إذا غاب الساسة ..فالأمن هو الحل!! ـ د. محمد جمال حشمت

المصريون : بتاريخ 21 - 7 - 2007

مما لاشك فيه أن كل مصرى ومتابع للشأن المصرى يلحظ أن التواجد الأمنى الكثيف فى تفاصيل الحياة لشعب مصر يعنى غياب أهل السياسة وفشل كل التنظيمات السياسية فى التواصل مع الشعب المصرى بل واستمرار اغتصاب كل مقاعد التمثيل النيابى بكل مستوياته قد غيب قيادات الحزب الحاكم عن الناس ومواجهتهم حرجا أو إهمالا أو احتقارا فالنتيجة واحدة هى غياب الساسة وتواجد الأمن بكثافة قتلت الحريات والقدرة على الإبداع والابتكاروالإحساس بالكرامة!وهنا نتجاوز هذه الحقيقة فى الداخل لنرى فشلا أخر فى السياسة الخارجية نتج عنه تواجد أمنى أخر يعلن أزمة النظام الحاكم الفاشل على كل المستويات !!

لا أحد ينكر دور المخابرات المصرية فى الحفاظ على أمن مصر فى الدخل والخارج وقد عشنا مع بطولات كثيرة تم السماح بالكشف عنها وهناك لا شك الكثير مما لم يعلمه أبناء الوطن بعد ومما لاشك فيه أيضا أنه فى ظل أسوأ الظروف التى مرت بمصر من تسلط واستبداد أثر فى أداء معظم أجهزة الدولة إلا أن المخابرات المصرية كانت دائما محفوظة الى حد كبير من الخطر الذى حاق بأجهزة عديدة خرجت عن أداء دورها الطبيعى ، ومن المصلحة العليا لمصر أن تبقى صورة وأداء المخابرات المصرية فوق مستوى الشبهات بل وفوق مستوى التوظيف لصالح فريق ضد فريق آخر حفاظا على أمن مصر الحقيقى ! ومازالت أقلام كثيرة فى الخارج تحاول التشويش على هذا الدور ورغم قلة المعلومات وغياب الشفافية عن هذا الدور- وهو ما يمكن أن يمثل ضرورة لاستمرار العمل والإنجاز – المتمثل فى غياب أى دور للبرلمان فى مناقشة واستعراض ما يهدد الوطن وهو حق أصيل لنواب الشعب كما فى أى برلمان على مستوى العالم المتقدم والقوى إذ تتشكل لجنة للأمن القومى لمناقشة ميزانية وأداء ومهام ومشاكل المخابرات والأجهزة الأمنية حتى ولو فى اجتماعات سرية إلا أن حق الشعب فى المتابعة وتوفير كل وسائل النجاح لهذا العمل الحيوى والخطير أمر مسلم به إلا فى مصر حيث تعقد لجان الدفاع والأمن القومى فى مجالسنا فقط للدفاع عن السياسة الخارجية للنظام حتى لو تسببت فى قطع كل أمل فى استرداد الريادة المصرية فى الشأن الخارجى أو للدفاع عن وزارة الداخلية وممارساتها فى ترويع الشعب المصرى وتعذيبه وإهدار حقوقه الإنسانية والسياسية !! على كل حال مازال الشعب المصرى ينظر الى جهاز مخابراته نظرة تقدير واحترام خاصة وأن أدائه الهادئ الرزين يؤكد هذه الثقة ويدعمها فى وقت انهارت فيه كل مؤسسات الدولة المدنية فى مصر بعد أن تحولت مصر الى سجن كبير لشعبها وحال النظام بين الشعب وحقوقه بإجراءات أمنية متعددة ومتعسفة ، وقد يتبادر الى الذهن لماذا أكتب اليوم عن هذا الموضوع رغم حساسيته وما قد يترتب عليه من خوف البعض من نشر هذا الكلام حتى ولو على مسئوليتى الخاصة ؟!! والحقيقة أن تقريرا نشر في جريدة معاريف الإسرائيلية أراد أن يشكك فى موقف المخابرات المصرية فى موقفها الحيادى بين أبناء الشعب الفلسطينى وهو الموقف الذى أعاد صياغة الموقف السياسى المصرى المنحاز بالكلية الى جانب أبو مازن الذى فقد كل أوراقه فى التعامل مع الشعب الفلسطينى بعد أن حرضت عليه قوى الإجرام الأمريكى والصهيونى ومن ثم فقد تبنت مصر السياسية موقفا أكثر حيادية بالنسبة للموقف الفلسطينى اليوم ونسأل الله أن يستمر رغم الضغوط الكبيرة التى تمارس لصالح عباس أبو مازن !! الذى أعتقد أن وقته قد انتهى ولن يسترد مكانته بعد ذلك أبدا بعد أن مال لأعداء الأمة والوطن ضد أبناء شعبه !!وهذا الهجوم الصهيونى الذى انقل جزءا منه لايعدو رسالة لتيئيس الشعب المصرى من الأمل الأخير الذى يتحرك بعقل وروية نفتقدها على كافة الأصعدة التى تتعامل مع الداخل والخارج ، وقد كان ملخص الخبر كالتالى" بالاجمال سليمان يحافظ على البقاء في الظل ولا يحب اجراء المقابلات الصحفية معه. والامور التي قالها بتوسع كبير لاعضاء ميرتس تشكل تصريحا نادرا. "يجب اعادة بناء الثقة بين اسرائيل والفلسطينيين، ولا سيما بين اذرع الامن في الجانبين. اذا لم تعودوا للعمل مع ابو مازن يوميا، فلن يكون أمل. ابو مازن يشكو من وعود يتلقاها طوال الوقت دون غطاء. ولاسفي، هو محق. حكومة اولمرت قوية جدا في الاقوال، لكن عندما يصل هذا الى الافعال فلا يحصل شيء. كلما عززتم المعتدلين، هكذا سيضعف المتطرفون في غزة، وسيرى الشعب في غزة الفارق".

وفي موضوع غزة أظهر سليمان التصلب: "محظور تجويع الناس في غزة، ولكن لا يجب مساعدتهم اكثر مما ينبغي. ابقاءهم على الحد الادنى". وتجادل رجال ميرتس معه واشاروا الى أن هذه السياسة لم تجد في السنتين الاخيرتين. وقالوا "يحتاجون الى 100 طن وقود في غزة". فاجابهم سليمان: "لا حاجة لاعطائهم 100 طن. 30 حتى 40 طن تكفي للامور الاكثر حيوية".هذا ما تروجه معاريف لإحراج الموقف المصري .

ولكن شاء الله أن تنقل لنا بعض المواقع خبرا آخر أعاد الثقة لنا فى حيادية المخابرات المصرية فإذا بخبر الإسطوانة المدمجة التى يسوقها أبو مازن ليثبت للجميع أن حماس قد خططت لاغتياله ينتشر وإذا بالمخابرات المصرية تتحدث بعين العقل والحكمة وتقرر أن هذا تصور خيالى لا تدعمه حقائق أو مستندات وكان الخبر كالتالى :" قلل مصدر مصري موثوق به من شأن الاسطوانة المدمجة التي تمتلكها السلطة الفلسطينية وتستخدمها كدليل يدين حركة حماس بالضلوع في محاولة اغتيال الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال المصدر إن هذا الفيلم يظهر مجموعة من الشباب يعملون في حفر نفق وهم ينظرون إلى الكاميرا كاشفين عن وجوههم ويبدون فخورين وسعداء بما يعملون وجميعهم يرتدون ملابس كتب على ظهرها كلمة حماس. وتساءل: كيف لمجموعة تخطط لعمل بهذا الشأن ان لا يحاول افرادها إخفاء وجوههم ويعملون علانية ويعلمون أنه يتم تصويرهم؟.وتابع: أبسط الأمور كان يجب أن يكونوا ملثمين حتى لا يتم التوصل إليهم.وزاد متهكماً: نحن لسنا هواة وهذا الشريط لا يمكن أن يقنع سوى أناس سُذج.وتوقع المصدر أن عملية حفر النفق الذي يظهر في الفيلم موجهة ضد إسرائيل، مشيراً إلى قيام حماس بإجراء احترازي يمكنها من استعمال النفق في الهجوم على دبابات إسرائيلية ونسفها إذا ما أقدمت على اجتياح قطاع غزة، حسبما ذكرت جريدة الحياة. وحذر المصدر من تداعيات الاتهامات الموجهة لحماس أو أي فصيل آخر بمحاولة اغتيال عباس وقال: ليس أمراً بسيطاً وله انعكاسات ليس على الفصيل فحسب بل على الساحة الفلسطينية وتتسبب في شرخ يصعب علاجه. وانتقد المصدر اتهام الرئيس الفلسطيني عباس لحركة حماس بايواء القاعدة، معرباً عن دهشته لأن اليد العليا للأجهزة الأمنية في غزة كانت الى ما قبل شهر ونصف شهر بيد حركة فتح. واعتبر أن ذلك إدانة مباشرة من دون أن يدري لحركة فتح التي كانت أجهزتها تسيطر على قطاع غزة. وقال: هذا الاتهام بمثابة تصريح وضوء أخضر لإسرائيل للاعتداء على شعبه في غزة بإشارته إلى وجود تنظيم القاعدة هناك.

وكشف مصدر فلسطيني لـ الحياة أن هذا الفيلم عرضه موظف كبير في الرئاسة الفلسطينية على رئيس الوفد المصري اللواء برهان حماد قبل شهرين عندما كان في غزة وطلبوا منه إبلاغه لرئيس الاستخبارات المصرية عمر سليمان لكنه طلب منهم تحديد موقع هذا النفق الذي يظهر في الفيلم والتأكد من أنه مرتب بخط سير موكب عباس، واستدعاء احد الشباب الذين تظهر صورتهم في الفيلم والتحقيق معه واستجوابه ثم إحضاره إلى حماد ليقطع الشك باليقين ويمكنه حينئذ إدانة حماس. ونقل المصدر عن حماد انه عندما لم يتحقق أي شيء من مطالبه، قال لهم إنه لا يمكنه الإبلاغ عن هذا الاتهام من دون سند واضح." موقع مصراوى 16 يوليو2007"

هكذا نظن ونأمل فى أن تكون المخابرات المصرية بعقول أبنائها ووطنيتهم وحبهم لشعبهم وحرصهم على أمن بلادهم هى القلب العاقل والنابض ورمانة الميزان التى تحمى مصرفى الخارج و تضبط اتجاه النظام المصرى فى الداخل الذى فقد السيطرة على نفسه أثناء سعيه الحميم للاستمرار فى الحكم والسيطرة على مقدرات مصر بعيدا عن الشرعية الدستورية والشرعية القانونية والشرعية الشعبية. لقد كنا نحزن عندما نجد أن ملفات سياسية كثيرة فى الداخل يتركها النظام لقوات الأمن تتصرف فيها وفق التعليمات الصادرة دونما يتكلف أحد من هؤلاء السياسيين الفاشلين فى الحزب الوطنى الحاكم وكافة لجانه عبء المواجهة التى لا يملك معها رأيا صائبا أو قدرة على الإقناع أو فرصة لاتخاذ قرار دون الرجوع لأسياده !! ولكن بعد زيارة الوزير عمر سليمان لواشنطن بعد فشل زيارة أبو الغيط الأخيرة – كالعادة – وبعد أن أطلعتنا جريدة انترنشيونال هيرالد تربيون الأمريكية على أجندة الزيارة والملفات التى يحملها ! زال حزننا لأن الحقيقة تنطق أنه تم وأد كل القدرات السياسية فى وزارة الخارجية لحساب وزراء السكرتارية الذين لا رأى لهم سوى ما يرى الحاكم الذى لا يرى سوى مايرى رجال أمنه !! ومع تغييب كل الكفاءات فى مصر فى كل المجالات لحساب العجزة من أهل الحكم ومنهم النطيحة والمتردية كان لابد لوزير المخابرات من حمل كل هذه الملفات السياسية وليس الأمنية فقط !! " قالت صحيفة "إنترناشيونال هيرالد تريبيون" الأمريكية إن أجندة مباحثات رئيس المخابرات المصري تتعلق بالتوتر في العلاقة المصرية- الأمريكية، بعد تزايد حدة النقد من إدارة الرئيس بوش للرئيس مبارك بسبب "التقاعس" في تطبيق إصلاحات ديمقراطية.

وحسب الصحيفة، فإن اللواء سليمان سيبحث في الزيارة، القرار الذي اتخذه مجلس النواب باقتطاع 200 مليون دولار من المعونة العسكرية الأمريكية لمصر في عام 2008م على خلفية اتهامات أمريكية لمصر بأنها لم تتخذ خطوات جادة لوقف انتهاكات أجهزة الأمن المصرية لحقوق الإنسان، وعدم إجراء إصلاحات قضائية تمنح القضاء المزيد من استقلال، وعدم التصدي لعملية تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عبر الحدود المصرية.

وسيبلغ اللواء سليمان، المسئولين الأمريكيين، وجهة النظر المصرية بشأن التعامل مع حركة "حماس" بعد سيطرتها على قطاع غزة في 14 يونيو، إثر إزاحتها حركة "فتح" المنافسة لها بالقوة المسلحة، حيث سيحذر من خطورة إقدام إسرائيل على اجتياح عسكري شامل للقطاع بهدف القضاء عليها، نظرًا لما يمثله هذا الإجراء من خطورة بالغة على الأمن القومي المصري..

ووفق مصادر، فإن سليمان سيبحث أيضا مع رئيس المخابرات المركزية الجنرال مايكل هايدن مسألة التلميحات الإسرائيلية المتكررة بشن حرب على سوريا وما لهذه التصريحات والتلميحات من أثار سلبية على استقرار المنطقة.

كما سيتناول العديد من الملفات الأخرى وفي مقدمتها الوضع في العراق، حيث سيحمل رفض مصر القاطع للمشاركة بقوات حفظ سلام في هذا البلد في الفترة القادمة، بعدما تردد عن نية الولايات المتحدة سحب جزء كبير من قواتها مع إحلالها بقوات عربية على رأسها مصر.

وسيبحث قضية البرنامج النووي الإيراني، والجهود المبذولة للتوصل لحل يجنب المنطقة حربًا أخرى، إذ سيبلغ رئيس المخابرات، المسئولين الأمريكيين رفض مصر توجيه ضربة عسكرية لإيران، وتقديم أية تسهيلات للولايات المتحدة في حال اتخاذها قرار الحرب على إيران. وستكون قضية دارفور ضمن أجندة مباحثات رئيس المخابرات المصرية في واشنطن، بعد موافقة حكومة الخرطوم على نشر قوات مهجنة على أن تكون غالبيتها من الدول الأفريقي في الإقليم المضطرب. وأشارت المصادر أيضًا إلى أن اللواء سليمان سيبحث مع نظيره الأمريكي في إمكانية أن تتسلم مصر عدد من رعاياها المعتقلين في معسكر جوانتنامو بكوبا " المصريون فى 18 يوليو2007م.

انصح الجميع فى الخارج والداخل بأن يبتعدوا عن التشكيك أو الإساءة للمخابرات المصرية مع العلم أننا نرفض دولة المخابرات التى قامت فى مصر يوما ما – والتى ربما تكون أفضل من دولة أمن الدولة التى أذلت المصريين – ولكننا مع مدنية الدولة التى تسوى بين أبنائها فى حقوق المواطنة - التى يفتقدها كثير من أبناء الشعب المصرى لاختلافهم فى الرؤى مع العصبة الحاكمة المالكة لمصر اليوم – وتمنحهم حقوقهم الأساسية والكفيلة بفتح أبواب الأمل أمام شعب مصر والتى أغلقها النظام الحاكم فى وجوهنا جميعا ! ويبقى الأمل فى وجه الله أن تستيقظ الأمة من سباتها وتتحرك من أجل كرامتها لتسترد حقوقها إن فشل الجميع فى إرجاعها لأهلها من الظالمين والله سبحانه وتعالى من ورائهم محيط

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق