الله , والسلام عليكم والحمدلله وان شاء الله ...." ذلك هو التزوير بعينه وهو من فصيل أدمن التزوير بل لا مكان له إلا بالتزوير وذلك هو التحريض بعينه الذى يقوده فريق يسترزق من إثارة الفتنة !! لقد دخل حديث عبد الملاك الى قلبى لأنه حديث العقلاء كأنى أتكلم بينما لم أهضم كلمة واحدة لجاب العصفور لأنها مغموسة بالتزوير أو الجهل والعنجهية الفارغة ولو خاضا الإنتخابات معا يوما ما فى دائرة واحدة لكنت مع جمال أسعد المسيحى فهو أقرب الى تمثيلى من هذا العصفور اللاهث وراء السلطة بأى ثمن حتى لو زور التاريخ !

أما حكاية المتميزين الذين لاوجود لهم فى منظومة هذا النظام إلا إذا كانوا عصافير بالمواصفات السابقة !! فيلخصها هذا الخطاب الذى وصلنى من أحد هؤلاء الأوائل الذى لا واسطة له سوى تفوقه وتميزه وهو أمر لا يساوى شيئا ولاقيمة له عند هذه العصابة الحاكمة :

أكتب لسيادتكم سلسلة معاناتي منذ تخرجي بكلية العلوم - جامعة الأسكندرية -مايو 2003 بتقدير عام جيدجدا و الأول علي الدراسات العليا بمعهد البحوث الطبية في سبتمبر 2005 و مسجل للماجستير بقسم الكيمياء التطبيقية الطبية حيث تقدمت بطلب تعيين كمعيد بناءا" علي أعلان مسبق بالمعهد لكن مسئولة شئون هيئة التدريس بالمعهد أمتنعت عن قبول تقديمي بحجة عدم وجود إعلان و فوجئت بعدها بتعيين أحد الأشخاص كمعيد بقسم بيولوجيا الخلايا حاصل علي تقدير جيد قسم ( كيمياء و حيوان ) و أوجه عناية سيادتكم بأن هذا القسم بكلية العلوم لا يقبل إلا الأشخاص الراسبين في بعض المواد خلال سنوات دراستهم و هو أقل الأقسام تقديرا أيضا . بعد ذلك تقدمت بطلب لدي سكرتارية السيد العميد بغية تعييني كأخصائي معمل بقسم الفيزياء الحيوية و الإحصاء الطبي نظرا لضياع حقي في التعيين كمعيد فقال لي بأن الجامعة هي التي تعينهم و تزكيهم بعد موافقة رئيس القسم المختص بالمعهد .

فتوجهت بطلب للأستاذ الدكتور رئيس قسم الفيزياء الحيوية و الإحصاء الطبي حيث أمتنع متعللا بأن الجامعة فقط هي من لديها الصلاحية للتعيين فقط و أنه لا دخل له بالتعيين من صغير أو كبير .فتقدمت بطلب للسيد الأستاذ الدكتور محمد أحمد عبد للاه رئيس الجامعة الأسبق لدي السكرتير الخاص الأستاذ مصطفي الشرقاوي الذي وعدني بأن رئيس الجامعة سيطلع علي الرد و سيترفق بظروفي و بعد يومين مهلة وجدته يخرج الطلب من درج مكتبه ليس به أي امضاء من رئيس الجامعة و يقوم بنفسه بحفظ الطلب لدي المستشار الإداري لرئيس الجامعة الذي وعدني بالتعيين بمكافأة شاملة عند وضع الميزانية الجديدة و طلب مني أن أمر عليه بعد شهر و بعد انقضاء الشهر طلب مني أن أمر بعد ثلاث أسابيع فذهبت اليه لأفاجأ بأنه يقول لي بأنه لا توجد ميزانية للتعيين و يحفظ الطلب نهائيا" تقدمت بأكثر من طلب ـ بعدها ـ باسم السيد رئيس الجامعة الأسبق لكن جميعها انتهى للحفظ بالأرشيف بنفس السبب لا توجد ميزانية للتعيين مع العلم سيادتكم بأن هذا الرفض يتزامن مع تعيينات جديدة و باستمرار بشتي أقسام المعهد و جميع هذه الطلبات لها أرقام تسلسلية بالأرشيف . لذا فقد دفعني هذا للاستنجاد بالسيد الأستاذ الدكتور عمرو عزت سلامة وزير التعليم الأسبق و الذي بعث بفاكس للسيد رئيس الجامعة الأسبق للاستفسار عن حالتي لكن الرد كان هو نفسه عدم وجود ميزانية أو درجات شاغرة . هذا بالإضافة الي المحاولات الكثيرة لمقابلة السيد رئيس الجامعة الأسبق لكنني كل مرة أمنع من الدخول . ذهبت سيادتكم للسيد رئيس شئون العاملين بالجامعة للاستفسار عن رفض طلباتي فأكد لي بأن السبب هو أن الجامعة ليست إلا جهة تعيين من سبق ترشيحهم من قبل المعهد و بالأخص من قبل رئيس القسم المختص و نصحني بأن أحصل علي موافقة من أي رئيس قسم بالمعهد . لذا تقدمت بطلب للسيد أمين المعهد ليمرر طلبي علي الأقسام ليتم تعييني كأخصائي معمل بأي منها فطلب مني مهلة عشرة أيام وبعد اسبوعين فوجئت به يقول لي بأن الطلب قد توقف فقط بدون ذكر أسباب رغم استمرار التعيينات بالمعهد !!!. و خلال عام 2006 ذهبت لمقابلة السيد نائب رئيس الجامعة الأسبق لشئون جامعة دمنهور و عرضت عليه جميع مؤهلاتي فأكد لي بأنني سيتم تعييني بكلية العلوم - جامعة دمنهور التي سوف تفتتح بإذن الله قريبا لأن الأولوية ستكون لأبناء البحيرة فقط علي لسانه . و عند نزول الإعلان ذهبت للتقديم لكن مسئول اللجنة المختصة لجمع الطلبات رفض أخذ طلبي مع أني من ابناء البحيرة و سبق أن عملت معاون هئية تدريس ( معيد مؤقت ) بقسم الكيمياء و الطبيعة بكلية التربية -جامعة الأسكندرية بمرتب 197 جنيه كل ترم دراسي متعللا بأن المطلوب معيدين من جامعات الأقاليم فقط .

أنني منذ تخرجي و حتي الآن لم يتم تعييني برغم أستيفائي لشروط التعيين و تناسب مؤهلاتي للوظيفة تماما فماذا أفعل؟ وأين أذهب ؟ ولماذا هناك تعيينات فى الوقت الذى يعتذر فيه الجميع لى لعدم وجود درجة أو ميزانية ؟ " انتهى

هذان النموذجان يؤكدان ما نحن فيه من أن مؤهلات الترقى والوصول لا علاقة لها بعلم أو صدق أو اجتهاد فى الحق فى ظل هذا النظام بل نفاق وكذب فى ظل عصابة لن ينصلح الحال إلا فى غيابها وهذا ردا على البعض الذين وجدوا أن دورهم فى التنمية والإخلاص فى أداء عملهم فقط هو الحل بينما وجود هذا النظام الفاسد الظالم سيضيع كل مجهود مخلص وسيحبط كل مجتهد عامل ! إن غياب العدل والحرية يفقد الأمة عقول متوهجة وسواعد جبارة وهمم عالية وانتشار النفاق والتزوير والظلم يفقدنا القدرة حتى على الحياة السوية إذا استسلمنا ورضخنا وهو ما يهدف اليه أى نظام فاسد " أن يصيب شعبه بحالة من الإحباط والاكتئاب " لكننا لن نمنحها له ولنجعل شعارنا فى مواجهته هو : المقاومة هى الحل "وعلى الله فليتوكل المؤمنون"

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق