لابديل عن مقاوم أو مستسلم !! ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 24 - 7 - 2006

الرئيس الفرنسى يبعث برئيس وزراءه إلى لبنان دعما للحكومة اللبنانية- رغم صمته على جرائم إسرائيل – وهذا شأن من يلعب سياسة تخدم مصالح الوطن بينما النظام المصري يرسل وزير خارجيته لأمريكا فى حوار إسترتيجى رغم عدم استنكاره هدم البنية الأساسية لحزب الله !!- وهذا هو الفارق بين دولة قوية وبين دولة اختزلت فى شخص أو مؤسسة تنظر لمصالحها بل لمصالح الشريك الإستراتيجى الأقوى خاصة وأن النظام المصرى لايملك من أوراق القوة شيئا فى مواجهة العالم الخارجى اليوم ! حتى أمام شعبه لم يعد يملك سوى الأمن المركزى الذى بات يحرس التزوير والتلفيق والسرقة والنهب المنظم والكل يتفرج داخل مؤسسة الحكم!!

ولعل موقف الحكومة المصرية من الكيان الصهيونى معلوم منذ نشأة الحزب الوطنى الذى كان وجوده شرطا لمناحم بيجين كى يوقع على المعاهدة مع مصر حتى لايصبح التوقيع مرتبط بوجود السادات بشخصه بل بوجود مؤسسة لذا تشكلت الأحزاب قيبل التوقيع النهائى للإتفاقية بل وكان من أهم شروط تكوين أى حزب آخر ضرورة الإعتراف بل حماية معاهدة كامب ديفيد المشهورة باتفاقية السلام وهو شرط تم إلغاؤه فقط فى عام 2005 عند تعديل قانون الأحزاب المصرية - ربما لمقدرة الدولة الآن من وأد أى حزب ينشأ دون الحاجة لهذا النص - ولكنه شاهدعلى ما أذكره من إرتباط نشأة الحزب الوطنى بتنفيذ المخططات التى أخرجت مصر من صراع لم يحسم بعد بل ما زال يهدد الأمن القومى المصرى فى كل لحظة وكان شؤما على الأمة العربية والإسلامية التى إستسلم حكامها بهذه الصورة المهينة والمخزية التى نراها فى ردود أفعالهم من الإجرام الصهيونى المدعوم أمريكيا ضد الشعبين الفلسطينى واللبنانى اليوم !!

فى ندوة عقدت فى مقر نواب الشعب من الإخوان فى دمنهور تحت عنوان ( المقاومة الإسلامية....الرسالة والمصير ) تحدث فيها الدكتور رفعت سيد أحمد والدكتور عبد الكريم العلوجى كانت هناك معلومات أرى أنه يجب طرحها على الرأى العام منها :

* أن حزب الله لم يكن فى حاجة للتأكيد على أن ما فعله من هجوم وأسر للجنديين الصهيونيين معلوم ومتفق عليه مع الحكومة اللبنانية وقد تم طرحه على مائدة الحوار اللبنانى – اللبنانى والمفاجأة كانت فى التوقيت فقط وهو أمر معلوم بداهة أنه لابد من السرية حتى على الكثيرين من حزب الله لتحقيق عنصر المباغته وليس كما صرح الغلابة الذين لا باع لهم فى السياسة أو غيرها من ضرورة إخبار الحكومة اللبنانية !! والإتفاق تم بهذه الصيغة "أنه لابد للمقاومة من أن تسترد الأراضى المحتلة فى مزارع شبعا مع ضرورة إطلاق سراح الأسرى من أيدى العدو "... ومعلوم أن الأسرى يتم تحريرهم فى مقابل أسرى !! فما الجديد إذن وإذا كان الشعب اللبنانى نفسه يدعم المقاومة الإسلامية فى الجنوب ويلقى بالمسئولية على إسرائيل وأمريكا والحكام العرب الذين وفروا الحماية والمظلة لقتل الشعب اللبنانى على مدار ثلاثة عشرة يوما حتى الآن !! فلماذا يصبح هؤلاء الحكام ملكيين أكثر من الملك !!

* أن حزب الله رغم إمتلاكه قوة عسكرية إلا أنها لاترى فى الشارع اللبنانى ولايمكن أن تجد سلاحا فى الشوارع أو فى مقرات الحزب وهو بذلك لم يوجه سلاحه أبدا ولو مجازا إلى الشعب اللبنانى وذلك من أسرار إلتفاف معظم الشارع اللبنانى حول حزب الله رغم التحريض واسع النطاق الذى يشنه العاجزون من الحكام العرب ضده !!

* أن حزب الله قد أتاح لكل فئات المجتمع اللبناني فرصة الانضمام له بغض النظر عن التوجه العقيدى لذا كان قراره بعد تحرير الجنوب بإنشاء سرايا المقاومة لينال كل اللبنانيين شرف مقاومة العدو الصهيوني وهذا مما يحسب له فى دولة متنوعة كلبنان .

في النهاية نجد أن خطورة الموقف فيما يخص المقاومة في فلسطين ولبنان هو حرمانها من العمق والبعد العربي والإسلامي الذي يؤمن لهم مدا وامتدادا وذلك بسبب استسلام الحكام لرغبات محور الشيطان الأمريكي الصهيوني إضافة إلى قمعهم لشعوبهم عندما أرادوا أن يعبروا عن غضبهم لما يحدث في أرض الجهاد مما أتاح لنا أن نرى مظاهرات في بلاد الغرب أكبر وأضخم مما يخرج فى بلاد العرب والمسلمين فبئس القيادة وبئس الرجال هم !!

والغريب أن هؤلاء الحكام يدفعون شعوبهم للفوضى والهياج – ولا أدرى بوعي أم بغير وعى !!- فالزيادات التي تشهدها مصر في الأسعار مع انهيار قيمة العملة وثبات الرواتب والتي تقهر الرجال في معاشهم وتزيد من ضراوة الحياة على ملايين الأسر التي لا تجد قوت يومها في مصر بل تصيب ما تبقى من الطبقة الوسطي في ركائز بقائها التي كانت تسمح لها أن تعيش مستورة ودون أن تشعر بالفقر والحرمان !! وتأتى ضغوط المواقف المصرية الخارجية المخزية لتزيد الإحتقان وتزيد من حالة الغضب ولا أدرى إلى أين تدفع الحكومة الشعب المصرى ؟ وهل هذا يصب فى خانة الفوضى الخلاقة وإعادة ترتيب المنطقة وفق الأجندة الأمريكية كما تصرح ستهم كوندى !!؟ الأمر خطير فالمقاومة قد نالت شرف الجهاد ولا خوف عليها من النهاية إما نصر أو شهادة والنصر – فى غياب الدعم العربى الإسلامى - قد يكون وقف إطلاق النار دون أن تحقق إسرائيل هدفها من إسترداد الجنديين وقد يكون تهديد العمق الصهيونى كما لم يحدث مطلقا من قبل !! أما نحن فقد نلنا ذل التواجد تحت قيادات خانعة هزيله تدعى الحكمة والواقعية وهى تعلم أن ما حدث فى لبنان وفلسطين سيحدث يوما ما فى سوريا ومصر !! ولن نجد أحدا يقف معنا وستفرض علينا الحرب يوما ما ونحن لاهون ودون أن نستعد لهذا اليوم كما ينبغى وهو ما حذرت منه فى لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشعب المصرى فى مايو 2002م أثناء أحداث جنين وطالبت بالاستعداد باقتصاد قوى لا يعتمد على الريع ولا الجباية وتعليم راق يهدف لإخراج مواطن مصرى قوى محب لدينه ووطنه وإعلام هادف بعيدا عن الإبتذال والتفاهة وحياة سياسية قوية توحد الأمة على الأهداف الكبرى تتحقق بالحرية وتحتمى بالعدالة وتتخلق بالقيم وتتربى على التضحية ونكران الذات إستعدادا ليوم المواجهة , ولكن ما تم حتى الآن يصب في مصلحة أعداء الوطن والأمة والدين !!

لقد عرفت المقاومة طريقها أما نحن فما زلنا نتلمسه وقد نفتعل المشاجرات بين بعضنا البعض , يشغلنا رغيف العيش دائما والعلاوة أحيانا والترقية تارة وصدارة الصورة تارة أخرى , ورغم أنه لم يعد لدى أحد أوراق جديدة للعب فلقد وضحت الصورة وتمايزت بين مقاوم أو مستسلم , فقد إمتلك زمام المقاومة قوم هناك ومازال المستسلمون هنا هم أصحاب الزمام فمتى تعتدل أو تنعدل كفتى الميزان لتعلو كفة المقاومة هنا وهناك ؟!!

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق