فى مصر..هل ذهاب العقل هو طوق النجاة؟ ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 8 - 5 - 2006

صارت قراءة أخبار المسئولين فى الصحف وتصريحاتهم تمثل استفزازا لايحتمل للقراء الذين أدمنوا على قراءة الصحف ويقتطعون من أموالهم وأوقاتهم ما يمكنهم من متابعة شئون الوطن، وقد تبدو فى بعض الأحيان فكرة أن إشغال العقل والمنطق فى مصر أصبحت من الممنوعات فى مصر خاصة فى ظل إستمرار ثقافة الطوارئ التى يحكم بها النظام المصرى ! خذ عندك مثلا كيف يسارع السيد النائب العام فى فرض الحراسة والمنع من السفر على بعض المسئولين الذين تقرر الإستغناء عنهم فى ظل هوجة الطهارة ومحاربة الفساد التى يتظاهر بها النظام هذه الأيام ففى خلال 48 ساعة من بدء إثارة موضوع الفساد فى الشركة القابضة للمصل واللقاح تم منع رئيسها من السفر بينما بقى السيد الصديق ممدوح إسماعيل يدبر حاله ويجمع أدلة براءته ويجمد أمواله ويتصرف فى ممتلكاته أكثر من 80 يوما ثم سافر دون إذن مجلس الشورى- تكية أهل الحكم- وبعد أن استقر أرسل ما يفيد أن كله تمام فصدر حينئذ قرار المنع من السفر وكما ذكر لى ضباط الجوازات أن قرار المنع لمثل هؤلاء دائما ما يصدر بعد السفر !!!

خبر كمان يحرق الدم من عينة " المتحدث باسم الخارجية المصرية يعلن عن وجود 5 معتقلين مصريين فى جوانتانامو تم تسليم واحد هو سامى الليثى وآخر يحمل الجنسية الأسترالية تم تسليمه لإستراليا وهناك إثنان من الثلاثة المتبقيين رفضا العودة إلى مصر ورفعا دعوى أمام المحاكم الفيدرالية لمنع تسليمهما إلى مصر وهما عادل الجزار وعلاء عبد المقصود سليم !!! من عندى علامات التعجب ، يعنى بإختصار إحنا عيشتنا هنا أسود من العيشة فى جوانتانامو ؟ معقول يارب !!!

أعجب الأحاديث تلك التى يمن الله بها علينا من أفواه السلطة والسلطان والتى تؤكد بما لايدع مجالا للشك بأن هؤلاء الحكام يحكمون بلدا غير مصر أو إنهم يستخفوا بنا كشعب وصدق الله العظيم " فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين) خاصة تلك الأخبار التى تؤكد أن البلطجية هم الذين اعتدوا على قضاة مصر التابعين لفريق نادى القضاة وهم من سحلوهم فى الشوارع وهم الذين زوروا نتيجة الانتخابات فى بعض الدوائر لله وعشان خاطر الحكومة التى لم تطلب منهم هذا السلوك !!! يراد منا طبقا لتصريحات السيد الرئيس وتأكيدات نجله أن نصدق إدعاءهم بأن خلافات داخلية بين القضاة هى سبب الأزمة الحالية وأن الحزب الوطنى وحكومته ضربت أروع الأمثلة على حيادها وبعدها عن القضاة ومشاكلهم إكراما لهم ولمكانتهم !!! يطلبون منا أن نكون بلا عقل وبلا ضمير وبلا إحساس ، أن نكذب أعيننا ونصم أذاننا ونصدقهم لمجرد أن الرئيس وولده قالا !! لذا فالسمع والطاعة واجبة عنهم فى كل حال- تلك التى لم يطلبها رسول أو نبى أو صحابى على الإطلاق إن خالفت خلقا أو قيمة فلقد أشترطوا السمع والطاعة لمن حاز الشرعية وفى غير معصية - والأنكى من حديث السيد الرئيس وولده جمال هو تصريح الدكتور أسامة الباز الذى نشرته الصحف مبررا مد العمل بقانون الطوارئ الذى يقول فيه –وقد طمرت فيه العشرة – الرئيس مبارك مد قانون الطوارئ بسبب رغبته – أى والله – فى جعل المواطن المصرى يشعر بالأمان الشخصى والوظيفى والسياسى والمالى والإجتماعى !!!! والله لاتكفى علامات التعجب فى الدنيا بأكملها ! قانون الطوارئ والأحكام العرفية الذى يسن على سبيل الإستثناء صار هو مصدر الأمن والأمان والعدل والمساواة والحرية وحقوق الإنسان !1 أرايتم كيف ينظرون إلى الشعب المصرى ؟ وكيف يحققون له كل متطلباته؟ وكيف قامت حياتهم هم وتجذر وجودهم فى ظل إستثناء صار قاعدة يحقق لهم هم الأمان الشخصى والوظيفى والسياسى والمالى والإجتماعى!!!! لا للشعب المصرى الذى إندمج فى رؤيتهم فى مؤسسة الرئاسة وصارت مصر مختزلة فى هذا الكيان وعلى هذا تفهم تصريحاتهم المستفزة !

فهل يوجد بعد ذلك من يشكك فى كثرة عدد المختلين عقليا فى مصر بل وفى إزدياد إتهامهم بإرتكاب كثير من الجرائم الكبيرة والغامضة كما تدعى حكومة مصر المحبوسة ! ألم يصبح الإحتفاظ بالعقل فى هذا المناخ الفاسد مشروع مقاومة كامل يحتاج إلى دعم وتأييد حتى لايشت أو يختل ! ألم يحن الوقت بعد كى يدرك هؤلاء الذين إنفضحوا وانكشفت سوءاتهم أنهم فى حاجة للغة خطاب جديدة بعيدا عن البلطجة والعناد ومصادمة الواقع ، أليس لديهم من يفهم أو يدرك خطورة الإستمرار فى هذا النهج ، لقد سمعنا من أصحاب الفكر الجديد أن هناك أزمة حقيقية فى التواصل مع الشعب والوصول إليه !! ألا يدركون السبب الحقيقى فى هذا الكره والبغض الذى يملئ قلوب المصريين تجاههم بل تجاه كل من ينتسب إليهم أو يأتمر بأوامرهم فإن كانوا يدركون فتلك مصيبة وإن كانوا لايدركون فهذه نعمة من الله لنا نسأل الله أن تدوم وألا يحرمنا من عقلنا الذى به نرضى ربنا ونفهم بعضنا ونتواصل مع شعبنا وليبقى هؤلاء فى غيهم لايفقهون وبعقلهم لاينتفعون وفى هذا طوق النجاة لشعب مصر مهما طالت الأيام أو قصرت ولله فى خلقه شئون

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق