التلويث مقدمة للتوريث!! ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 13 - 9 - 2006

دخل نائب الشعب الذى ينتمى للإخوان المسلمين على المسئول الذى ينتمى للحزب الوطنى فى زيارة لإنهاء بعض المصالح وكان كل منها يحمل للآخر مودة واحترام فتحول اللقاء الى جلسة فيها من الشفافية والصراحة ما تعدى الخلاف القائم بين نظام حكم استبدادى لا يرى إلا نفسه فى مقابل جماعة لها وجود شعبى قوى لا تزيدها الهجمات إلا قوة و لا المحن إلا بأسا شديدا وكان هذا الحوار :

المسئول.. عايزينكم الفترة القادمة أهدى شوية , الجو مش مستحمل

النائب.. . أهدى إيه وجو إيه , أنتم لا تشعرون بالشارع والشعب وماذا قدمت أيديكم طوال 25 سنة مضت دون انجاز يحفظ للمواطن حقه فى حياة كريمة تحفظ كرامته دون أن ينالها التسفيه والإهانة ويجعل للوطن مكانته فى قلوب الشعب

م : ياسيدى الآن التوريث قادم قادم وفى حياة الرئيس وكل الأجهزة تسير فى هذا الإتجاه لعدم وجود بديل غيركم وانت عارف إن الموقف الإقليمى والدولى مش فى صالحكم , إذن لماذا التصعيد ؟

ن: نحن نؤمن بالتغيير فى إطار دستورى لأن الفوضى لن تخدم مصالح مصر العليا بل تعلم أنت أن منكم من يريد التصعيد لتبرير تدخل عنيف لاتملكون غيره الآن فمن أولى بالهدوء والبعد عن إفتعال المعارك الذى يتم الآن مع كل فئات الشعب المصرى

م : يأخى تعلم جيدا عدم قدرة الحكومة على التعامل الحكيم مع مشاكل تطرأ نتيجة إهمال قديم هذا بخلاف المشاكل اليومية التى تتصاعد فى كل مكان ويتم مواجهتها بالتعسف او العنف أو الإهمال لأن الكل مشغول بالتعديلات الدستورية التى ستنهى قضية التوريث بشكل دستورى وقانونى فلا تستغلوا هذا فى إثارة الشعب والناس غلابة مش ناقصة

ن : عجيب أمركم عارفين كل حاجة ومصرين على تجاهل إرادة الشعب ورغبته فى إتمام عملية التوريث من عدمه ! وكأن القرار منكم قدر لا مفر منه!هل تظن أن الأمر يلقى قبولا حتى أو ارتياحا لدى عامة الشعب بعد أن تأكد رفض قوى المعارضة والمفكرين وأساتذة الجامعات والنقابيين للتوريث ؟ وهل تم حساب ردود الأفعال لو تمت تعديلات فى الدستور للأسوأ وتوج هذا بتنصيب ابن الرئيس بالتزوير فى ظل طوارئ وتوتر أمنى ورفع لدرجات العنف فى مواجهة قوى المعارضة والشعب ؟

م : والله يا سعادة النائب كلام فى سرك ماحد عارف احنا رايحيين على فين؟! انما درجة الهوس باتمام التوريث وصل لحدود تجعل من يقف أمامه معرض لكل شئ يناله لأن ما حدث من تجاوزات طوال السنوات الماضية يجعل من اللازم حماية المسئولين عنها ولن يتم هذا إلا بخلافة الإبن للأب , يعنى الكل بلا استثناء متورط ويدافع عن نفسه وده أسوأ إنجاز للنظام فقد نجح فى توريط الجميع وتلويث كل من اقترب منه وبالتالى فهو يستنهضهم للدفاع عن أنفسهم قبل أن يدافعوا عنه!!

ن : وهل تتخيل بعد كل ما قلته وأنا أصدقك فيه أن ما يدبر لمصر بليل سينجح ويتحقق بالسهل ؟

م : الحقبقة التى أعرفها بحكم قربى من هؤلاء أنهم أشد قلقا وخوفا منكم ولعل هذا ما يفسر عدم التوفيق فى مواقف كثيرة اتخذها النظام فى قضايا داخلية وأخرى إقليمية وبعضها دولى حيث لا يرى النظام إلا نفسه وعينه على مصلحته أولا وهو فى كل موقف وقبل كل قرار يبادر نفسه بالسؤال هل هذا يساعد فى نجاح خطة التوريث أم لا ؟ وهو موقف كما ترى ضعيف ويهدد مصالح مصر بل ويهدد مستقبلها ؟

ن : الحقيقة أنا مش عارف أقول إيه بعد كل ما قلته فلم الإنتظار يارجل إذن ؟ ولماذا انت مستمر فى الدفاع عن هذا النظام طالما تملك هذا الوضوح وهذه الرؤية ؟ حتى من باب إنقاذ نفسك من عذاب الضمير وسوء المآل !!

م : نحن أضعف مما يتصور البعض بعيدا عن تهديدنا بالملفات وما فيها من تجاوزات او فضائح عند البعض وما أكثرها لكن الأخطر علينا هو حياة الترف التى نحياها وعدم الإستعداد لتحمل تكاليف موقف معارض , احنا كبرنا على البهدلة مش زيكم القبض على شيخ مسن عمره أكثر من 80 عام وشلل نصفى فى السجن وواخدها جهاد وماعرفش إيه !! كل المدافعين عن بقاء الحال على ما هو عليه إما مترفين أو متورطين أو مقهورين وبالتالى لابد من تحديد كيفية التعامل مع كل فئة ربما يرفع الحرج عنهم واحنا برضه مصريين نحب بلدنا , لكن النظام ده شيطانى سيطر على الناس الضعيفة ومَسكهم البلد وأعطى صلاحيات للأمن الداخلى للسيطرة على البلد واللى ماسكين البلد! لكن بصراحة شوية الحركة فى الشارع السنة الماضية أصابت النظام بارتباك مازلنا نعانى منه حتى اليوم

ن : الحقيقة إن ما تقوله يجعل مهمة التوريث رغم كل الظاهر من سيطرة على إدارتها صعبة لا يمكن توقع نسبة نجاحها وكذلك مهمة القوى المعارضة صعبة لعدم تمكنها من توحيد صفوفها أولا ثم لمواجهة نظام يستعمل العنف بجزء من الشعب المصرى ضد بقية الشعب كى يستمر فى الحكم رغم النتائج الهزيلة فى التنمية والتدهور السريع فى كل مناحى الحياة

م : لكن حضرتك بقى ما قولتش لى كيف ستتصرفون فى الفترة القادمة ؟

ن : رغم إن كل اللى حضرتك قولته معلوم وليس فيه أى جديد سوى الإعتراف به بينما غيرك ينكره لكن ما عندى كى أقول لك عليه فليس كثيرا اللهم فضح النظام وتجريسه نظرا لأنه أساء للشعب كله ومازال البعض يأمل فيه خيرا ونحن نعتقد أن اليد التى أفسدت لا يمكن لها أن تصلح وأن النظام الحالى لا يملك نية الإصلاح ولا القدرة على السير فى طريق الإصلاح !!! لذا فالأمر يحتاج لجهد فى اتجاهين الأول زيادة وعى الناس بخطورة الطريق الذى يرسمه حزب المصالح الحاكم على حياة الشعب المصرى ومستقبله بل على مصر كلها وأن مقاومته صارت سلميا حتى لو سقط فيها شهداء من الشعب فرض عين على كل مواطن يحب مصر والثانى توحيد جبهة المعارضة فى مصر لتضم كل التيارات الشريفة التى ترفض بيع مصر بالمال دعما لحزب أو بالمنصب ومقعد الشورى أو الشعب تعيينا !! ويجب فتح الباب لكل مواطن شريف يجد فى نفسه القدرة على تقديم فكرة أو وقت أو جهد يدعم به جبهة المعارضة رغم عدم انتسابه لأى فصيل موجود وأظن أن هذا ربما يمثل أغلبية ولابد من وجود آلية تجمع هؤلاء تصب فى الجبهة وبذلك نقلل عدد المتفرجين لصالح المقاومين

م : ده كلام عام يعنى حاتعملوا إيه ؟

ن : لكل حدث حديث ولكل موقف موقف وليس كل ما يعرف يقال وليس كل ما يقال حان وقته وأكيد متابعتكم للأحداث وتصعيدها خاصة من جانب الحكومة ظنا منها أن هذا سيحقق للمخطط المرسوم مناخ النجاح سيجعلكم على معرفة بكل شئ خاصة وأن طريقنا معروف وأهدافنا معلنة يبقى المفقود فى المعادلة هو العاقل الذى يتعامل بحكمة ويجنب مصر مصيرا سيئا فى ظل التوريث خاصة وأن الوريث سائر على نفس الدرب المتردى فى كل شئ!!! لا يملك رؤية مخالفة بل هى امتداد للخضوع للهيمنة الأمريكية مما أفقد مصر القدرة على جمع العرب أو المسلمين أو حتى دول عدم الإنحياز ولم يعد لها تأثير فى القارة الأفريقية حتى منها ما يهدد الأمن القومى المصرى , نقول ذلك ونعلنه ولا غموض فى موقفنا كنواب عن الشعب او كجماعة صدر عنها ما يؤكد كل ما قلته

إلى هنا انتهى الحديث أو أهم ما فيه ويبقى صدق ما قيل فيه من أن تلويث مصر كان مقدمة التوريث الجارى على قدم وساق! وكذلك الموقف اللازم لوقف مسلسل إهانة المصريين الذى يخطط له رجال الحكم والبيزنس الذين تصوروا أنهم ملكوا مصر أو أنهم قادرون على الإستمرار دون أن يكون للمصريين دور فى إنهاء هذه المهانة والمذلة التى تضرب مصر منذ عشرات السنين , لقد تغيرت الأحوال كثيرا وتفاعلت الصحوة مع الشباب فصاروا أكثر وعيا على إختلاف مشاربهم وأكثر حرصا على المقاومة وطالما دخل الشباب فى المعادلة فالنصر حليفهم (نصرنى الشباب) ولعل ما يدور على صفحات الهواء فى الإنترنت هو وسيلة من وسائل نشر الوعى وقد أصابت الظالمين فى نحورهم وإلا لماذا يحاربونها ويغلقون كل فترة مواقع كثيرة تكتب عما يحدث فى مصر من مهازل ومساخر ضد أبناء الشعب المصرى ؟!! لقد خرج سهم التغيير قد يمرق أحيانا سريعا وقد يبطئ ولكنه لن يتوقف وسيصيب حتما بمشيئة الله قلب الظالمين , فمن يتقدم؟ ومن يسعى؟ ومن يبذل؟ ومن يصبر ؟ وبعيدا عن المترفين والمتورطين والمقهورين فإن النصر صبر ساعة فى عمر كل منا والله العظيم صبر ساعة فمن لها ؟ فإنى أراها قد اقتربت ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق