بين جامعة الإسكندرية ومستشفى دمنهور ! ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 12 - 12 - 2006

فضيحة الجامعة العريقة !! تجمع عدد من أساتذة جامعة الأسكندرية لا يزيد عن 750 عضوا من إجمالى لا يقل عن 6000 لإجراء انتخابات نادى أعضاء هيئة التدريس بناء على دعوة باطلة من غير ذى صفة اللهم اعتراف الإدارة التابعة للأمن والحزب الوطنى به رغم أنهم أوقفوا الانتخابات منذ عام 1992 تم خلاله نهب حقوق الأساتذة ووقف أنشطتهم وحرمانهم من هيئة تمثلهم وتتحدث نيابة عنهم لتحافظ على حقوقهم طوال هذه السنوات !! وهو تصرف تم بعد أن أن فوض الأساتذة فى نصاب قانونى وانتخابات شفافة فى وسط الشارع بجوار سور كلية الهندسة العريق !! ورغم الاعتراض من جهة الإدارة والمحافظ !! إلا أن القضاء أنصف النادى المنتخب فى وسط الشارع ومنحه الشرعية القانونية ورفض كل الطعون التى قدمت ضده ! ورغم ذلك لم تجد الحكومة المصرية المتخلفة حرجا فى الدعوة لانتخابات غير شرعية لتشكل ناديا موازيا وهى التى تصرخ من الإنتخابات الحرة التى خاضها الطلاب لإنشاء الاتحاد الحر !! فالموازى حلال للحكومة وحرام على المعارضة !! باختصار عايز يقول –اسم الله عليه- ابحث عن الحكومة تجد الشرعية حتى لو خالف ذلك حكما قضائيا أو نصا دستوريا أو حقا إنسانيا !! والعجيب أن قبل إجراء الانتخابات التى تم تزويرها بتوكيلات كثيرة وهمية ! ارتجل الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة كلمة ترحيب غلب عليها البساطة أو قل السذاجة فلم يقدر خطورة ما دار حوله من اعتراضات كانت كفيله بوقف الانتخابات قبل إجرائها لو أن الرئيس حكم عدل ومسئول محنك أو حتى صاحب خبرة فى العمل العام !! لكنه تصرف بحس الموظف الخاضع لتعليمات محددة لا تترك له فرصة اتخاذ قرار فتساوت رأس المخبر مع رأس الوزير !! وأثارنى حديثه عن عراقة جامعة الأسكندرية وأصالتها ولم يعلم أن العراقة ليست فى التاريخ و المدة إنما هى فى الممارسة والموقف من الحق والعدل وهو يعلم –إن كان يعلم – أن الجامعة التى وقفت مع الثورة ضد الملك مبكرا لم تتخذ موقفا آخر يساند الحق فالرئيس الأسبق للجامعة كان عليه أكثر من 80 حكم قضائى لصالح عاملين وباحثين وأساتذة وطلاب فى الجامعة لم ينفذ حكم منها !! فأين العراقة التى صدعنا بها ؟! ولماذا يفرق صفوف الأساتذة بإنشاء مجلس إدارة بديل ومواز يعادى الأساتذة ويذبحهم فى نضالهم ضد النظام بدم بارد !! المهم لابد أن يسأل رئيس الوزراء وكبير السكرتارية و تابعه وزير التعليم العالى مع وزير التضامن : لماذا لم تحترم الجامعة ووزارة التضامن أحكام المحكمة الإدارية العليا التى تمنح المجلس المنتخب على الرصيف شرعيته وتحول بينه وبين وجود مجلس مواز يمنح الطلاب الشرعية التى ينكرونها عليهم بل وفصلوا أعضائه من كلياتهم فى تصرف همجى يكرس تبعية الأساتذة لسياسة الاستبداد ويهدم مصداقيتهم ويحذف دورهم التربوى الرائد فى صناعة قيادات المستقبل !!؟

أزمة معهد دمنهور الطبى القومى !!

تألق معهد دمنهور الطبى أو ما كان يسمى مستشفى دمنهور التعليمى خلال الأعوام الماضية وبدا أنه يتعافى من أمراض مزمنة تسكن فى مستشفياتنا وذلك فى ظل قيادة متفرغة أرادت أن تفعل شيئا وأن تقدم جهدا رغم صعوبة المهمة ونجح الدكتور محمد عبد الواحد رحمه الله فى القفز خطوات للأمام – صحيح لم تحل كل المشاكل ولكن كانت الروح السائدة والإجراءات المتبعة من شأنها أن تنجز بعض ما يصبو إليه المريض المصرى المظلوم والمحروم من حقوقه – وقد مدت هيئة المستشفيات له يد العون وكذلك المحافظة فى عهد الليثى المحافظ , شهد بذلك العاملون فى المستشفى من كل الفئات وقد كنت متابعا لخطوات التطوير , ومات المدير السابق رحمه الله وتدخلت السياسة لتدعيم البعض وتصفية الحسابات والأدهى أن الهيئة فى القاهرة تخلت عن دورها فى متابعة الأحوال وتسهيل الطلبات وسقطت المستشفى من حساباتها بكل بساطة وبصورة تثير الشك والريبة !! وقد أذهلنى الاتصالات التى تطلب منى التوصية على مريض فى الاستقبال أو العمليات أو الأقسام أو الحضانات فى خلال مدة قصيرة مما جعلنى أنشغل بما حدث ومعرفة أسراره خلال الثمانية شهور الأخيرة بعد وفاة المدير السابق ! وأخيرا وصلت لى رسالة توجز ما آل إليه الحال – كنموذج حالة للقراء خارج مصر- من أحد رؤساء الأقسام ثم تلاها مستندات تعدت 75 مستندا بين فساد مالى وإدارى وفنى وصلت لى , ولكن أترك اليوم نص المذكرة فقط تشرح كيف كان الحال وكيف أصبح ؟ والمستندات موجودة للنواب من يشاء منهم الإهتمام بقضية فساد فى أغلى ما يملك الإنسان المصرى صحته وحياته !!

" فى خلال أقل من تسعة أشهر تبدلت الصورة إلى النقيض تماما , استدار المعهد الطبى القومى بدمنهور 180 ْ وصار يركض بسرعة البرق إلى الخلف :

كان فى الماضى القريب .........

01 أقسام العناية المركزة سواء الخاصة بالكبار أو حديثى الولادة وجميعها موجود بمبنى الطب الحرج الجديد وقد تسلمته الإدارة الحالية وعمره 4 سنوات وبه وحدات كلها مجهزة كبنية أساسية على أحدث طراز وكذلك بأجهزة طبية على أعلى مستوى , كما توفرت كل إمكانيات العلاج من أدوية ومستلزمات معظم الوقت وفى حالة ظهور أى قصور كانت الإدارة السابقة- لوعيها وإدراكها لأهمية هذه الأماكن الحيوية والحرجة تقوم بمعالجته فى أسرع وقت صيانة أو توفيرا للنواقص.

02 شركة النظافة المتعاقد معها كانت توفر دائما عمالها على مدى 24 ساعة للحفاظ الدائم على النظافة وجمع القمامة بتصنيفاتها المختلفة فى أكياس ملونة وأوانى خاصة

03 توافر العمالة فى كل وحدات المعهد والتى ربطت كافة الأقسام ببعضها البعض مما جعل حركة العمل سلسة وميسرة.

04 ارتفاع الروح المعنوية بين الأطباء والتمريض والعمال بسبب مستوى المكان وتجهيزاته وحركة العمل المنظمة والتى كانت تضارع مثيلاتها فى القاهرة والأسكندرية إن لم تكن تتفوق عليها مما دفعهم إلى أداء للخدمة راقى ومتطور بسبب التحديث المستمر والإدارة الواعية .

05 التواجد الدائم لفريق مكافحة العدوى على هذه الأماكن الحرجة بوعى وفهم كامل لمسئولياته مما أدى لانخفاض مستوى التلوث للدرجة المثلى مع إتباع أسلوب الثواب والعقاب وتمسك الإدارة الشديد بضرورة الحفاظ على هذا المستوى .

06 التعاون الكبير بين وحدات المستشفى وقسم السجلات الطبية مما أدى إلى توافر ملفات متكاملة للمرضى تتم مراجعتها بدقة مما أدى إلى الإنضباط فى العمل الفنى والإدارى حيث يتم الكشف على كل الأخطاء المقصودة وغير المقصودة عند المراجعة مما يمكنا من تداركها حتى تولد لدينا شعور بالرقابة الذاتية على أعمالنا.

07 مكافآت مجزية بقدر الإمكان للعاملين من أطباء وتمريض على وجه الخصوص مما زاد من إقبالهم على العمل الصعب متقبلين بذل الجهد غير العادى بصدر رحب.

واليوم أصبحت حالته ............

01 نقص شديد فى الأدوية والمستلزمات مما يضع العاملين فى حرج شديد مع مرضاهم الذين يضطرون لشراء علاجهم وذلك بسبب عدم البت فى مناقصات الأدوية منذ بداية العام المالى وحتى الآن وكذلك لعدم تفهم الإدارة الجديدة لطبيعة العمل الحرج بهذه الوحدات واحتياجها للشراء أحيانا بالأمر المباشر وتقاعس هيئة المستشقيات التعليمية عن اتخاذ إجاء إيجابى تجاه هذا التقصير الذى يحتاج فقط لقرار .

02تعطل جميع أنواع الصيانة ( مبانى وسباكة وأجهزة) خاصة العاجلة منها مما أدى إلى بقاء الأعطال مدة طويلة فى الأجهزة الطبية وغيرها من غسالات ومجففات وأجهزة الكمبيوتر والتصوير مما أدى الى تدنى الخدمة الطبية بصورة واضحة.

03 غياب شركة النظافة التى تم انهاء التعاقد معها بدعوى التوفير أدى الى خلل غير عادى فى الحفاظ على النظافة المستمرة ولم يستطع المعهد توفير عمال نظافة بالقدر الكافى للقيام بهذه المهمة التى أصبحت أيضا بدون رقابة .

04 خدمات المعمل والأشعة بها قصور شديد فالعديد من التحليلات غير موجودة فى كثير من الأحيان بسبب عدم وجود الكيماويات وكذلك عدم توفر أفلام الأشعة والأحماض الخاصة مما أدى الى تدنى مستوى الأداء الطبى لهذه الأماكن وارتباكه.

05 انهيار قسم مكافحة العدوى أدى الى عدم توفير أدوات التعقيم والتطهير والمنظفات والمراقبة المستمرة مما أدى إلى ارتفاع نسبة التلوث فى هذه الأماكن مما هو ثابت فى عينات البكترولوجى الدورية التى تؤخذ منها حتى أن الصابون السائل أصبح يخفف عدة مرات فى المخازن قبل توزيعه بدعوى التوفير !

06 انهيار قسم السجلات الطبية وغياب مراجعاته الدقيقة على الملفات الى عدم اكتشاف الأخطاء وما يترتب على ذلك من أخطار.

07 قلة المكافآت والحوافز مما أصاب العاملين بالإحباط الشديد إضافة الى النواقص الكثيرة فى إمكانيات المكان مع الإحساس بانهيار العمل الذى كان مزدهرا فى يوم من الأيام مما زاد من الشعور بالإحباط والكآبة.

08 ومع كل هذه التدهو هناك غياب تام للإدارة الحالية عن هذا الواقع المرير وعدم إدراكها لخطورته وعدم القدرة على إتخاذ قرار إيجابى فى سبيل منع الإنهيار والتردى والمصيبة الأكبر هو عدم إدراكها أصلا بوقوع الإنهيار أساسا

بإختصار شديد المعهد يسقط ولا منقذ ولا مهتم !!!" انتهى

لقد فرحت بأن هناك من يبذل ويبنى فى بلد تنهار فيه كل القيم والأعمال , وكأن الفرحة بإنجاز ما ليس من حقنا أن نتمتع به , تلك آثار الواسطة والمحسوبية وغياب الرقابة الفعالة واعتبار كل مسئول فى مكان عمله كأنه يدير عزبة خاصة !! فهذا هو النتاج الطبيعى فى كل مؤسسة عندما تحولت مصر كلها الى عزبة لها صاحب وليس لها أهل !!

هذا هو دور البرلمان الحر كان على أرض الواقع أم فى الفضاء الفسيح , ولن نترك فاسدا يهنأ كبر أم صغر ! فكل صغير ورائه كبير لابد أن يدفع ثمن فساده وإفساده والأفضل له أن يدفعها فى الدنيا وفى حياته قبل الآخرة بعد مماته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق