حكومة الاستعباط هو الحل ـ د. محمد جمال حشمت

من الملاحظات التى صارت يقينا أن النظام المصرى والحزب الوطنى الحاكم صار يتعامل مع الشعب المصرى بلا حياء وبغباء شديد فى ظل القاعدة الذهبية "الاستعباط هو الحل" وبمتابعة دقيقة لأعضاء لجنة الإعلام فى الحزب ولأداء رؤساء التحرير فى الصحف الحكومية ولكل من ينتسب الى لجنة السياسات تجد أن القدرة على الإقناع أو حتى على الحوار متدنية جعلت مثلا عبدالله كمال رئيس تحرير روزاليوسف يخرج من حوار على فضائية بى بى سى ويغلق السماعة لأنه فشل فى الاستماع لكلمات المذيع دون أن يوبخه كما تعودوا !

فوبخه وأغلق سماعة الهاتف ! أما مدخلات جهاد عودة فهى تتم بالصوت العالى ونفى الآخر وإسباغ العلمية على حديث لايرقى لمستوى طالب إعدادى من ولاد الذوات الذين لا يشعرون بالوطن ومآسيه ، أما السادة لواءات الشرطة فلهم منطق عجيب تواصوا به وهو كثرة الحديث عن الدستور والشرعية وتنفيذ أحكام القانون ونشر الأمن والأمان وكلهم يحكمهم قانون الاستعباط هو الحل أما لو تحركت ناحية المسئولين الكبار حتى أصغر وزير فهم الأسوأ فى الأداء وهم الأمهر فى تنفيذ القاعدة الذهبية خاصة عندما تدعمها الأرقام والإحصائيات الكاذبة بعيدا عن تقارير الهيئات الدولية أو حتى أجهزة الرقابة المصرية !!

ومن المعلوم أن الجهل والخوف والفقر هم منبت كل سوء وهم ما حرصت الحكومات المصرية منذ عشرات السنين فى تكريسه بين الشعب المصرى فلا إرادة سياسية لمحو أمية الشعب المصرى وهو لا يستغرق مع الحكومات الجادة سوى ثلاث سنوات ، لكن النظام الحريص على أمية شعبه وتجهيل أبنائه ترك الفساد ليفسد خطط محو الأمية حتى أصبحت مرتعا لنهب المال العام وإضافة أسماء وهمية تم محو اميتها كذبا واستعباطا !!

وهو ما ثبت يقينا أهميته فى معرفة الحقوق والواجبات وهو عين ما تخشاه الحكومات المستبدة حيث تطغى على حقوق الشعب فى غيبة من الوعى واستمرار حالة الجهل ومثال ذلك القرارات الإدارية الغبية التى صدرت قبل إضراب 6 إبريل بمنع كافة الموظفين من الأجازات (اعتيادى وعارضة ومرضى) وهى قرارات باطلة تسلب حقوق طبيعية كنت أود أن يتصدى لها بعض المراكز الحقوقية توضيحا وتأصيلا !!

وحالة الجهل والأمية هذه منعت الكثيرين من التواصل مع الحقائق المعروضة فى الصحف والانترنت وهو ما تسعى اليه الحكومات المستبدة !  فإذا وعت بعض الجماهير حقوقها وواجباتها وتواصلت عبر الوسائل الإعلامية الحديثة والمتعددة تأتى عصا الأمن الذى تحولت وجهته الى الشعب وقمعه فى مقابل حماية الحاكم وبطانته ! عندها تبدو آفة الخوف التى يرعاها النظام ويسمد تربتها بانتظام فى خطط منهجية لا تخطئها عين المتابع لما يحدث فى مصر هى الملجأ قبل الأخير لتحييد المصريين فى القضايا الوطنية بصورة فاجرة ،وأيضا الخوف له أصول وحدود ومبررات لكنها لاتقف أمام الشجاعة المنضبطة وقد كان سيف سيدنا عمر رضى الله عنه لايخرج إلا بحقه وفى وقته ويقف ويعود الى غمده بأمر القائد فهو سيف منضبط ! أما الخوف المرضى من كلمة الحق قولا واستماعا فهو يصب فى خانة الطغاة – والله أعرف أناس فى صلاة الجمعة يستشعرون الحرج والخوف وينتابهم القلق عندما تكون الخطبة حية تناقش أحوال الأمة فى وضوح وجراءة فهم يخافون من مجرد سماع كلمة الحق !!! –

ولعل الهدف الرئيسى لعسكرة نظام الحياة فى مصر على كل المستويات هو زيادة مساحة الخوف التى تغلف حياة المصريين بحيث تسهل قيادتهم ومن خلال ذلك يتم تجنيد أعداد كبيرة من هؤلاء الخائفين ليرتبطوا بالنظام القائم يأكلون ويشربون على جثث إخوانهم وزملائهم وهنا تأتى حالة الفقر لتزيد من حجم شراء الموالين والموالسين والطامحين الذين لايجدون مصالحهم إلا فى خدمة هذا النظام وهم يعيشون فى هذه الغيبوبة وقتا طويلا ربما يستيقظون عندما يستغنى عنهم أسيادهم عقابا أو يضحوا بهم ليستمر الفساد فى ظل عبودية أعداد أخرى جديدة يتم تجنيدها – وشباب الخريجين الذين يعملون الآن كمخبرين فى مباحث أمن الدولة لغزو كل التجمعات شاهد على ذلك !-

إذن الفكر الاستعباطى الذى يسيطر على المتحدثين باسم نظام الرئيس مبارك بلا استثناء يستمد قوته من بلادة أصحابه أولا ثم من تكريس حالة الجهل والخوف والفقر فى صفوف الشعب المصرى لذا لن نصدق أحد منهم يتحدث عن خطوات إجرائية تصحيحية لعلاج حالة الأمية والجهل التى يحياها الشعب أوقوانين وإجراءات لنزع الخوف واحترام القانون وتأكيد حماية حقوق الانسان أو السعى الجاد إقتصاديا  لمنع تدهور الحالة المعيشية للمواطنين المصريين وإخراجهم من حالة الفقر المدقع الذى وصلوا اليه !! لن نصدق أبدا لأن كل خطواتهم فى عكس الاتجاه ولأن هذا الثلاثى يخدم استمرار النظام والدفاع عنه بأسلوب الاستعباط القائم الآن ! إذن ما العمل ؟

يجب أن تكون الحركة فى عكس الاتجاه المراد وقد طرحت الفكرة منذ سنوات فى مقالات متعددة أعيد منها بعض المعانى مثل تكوين كتائب "مصر الأمل" يعنى بعضها (العلمى) بمحو أمية الشعب المصرى بعيدا عن صخب السياسة ومواجهتها والآخر (القانونى) بحماية الشعب والوقوف بجانب المظلومين من تعسف الجهات الإدارية وظيفية كانت أم أمنية بإعلان قائمة يلجأ اليها أى مصرى حال وقوعه فى مشكل يحتاج فيه فتوى قانونية أو أزمة يحتاج فيها لمساندة قضائية وكتائب أخرى تقلل من حالة التدهور المعيشى للمواطنين ولاشك أن ما حدث لرجال أعمال وطنيين من اعتقالات وفرض حراسات وما يحدث من حرب على مصادر رزق الناشطين سياسيا يزيد من حالة التدهور الذى يسعى اليها الحزب الحاكم!

وعليه فيجب أن يتصدر المشهد رجال أعمال خيرين لا طموح لهم سياسيا وإن كان إصلاح الأحوال سيصب فى مصالحهم بالحلال بعيدا عن الإحتكار والنسب المفروضة عليهم فى أعمالهم !!! بل عملا خيريا صالحا لوجه الله ترتفع بمستوى حياة الناس حتى لمستوى الكفاف بعدما أضاع النظام المصرى شعبه وأفقره !! ومع انتشار مقومات العلم والوعى والكفاف يمكن للشعب أن يتحرك بقوة تخشاه أكثر تلك الحكومات الفاسدة المستبدة التى تحيا على مص دمائنا وتكريس فقرنا وزيادة خوفنا بسبب جهلنا !

إن مواجهة هذه الأنظمة تحتاج الى تدبر وتعاون وتعقل حتى لانخسر الوطن نفسه ولا مانع من استمرار الفاعليات الأخرى التى تناوش كتائب الفساد والظلم التى تنتشر فى طول البلاد وعرضها وهو ما يمكن اعتباره تحرك تكتيكى له امتداد استراتيجى يهىء الشعب كله دون أهمال أو تسفيه لأحدهما الأخر ! والأفكار التى وصلتنى من الشباب كثيرة يمكن للجميع أن يشارك فيها خاصة بعد أن أثبت إضراب الأساتذة فى الجامعات وإضراب 6 إبريل أن المشاركة الامتناعية - ولست أحب أن اسميها السلبية فهى فى قمة الإيجابية – بعدم حضور المحاضرات كانت 6 أضعاف من تواجد أمام الإدارات الجامعية من الأساتذة وكذلك نسب الغياب كانت ملحوظة فى 6 ابريل أكثر بكثير ممن نزلوا أو حاولوا النزول للميادين العامة وهو ما يعنى أن تراعى كافة القوى طبيعة الحال الذى يلف حياة المصريين الذين أختنقوا من هذا النظام ويريدون أن يشاركوا فى حصاره وألمه لكن دون خسائر كبيرة لم يهيئوا لها حتى الآن !

ومن هذه الأفكار:

1- تشكيل كتائب مصر الأمل القانونية لدعم كل المحتاجين بلا تمييزللمساندة القانونية والتى نجحت فيها مراكز حقوقية نوجه لها التحية لكن الأمر يحتاج الى تنظيم وإعلان أكثر

2- الامتناع عن سداد فواتير المياه والكهرباء والغاز وتوريدهم الى المحاكم شهريا أعتراضا على غلاء الأسعار وإضافة ماهو غير قانونى على الفواتير

3- البدء فى تقديم خدمات صحفية انفردت بها الصحف الحكومية لإقرارمبدأ التوقف عن شرائها ومقاطعتها باعتبارها صاحبة الريادة فى تطبيق شعار الاستعباط هو الحل

4- تحويل طلاب المدارس الذين يعانون من غياب المعلم ودور المدرسة الى نظام المنازل بعيدا عن محاولات مجالس الآباء البائسة لتحسين العملية التعليمية فى ظل هذا المناخ الفاسد الذى جعل التعليم أفشل استثمار يضطر اليه المواطن

5- البدء فى التفكير لبعض الفئات التى تحصد الضرر من تواجدها فى الهيئات الحكومية لإعلان استقالاتها للضغط على النظام لتحقيق الحد الأدنى لمصالحها المهنية مثل أطباء الأسنان والتخديروالأشعة خاصة وأن المجانية فى المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية صارت سرابا دون مراعاة الفئات الأكثر أحتياجا

وهناك أفكار كثيرة مازالت تقترح من شباب غيور ولد فى عصر الرئيس مبارك وعانى وعجز عن بناء حياته فى عصر الرئيس مبارك أيضا وهم أشد حماسة لاستدراك ما فات من أعمارهم منا نحن الذين لم نحيا لحظات اليأس من أى إصلاح كما هو حادث الآن فى ظل سياسة الاستعباط هو الحل التى تجعل الحياة فى مصر وردية واحنا اللى مش عارفين ومش مقدرين بل لا نستحق العيش فيها فهم يرونها بعيون غير عيوننا بعد أن عمت قلوبهم  !

دبوس مشبك

· تحية من القلب لكل الإخوة الزملاء فى كفاية وأحزاب الغد والكرامة والعمل وعلى رأسهم الحبيب الدكتورمجدى قرقر والصديق جورج اسحاق ودعواتنا لهم ولكل المعتقلين من الإخوان المسلمين بفك أسرهم كى يستمروا فى جهادهم ضد الفساد والظلم والاستبداد

· الدعاء موصول لقيادات الإخوان الأربعين أمام حكم المحاكم العسكرية الباطلة وأيا كان الحكم فى الدنيا فقد حكمتم أنتم على جلاديكم بالخزى والخزلان فى الدنيا والآخرة ان شاء الله!فزتم أنتم وخسروا هم آخرتهم بدنيا غيرهم فلا تهنوا ولاتحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين

إضافة تعليق